عزة سند

يمكن تلخيص طقوس شهر رمضان المبارك في الإمارات في «عبادة، وفضائل، وتمسك بالعادات والتقاليد»، ولن يجد الباحث في التاريخ اختلافاً كبيراً بين طقوس الماضي والحاضر، فالاستعدادات نفسها، إذ ما زالت المأكولات والمشروبات المتوارثة حاضرة وبقوة على المائدة، وهي المجالس العامرة نفسها ومظاهر الفرح والتكافل وصلة الأرحام ذاتها، التي تستحضر أجواء الماضي الأصيلة.

تتعاقب الأجيال ولا يطرأ على العادات الرمضانية في الإمارات أي تغيير يذكر، إذ تبدأ الاستعدادات لاستقبال الشهر الفضيل قبل أيام منه بتحضير مستلزماته وتجهيز مجالسه لاجتماعات الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء.

ولعل ذلك هو ما أضفى على الشهر، بالإضافة إلى قدسيته الدينية، مذاقه الاجتماعي المتفرد، فالمجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات تمسكاً بعاداته وتقاليده، والأكثر حرصاً على الحفاظ على تراثه وهويته الوطنية، لا سيما تلك العادات المرتبطة بشهر رمضان.

ويستقبل الإماراتيون شهر الرحمة والمغفرة بترحاب وبهجة كبيرة، عبر طقوس وعادات اجتماعية مميزة، تبدأ بتجهيز المير الرمضاني، كعادة أصيلة تقدم خلالها الهدايا للأهالي والأصدقاء، كنوع من صلة الرحم، بحسب الشاعرة شما النيادي.

وتؤكد النيادي أن مظاهر السعادة بقدوم الشهر تتجلى في فرح الصغار أيضاً والتكافل الاجتماعي وصلة الأرحام، وهي أمور يحرص الإماراتيون على تكرارها كل عام لتعيدنا جميعها للعيش في أجواء الماضي، بدفئه وتسامحه وأصالته، مشيرة إلى أن عادة التزاور بين الأهل والجيران لا تزال من أبرز العادات الباقية حتى اليوم.

ألعاب وطلقات

أخبار ذات صلة

«فطور العافية» تستهدف الأسر المتعففة في رأس الخيمة
رجال الدفاع المدني بأبوظبي: مــــــــــرابطون في الإفطار والسحور


وأشار الوالد رامس الظاهري، إلى أن أهل الإمارات يكونون على أهبة الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل الذي يعد شهر العبادة والفضائل والتمسك بالعادات والتقاليد والطاعة والمغفرة والنفحات الإيمانية الطيبة، وهو شهر الخير والدعاء والاستغفار وقيام الليل.

ولفت إلى أن سماء الإمارات كانت وما زالت ترحب بطلقات مدفع الإفطار، فضلاً عن أصوات ألعاب الأطفال الشعبية وأصوات المؤذنين والمصلين خلال صلاة قيام الليل، بالإضافة إلى قراءة القرآن ومحاولات الأهالي ختمه مرات عدة.

وذكر أن للأطفال أجواء خاصة، إذ يبدأون اللعب بعد صلاة المغرب بألعاب معروفة مثل عظيم لواح، والمدفع وعمبر ويوريد والهول والمسلسل وغيرها.

اجتماع على المائدة

ولفتت الباحثة التراثية غاية الظاهري إلى أن وجبة الإفطار كانت بسيطة خفيفة وكذلك السحور، فيتناول الصائمون التمر واللبن، ويذهب الرجال إلى المساجد وكل واحد منهم يحمل أطباقاً مما لذ وطاب وبعد انقضاء الصلاة يجتمع المصلون في رواق المسجد الخارجي، صغاراً وكباراً، لتناول شيء قليل من المائدة العامرة، ويدعون كل من يمر بهم ليشاركهم مائدة الخير والبركة.

وتنقل الظاهري ذكريات السحور وتقول يعد «المسحر» أبرز ما يميز رمضان، وهو رجل تطوع بتنبيه الناس بموعد السحور كل ليلة، إذ يمر على البيوت، حاملاً طبلاً صغيراً يطرقه خمس طرقات وهو يردد: «قم يا نايم قم.. قومك أخير من نومك».

وأشارت إلى أن المسحر لم يقتصر عمله على أيام الشهر الفضيل بل يمتد إلى ليلة العيد، إذ يجوب لإيقاظ أهل الفريج لصلاة العيد، ومن ثم يطوف على البيوت ليتلقى مكافأة عمله، ويستقبله الناس بالترحاب ويتبادلون معه التهاني، ويغدقون عليه العطايا والهدايا، ومن عطاياهم تكون زكاة فطرهم كذلك.حول موائد الإفطار الجماعية، يرجع مبارك العميمي بذاكرته راوياً أنها كانت تنتشر في كل الأحياء، إذ يجتمع الأهالي على الموائد الجماعية بمجرد أن يبدأ الشهر الفضيل ويتشارك الجميع تناول المأكولات الشهيرة مثل الأرز والهريس والمحلى والعصيدة واللقيمات، ومن الحلويات الخبيصة والبثيثة والخنفروش والبلاليط وغيرها. ولفت إلى أن زيارة الأهل والأقارب بعد صلاة التراويح من أبرز ما يشتهر به الإماراتيون في رمضان، وهي العادة التي لا تزال مستمرة حتى الآن.