سلمى العالم

يحمل شهر رمضان المبارك للجالية الإثيوبية في الإمارات أكثر من معنى، فبالإضافة إلى أنه شهر القرآن الكريم والأجواء الإيمانية، هو شهر تسعى فيه الروح إلى الاغتسال من أدران الآثام والترقي في مدارج السالكين.

وتفوح طقوس الإثيوبيين في شهر رمضان بعبق رائحة قهوتهم الشهيرة، إذ يجمعون بين العمل والعبادة فهو بالنسبة لهم شهر نفيس لا ينبغي أن تضيع لحظات ليله ولا نهاره إلا في التزود بالطاعات.

وتعد الجالية الإثيوبية من الجاليات الإفريقية التي تشكل كثافةً سكانية بين الجاليات المقيمة بالإمارات، لذا ليس من الصعب تلمس طقوسهم الرمضانية التي يؤكدون أنها ثابتة منذ عصور، ويعتبرون الترتيب والتحضير للشهر الفضيل واجباً دينياً.

وتعد المائدة الإثيوبية من الموائد الإفريقية الغنية التي تعتمد على الأطعمة الغنية بالبروتينات والكربوهيدرات، فضلاً عن اعتمادها على أحد أصناف الخبز الحبشي الذي يجري تحضيره من دقيق التف، ويعرف باسم «أنجيرا».

وطن السلام

وفي زيارة لإحدى الأسر الإثيوبية المقيمة بالشارقة، استقبلتنا فضيلة أول حسين بوجهها البشوش، خصوصاً أن باب بيتها مفتوح للجميع طيلة أيام الشهر الفضيل، وهي إحدى عادات أهالي إثيوبيا في استقبال الزوار والجيران، إذ يجري مد سفرة مما لذ وطاب من الأطباق التقليدية لكل الأصدقاء والجيران.

أخبار ذات صلة

«فطور العافية» تستهدف الأسر المتعففة في رأس الخيمة
رجال الدفاع المدني بأبوظبي: مــــــــــرابطون في الإفطار والسحور


وأكدت فضيلة، المقيمة بالإمارات منذ 20 عاماً مع أبنائها الثلاثة، أنها باتت تقضي الشهر الفضيل بالإمارات طيلة الـ 20 عاماً الماضية، منوهة بالأجواء الروحانية الحميمية التي تستمتع بها مع أقاربها وأصدقائها المقيمين بالإمارات خلال الشهر الفضيل، فضلاً عن أجواء الألفة والمودة التي يعيشونها مع جيرانهم من جنسيات وأعراق أخرى.

وأضافت: اعتدت على الإقامة بالإمارات، فأصبح حبي وانتمائي لهذه البلاد يكبر يوماً بعد يوم، ولا أعتقد بأن ما أنعم به هنا من حب وأمان وسلام، سأجده في أي بلد آخر.

البركة في اللمة

وحول المائدة الرمضانية الإثيوبية، قالت: تتميز المائدة الرمضانية ببركتها لأنها تعتمد على لمة العائلة والأصحاب، وتشهد تحضير ثلاثة إلى أربعة أصناف من الأطباق الإثيوبية كالعدس الأحمر والعدس الأصفر وكذلك طبق الـ «قومان» وهو نوع من الخضراوات التي تشبه السبانخ، التي تؤكل جميعها بخبز الأنجيرا الحبشي، والذي يتم استيراده من إثيوبيا خصيصاً، وهو مكون من دقيق التف والخميرة واللبن الرائب والملح والليمون، ويميل طعمه للحموضة والمرارة معاً.

وأشارت إلى أن خبز الأنجيرا يعد من أشهر أنواع الخبز الحبشي، الذي يجري تصديره من إثيوبيا إلى العديد من بلدان العالم العربي وأوروبا، فهو شبيه بخبز الكسرى الذي يتناوله السودانيون.

ولفتت إلى أن من بين الأطباق الشهيرة على المائدة الرمضانية طبق الـ «قونفو»، الذي يشبه طبق الهريس الإماراتي، فهو مكون من القمح المطبوخ وتعتليه طبقة من السمن الإثيوبي، لكن دون إضافة اللحم أوالدجاج.

وأضافت بأن هنالك بعض الأطباق الشرقية التي اعتادوا على تناولها في ظل إقامتهم بالإمارات كالسمبوسة والهريس، أما الشوربة التي هي أساسية على مائدة رمضان، فتأتي شوربة الشعير يضاف إليها بعض السمن الإثيوبي والثوم، وتجمع في مذاقها نكهة شوربة الفريك والشوفان.

أجواء روحانية

وأشارت ياسمين علي، المقيمة بالشارقة، إلى أن الأجواء الرمضانية للجالية الإثيوبية مثلها مثل أي طقوس يمارسها المسلمون عامةً، إذ يحرصون على صلاة التراويح وقيام الليل بشكل مكثف في العشر الأواخر من رمضان، فضلاً عن التجهيزات الاحتفالية بالعيد عبر صنع الحلويات وشراء ملابس جديدة وزينة البيت وغيرها.

في حين أكدت سليمة أول حسين، المقيمة بالشارقة، أن القهوة الإثيوبية التي تسمى باللغة المحلية الدارجة لديهم بـ «بنّا»، تعد من الطقوس الأساسية الرمضانية لدى أسر الأغنياء والفقراء على حد سواء، إذ يجري تحميص حبات البن بإناء فخاري، فتفوح رائحتها بالمنزل ويعتبرونها من الروائح الزكية التي تعطر منازلهم، ثم يطحنونها ويغلونها طازجة في إبريق يعرف بـ «جَبَنة» مصنوع من الفخار.

ولفتت إلى أن البعض يميل لتناولها مع الحليب أوالسكر، لكسر طعمها الذي يميل للحموضة ويحمل نكهة زيت الزيتون، إذ أشارت سليمة بأن أشجار البن عادةً ما يُزرع بجانبها أشجار الزيتون والحمضيات.

*مظلة التسامح

أكد إدريس محمود المقيم في دبي أنه في ظل دولة التسامح يشعر في أيام الشهر الفضيل بأقصى درجات ضبط النفس وهو ما يساعده على عدم الوقوع في السيئات، مشيراً إلى أنه يحرص على التصالح مع من حوله.

ولفت إلى أن الإثيوبيين يستقبلون الشهر بحالة من الحراك لإعداد الأغراض اللازمة، مشيراً إلى أنهم يجتهدون في الاهتمام برمضان رغبة منهم في القبول من الله.