الرؤية

فاجأت شركة هواوي الصينية العالم بعد أقل من أسبوع واحد من فرض حظر أمريكي على تزويدها بالمكونات التكنولوجية والبرمجيات التي تصنعها وتطورها الشركات الأمريكية، بأنها تطور ومنذ فترة طويلة برنامجاً تشغيلاً بديلاً لنظام تشغيل أندرويد، الذي طورته شركة غوغل الأمريكية.

وبحسب مدير مجموعة الإلكترونيات الاستهلاكية في شركة هواوي ريتشارد يو، فإن نظام التشغيل الجديد سيكون متاحاً في الصين بنهاية العام الجاري، فيما سيكون متاحاً في بقية دول العالم في الربع الأول أو الثاني من العام المقبل.

ورغم أن المعلومات المتوافرة عن نظام التشغيل الصيني الجديد شحيحة للغاية إلا أن النظام الذي بدأ تطويره قبل سبع سنوات وبالتحديد في عام 2012 يحمل اسم (Hong Meng).

ويبدو اسم نظام التشغيل الجديد الذي سجل في مكتب حقوق الملكية الوطني الصيني غريباً بعض الشيء لكنه لا يخلو من دلالة استراتيجية، فالاسم هو لشخصية لعبت دوراً محورياً في ما قبل تشكيل العالم في الأساطير الصينية.

وانتحال الاسم هنا يستدعي إعادة تشكيل عالم الإلكترونيات، الذي تمكنت فيه شركة هواوي من انتزاع لقب ثاني أكبر مصنع للهواتف في العالم من شركة أبل الأمريكية في العام الماضي، وتستعد لإزاحة شركة سامسونغ الكورية الجنوبية عن عرش صناعة الهواتف الذكية في العالم العام المقبل.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن نظام التشغيل الجديد سيكون منصة متعددة الأغراض تدير الهواتف والكومبيوترات المحمولة والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء، بل وحتى السيارات ذاتية القيادة، ما يعني أن شركة هواوي لن تستغني فقط عن نظام تشغيل الهواتف أندرويد الذي تنتجه غوغل، وإنما أيضاً نظام تشغيل ويندوز الذي يدير أجهزة الكومبيوتر التي تنتجها شركة مايكروسوفت.

أخبار ذات صلة

سوق أبوظبي يستقر أعلى 9400 نقطة عند الافتتاح
سلطان الجابر: الأمن والاستقرار وجودة الحياة أحد أهم ممكناتنا الصناعية


والأهم من ذلك أن نظام التشغيل الجديد يمكنه العمل مع كل التطبيقات المتوافقة مع نظام أندرويد، التي طورتها أطراف ثالثة، رغم أن ذلك سيحتاج إلى بعض التعديلات في هذه التطبيقات لتناسب النظام الصيني الجديد ما يقلل من كفاءة تشغيلها وقدرتها على الثبات على الأقل في المرحلة الأولى لحين الانتهاء من إيجاد حلول لكل المشكلات التقنية المتوقعة.

وبعبارة أدق، فإن تطوير نظام تشغيل بديل لنظام أندرويد ليس هو المشكلة، وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في قدرة هذا النظام على استيعاب مئات الآلاف من التطبيقات المتاحة على متجر بلاي ستور التي طورتها أطراف ثالثة، والتي لن يرغب المستهلكون حول العالم بدونها في شراء هواتفها.

وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة لشركة هواوي، التي تبيع نصف هواتفها في مختلف دول العالم، فيما تبيع النصف الآخر في الصين، وبما أن خدمات غوغل ممنوعة أصلاً في الصين من جانب الحكومة الصينية، فإن الأسواق الخارجية هي ما يهم هواوي، وقد واجهت شركة سامسونغ منافس هواوي اللدود صعوبات مماثلة في تطوير نظام تشغيل خاص بها يحمل اسم تازان.

ورغم أن هواوي طورت متجر تطبيقات خاص بها تحت اسم (أب جاليري) إلا أن الشركة تصر على أنها لن تمضي قدماً في تبني نظام التشغيل إلا إذا حرمت بصورة دائمة من استخدام نظام أندوريد الذي ترى أنه نظام جيد ويلبي احتياجات متعاملي الشركة.

وتتمثل الصعوبة التي تواجه هواوي في هذا المجال في إقناع المطورين بتطوير تطبيقات حصرية لنظام التشغيل الصيني، طالما أن شركة هواوي نفسها غير واثقة من المضي قدماً في تبني منصة التشغيل الجديدة.

والأهم من ذلك أن شركة هواوي نفسها لا ترغب في حالة تبني المنصة الجديدة أن تجد نفسها مسؤولة عن إصدار شهادات الموثوقية للبرامج ومعالجة الثغرات الأمنية وإصدار التحديثات، وهي تحديات يمكن أن تنحرف بالشركة عن هدفها الأساسي المتمثل في الابتكار.

وهذه الأسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن نظام التشغيل الجديد ليس إلا «دواء مسكناً» هدفها طمأنة الأسواق والحفاظ على ثقة المتعاملين لحين حسم خيارات المعركة التي فجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخلطه بين السياسة والتكنولوجيا، وبين المفاوضات والعقوبات، متوهماً أن تركيع شركة يضمن له الانتصار على دولة بحجم الصين.