سلمى العالم

أكد عدد من أبناء الجالية العراقية في الإمارات أنهم يعيشون تجليات وروحانيات شهر رمضان الفضيل نفسها التي كانوا يشعرون بها في ربوع عراق الحضارة والتاريخ.

وأشاروا إلى أنهم ورغم أن ذكريات جميلة تتوارد إلى ذاكرتهم بمجرد دخول الشهر الفضيل، والتي يتضاعف معها الشعور بالحنين والشوق إلى الأهل والأصدقاء، فإنهم لم يشعروا بأي غربة في دار زايد ووطن التسامح، حيث العادات والتقاليد متشابهة.

ورغم أن العراق يمتلئ بالعادات والتقاليد التي تختلف من مدينة إلى أخرى، فإن هناك مظاهر عدة توحد العراقيين مع حلول الشهر المبارك، ومنها اجتماع الأهل والأصدقاء على مائدة واحدة، وكذلك الأطباق الدائرة بين الجيران، فضلاً عن لعبة المحيبس التراثية التي تمارس في الأحياء منذ مئات السنين وتنتهي بتذوق الزلابية والبقلاوة.

وتتميز المائدة الرمضانية العراقية بأنها عامرة بالأطباق الشهيرة كالدولمة والتشريب والسمك المسكوف، لكن تبقى شوربة العدس سيدة المائدة في كل إفطار، أما عن المشروبات فهي كثيرة لكن أشهرها شربت الزبيب وقمر الدين.

استعدادات مسبقة

أكدت العراقية شمم بيرام، المقيمة في الشارقة، أن العراقيين يستعدون لاستقبال الشهر مبكراً عبر شراء كل اللوازم التي يحتاجونها لتحضير الأطباق التقليدية التي تسافر بهم إلى ربوع العراق، مشيرة إلى أنها تبدأ بتحضير بعض المقبلات مسبقاً، خصوصاً التي تتطلب وقتاً وجهداً في التحضير، مثل: الكبة والبُرك (السمبوسك) المحشوة باللحم والخضراوات.

أخبار ذات صلة

«فطور العافية» تستهدف الأسر المتعففة في رأس الخيمة
رجال الدفاع المدني بأبوظبي: مــــــــــرابطون في الإفطار والسحور


تزيين المنزل

وتحرص الدكتورة دعاء السامرائي، المقيمة في دبي، على تزيين البيت بالفوانيس، حتى تدرك ابنتها البالغة من العمر خمس سنوات قيمة الاحتفاء بالشهر الفضيل.

وقالت «تتميز الأسر العراقية بعادات رمضانية تبدأ بتهنئة الأهل والأقارب بقدوم رمضان، ونحرص على أن يكون إفطار أول يوم جمعة من الشهر عائلياً يجتمع فيه الأجداد بأحفادهم وأبنائهم في بيت العائلة الكبير، والذي يجري من خلاله تقديم المأكولات العراقية، كالدولمة والسمك المسكوف وشوربة العدس، والعصائر العراقية مثل شربت الزبيب وقمر الدين».

ألعاب شعبية

ولفتت السامرائي إلى أنهم يميلون لممارسة الألعاب الشعبية العراقية الشهيرة، كلعبة الطاولة، ولعبة «المحيبس» التي يشتهر بها العراقيون ويخصصون الساعات التي تعقب صلاة التراويح لممارستها.

وينقسم اللاعبون إلى فريقين، يتراوح عدد لاعبي الفريق بين خمسة إلى عشرة أفراد تقريباً، حيث يجري إخفاء محبس (خاتم) بيد أحد أعضاء الفريق، وعلى الفريق المنافس معرفة الشخص الذي أخفاه بكفته، ويكرر اللاعبون كلمة «بات» في حال معرفة الشخص.

و«المحيبس» تصغير لكلمة محبس، وتعرف بمسمى آخر وهو «البات»، والتي يرجع تاريخها إلى ما يزيد على مئة عام، حيث ابتكرها البغداديون لتنتقل فيما بعد إلى بقية المحافظات العراقية شمالاً وجنوباً.

ويصل عدد لاعبي الفريق الواحد إلى أربعين فرداً، حي يمكن اعتبارها دورة رمضانية كما أنها انتشرت كذلك على مستوى دول الخليج العربي، والتي يطالب البعض بإحيائها كي تكون بطولة دولية.

وقالت «عادة ما ترافق اللعبة مجموعة من الأهازيج والأغاني التراثية العراقية، وتقديم صواني حلويات عراقية مثل: الزلابية والبقلاوة وزنود الست».

ثقافة واحدة

ولا يشعر العراقي مروان العزاوي بأي غربة على أرض الإمارات الطيبة، عازياً ذلك إلى أن هناك طقوساً كثيرة مشتركة بين البلدين، الأمر الذي هوّن عليه مرارة الابتعاد عن الأهل والأصدقاء.

وأكد حرصه على الترويج لثقافة وطنه بين أبناء الجاليات الأخرى التي تحتضنها الإمارات، منوهاً بحرصه كذلك على التعرف إلى عادات الشعوب الأخرى.يتملك حنين جارف شهد حامد حمّادي، المقيمة بالشارقة، للعديد من الطقوس الاجتماعية التي اعتادتها مع أقاربها بالعراق، كاجتماعهم في بيت الجد الكبير في أول أيام الشهر الفضيل، وحديث الجد مع أحفاده حول قيمة الصيام وتلاوة القرآن وأهمية التقرب إلى الله في هذه الأيام الفضيلة.وقالت «أذكر زيارات أمي وأبي السريعة لأقاربنا قبل الإفطار لتبادل أطباق الإفطار، وأطباق الحلويات، والتي ما زلت أحرص عليها حتى اليوم مع جاراتي وصديقاتي بالإمارات».

وعددت طقوساً ما زال أبناء الجالية حريصون على ممارستها مثل تعويد الأطفال على الصيام حتى منتصف اليوم، وإهداء الكبار للمصاحف التي انتهوا من تلاوتها للجامع، وارتداء الرجال للدشاديش وقبعة «العرقجين»، والجلابيات العراقية النسائية عند الذهاب لصلاة التراويح.