سلمى العالم

تعيش الجالية الجزائرية في الإمارات خلال رمضان أجواء مفعمة بنسائم إيمانية وروحانيات تمتزج ببعد اجتماعي وديني خاص أساسه التقرب إلى الله، وإشاعة روح التكافل الاجتماعي بين أبناء الجالية عبر «قفة رمضان».

وللجزائريين طقوس وعادات في استقبال الشهر الفضيل تختلف من منطقة إلى أخرى لكنها تلتقي في التعبير عن الفرحة بالضيف العزيز الذي اصطلح الجزائريون على تسميته بـ «سيدي رمضان» أو «عمي رمضان».

ويحرص أبناء الجالية الجزائرية على ممارسة طقوسهم الرمضانية التي تميزهم عن بقية الأقطار العربية، بدءاً من تهنئة رمضان التي يدعون فيها بالصحة والعافية لبعضهم «صحّ رمضانك.. جَوْزوه بالصحة والهناء»، وحتى الاستعدادات المتمثلة في مستلزمات المائدة.

وتختلف أصناف المأكولات وفقاً للتوزيع الجغرافي للسكان في محافظات الجزائر المختلفة، فعلى سبيل المثال يشتهر أهالي قسنطينة وعنّابة في شرقي الجزائر بشوربة الفريك، بينما يشتهر أهالي تلمسان وغرب الجزائر عموماً بشوربة الحريرة لقربهم من الحدود المغربية.

احتفاء بالصغار

وقالت الجزائرية صورايّة محمد سامعي، المقيمة في الإمارات منذ 16 عاماً: «مهما بعّدتنا المسافات عن وطننا، نبقى حريصين على تعليم أولادنا العادات التي تربينا عليها، فلا أزال أذكر احتفال جدتي عندما صمت للمرة الأولى، وانعكس هذا بدوره على رغبتي بالاحتفال بابني (10 أعوام)، كي نشاركه الفرحة ونجعله يدرك عظمة الصيام».

أخبار ذات صلة

«فطور العافية» تستهدف الأسر المتعففة في رأس الخيمة
رجال الدفاع المدني بأبوظبي: مــــــــــرابطون في الإفطار والسحور


وأكدت حرص الجزائريين على تشجيع أطفالهم على الصيام، إذ ينظمون لهم احتفالاً يدعون إليه الأقارب والأصدقاء، حيث تجري العادة بارتداء الطفل للثوب التقليدي، وإعداد «الشربات» مع وضعه في إناء بداخله خاتم من ذهب أو فضة، وذلك لتشجيعهم على الصوم ودفعهم للمواظبة على أداء هذه الفريضة.

وذكرت أن رمضان ارتبط لدى الجزائريين بمزاولة أحد الألعاب الشعبية الشهيرة بعد الإفطار التي تعرف باسم «البوقالة»، والتي تشهد مناظرة شعرية لأبيات تعرف بـ «البوقالات» يحفظها المشاركون عن ظهر قلب، ويأملون من خلال تلاوتها بأصوات عذبة تحقيق «الفال».

سهرات رمضانية

على الرغم من أن الكاتبة الجزائرية شهرزاد العربي، المقيمة في أبوظبي تبتعد عن الجزائر منذ فترة طويلة إلا أنها تتمسك بمزاولة الطقوس الرمضانية مثل تجمع العائلة على طاولة الإفطار وإحياء السهرات الرمضانية للاستماع إلى الموسيقى الصوفية التي اعتادت عليها بالجزائر.

وأشارت إلى أن مائدة الإفطار لا تخلو من وجود «البُرك» التي لا تغيب عن المائدة يومياً، والتي تعرف بالسمبوسك ببعض الأقطار العربية، والتي تحشى باللحم والبطاطس وبعضها الآخر بالبيض وغيرها من أنواع الحشوات المحببة لأفراد الأسرة.

مائدة عامرة

ولفتت سارة دبيحي، المقيمة بالشارقة منذ 24 عاماً أن طاجن الزيتون هو أشهر الطواجن الجزائرية، ويتكون من لحم الغنم والدجاج تعلوه طبقة من الزيتون إلى جانب البازلاء، وقد يجري حشي كرات اللحم بحبات الزيتون.

وتشير إلى أن الجزائريين يتناولون الطواجن بالخبز، أما الأرز فيقل تناوله عموماً في نظامهم الغذائي ويستبدل بالكسكسي والشخشوخة والتليتلي (الذي يشبه لسان العصفور).

ونوهت بأن ربات البيوت يعجن ويجهزن الخبز منزلياً بأشكال متنوعة، أبرزها: خبز «الدار» والذي يحتاج إلى فرن مخصوص، بينما خبز «الكِسرة» المكون من الدقيق والخميرة والماء وفي حال إضافة الزيت إليه يصبح اسمه «كِسرة مبسّى»، يتم تحضيره على طاجن مخصوص مصنوع من الطين يسمى «طاجن الكسرى».

أطباق شهيرة

واعتبرت دبيحي «لحم لحلو» من الأطباق الشهيرة على مائدة رمضان بالعاصمة الجزائرية، حيث يتكون من لحم الغنم و«العينة» أي الخوخ الأسود المجفف، ويضيف البعض حسب الرغبة بعض المكسرات واللحم المجفف.

ومن الأطعمة المشهورة كذلك طاجن «القرنون» (أي الأرض الشوكي) مع «جلبانة» أي البازلاء، والبعض يطهوها بدجاج أو لحم. أما «الشليطة» فمكونة من الفلفل والطماطم المشوية والثوم وزيت الزيتون.

وحول الطقوس الرمضانية التي تنوي مزاولتها مع ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات، قالت: «سأبدأ تعويد ابنتي على صيام نصف يوم كنوع من التدرج لإدراك قيمة الصيام وأهميته في تقدير النعمة وما يعاني منه الفقراء».

وأشارت إلى أن روح الخير تعم بين القادرين وينتشر ما يعرف باسم «قفة رمضان» التي يتصدق بها أهل الخير على الفقراء وتضم المواد الغذائية الأساسية.

حلويات رمضانية

وعن أشهر الحلويات أفاد عز الدين محمد المقيم في الشارقة من تسع سنوات بأن محافظات الوسط والشرق الجزائري تشتهر بأنها الأكثر تنوعاً بأصناف الحلويات الرمضانية التي تعتمد على اللوز والقليل من الجوز بشكل أساسي لإعداد «كعب الغزال» و«طميمة اللوز» و«البقلاوة» و«الهريسة» التي تشبه البسبوسة ببعض الأقطار العربية الأخرى، لافتاً إلى أن الجزائريين يحلون حلوياتهم إما بالعسل الطبيعي أو الشيرة أو كليهما معاً.

وذكر أن»الكسكسي الحلو» يأتي ضمن قائمة وجبات السحور، حيث يضاف للكسكسي بعض الزبدة والسكر والزبيب، وترش عليه المكسرات المطحونة حسب الرغبة، ويرافقه حليب رائب أو لبن، منوهاً بأن هذه الوجبة من الوجبات الخفيفة على المعدة التي تمد الجسم بالطاقة.