الرؤية ـ دبي

أثبت التاريخ على مدار السنوات أن التحالف والشراكة الفاعلة وتطابق الأهداف والرؤى بين الإمارات والسعودية، في مختلف المجالات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وصولاً إلى التعاون العسكري، أسس نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.. نموذج ظل وسيظل قائماً وصلباً في مواجهة التحديات المحدقة بأمن واستقرار المنطقة والعالم.. نموذج قوي وراسخ تعززه روابط الإخوة والدم والإرث والمصير المشترك.. نموذج قائم على علاقات ضاربة في جذور التاريخ وممتدة إلى آفاق المستقبل.. إنه نموذج الإمارات والسعودية.

شعب واحد

يعكس احتفاء الإمارات ومشاركتها الرسمية والشعبية في احتفالات اليوم الوطني الـ 89 للمملكة العربية السعودية، الذي يصادف اليوم الموافق 23 سبتمبر، عمق العلاقات بين البلدين التي تجاوزت مفهوم التعاون الثنائي بين دول الجوار، لتنتقل نحو الشراكة الاستراتيجية التي تعززت عبر التضحيات المشتركة وتعمقت عبر التنسيق والحوار الصادق.

وحدة المصير

تبلور التوافق السياسي بين البلدين الشقيقين منذ تأسيس دولة الاتحاد وقيام دولة الإمارات، ويرجع الفضل في تأسيس العلاقات المتينة ما بين البلدين إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، اللذين حرصا على نهج التنسيق والتعاون المستمر بين البلدين، وقد استمرت هذه العلاقات في تميزها بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

وتحولت العلاقات الثنائية بين البلدين خلال العقد الأخير إلى نموذج لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.

أخبار ذات صلة

الين الياباني يهوي لأدنى مستوى في 24 عاماً أمام الدولار الأمريكي
زيادة صادرات الصين من السيارات الكهربائية أكثر من الضعف


وتمثل العلاقات الإماراتية - السعودية ضمانة قوية للأمن القومي الخليجي والعربي بوجه عام، بالنظر إلى تطابق وجهات نظَرَي البلدين الشقيقين تجاه مجمل قضايا المنطقة، وتعاونهما البنَّاء والمثمر في التعامل مع التحديات التي تواجهها؛ وفي مقدمتها التصدي لخطر التطرف والإرهاب، والقوى والأطراف الداعمة له، ومواجهة التدخلات الخارجية في دول المنطقة.

درع الجزيرة

أسهم التوافق الثنائي بين الإمارات والسعودية في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخهما يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية، وظهر هذا التوافق على مدى التاريخ في العديد من المناسبات، منها دعم مصر في حرب 1973، وحرب تحرير الكويت 1991، وتحمل الجانبان العبء الأكبر في التصدي لحركة الاحتجاجات التي شهدتها مملكة البحرين الشقيقة في مارس عام 2011، وقادا تحركاً عاماً لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات «درع الجزيرة» إلى مملكة البحرين، انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول المجلس، وهو الأمر الذي كان له عظيم الأثر في إعادة حفظ الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين.

إرهاب قطر

لعبت الإمارات والسعودية دوراً محورياً في الحفاظ على التماسك داخل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي هذا السياق جاء القرار الذي اتخذته كل من الإمارات والسعودية ومعهما مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية في الخامس من يونيو 2017، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد استنفاد كل المحاولات الدبلوماسية لإعادة قطر إلى الإجماع الخليجي والعربي، وبعد أن فاض الكيل جراء سياساتها ومواقفها الأخيرة التي تنطوي على تهديد واضح للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.

كما توافقت الرؤى الإماراتية السعودية في مجابهة الدعم التركي لجماعة الإخوان الإرهابية والتصدي لمساعي التغلغل في الدول العربية، ودعم القضية الفلسطينية، والعمل سوياً على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.

تخريب إيران

يحسب للإمارات والسعودية أنهما كشفتا الأدوار التخريبية التي تقوم بها إيران في زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، ولعل مخرجات القمتين الخليجية - الأمريكية، والقمة الإسلامية - الأمريكية بالرياض في مايو 2017 تؤكد ذلك بوضوح، كما يتفق الجانبان على ضرورة التصدي لأنشطة إيران الخبيثة وميليشياتها الإرهابية في دول المنطقة، وجاء إعلان كل من الإمارات والسعودية انضمامهما إلى التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية لمواجهة العمليات التخريبية الإرهابية التي وقعت أخيراً في منطقة الخليج العربي وتهدد أمن الملاحة البحرية وإمدادات النفط العالمية والتي تحمل بصمات إيرانية.

دعم الشرعية

جاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية والذراع الإماراتية القوية مدعوماً من دول المنطقة ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.

محاربة الإرهاب

أدركت الإمارات والسعودية أن تنظيم داعش الإرهابي ليس سوى امتداد لتطرف رعته التنظيمات الإرهابية فكرياً لخدمة أهدافها السياسية، ولهذا انضم البلدان إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتصدي للتطرف والإرهاب، حيث شاركا بقوة وفاعلية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في عام 2014، كما تقوم الإمارات والسعودية بدور محوري ورئيس في الحرب الدولية ضد التطرف والإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية، وهي جهود تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع.

وفي الوقت الذي اتجهت فيه السعودية نحو إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، كانت دولة الإمارات من أولى الدول الحاضرة بقوة فيه.

استراتيجية العزم

تؤمن دولة الإمارات بأن المملكة العربية السعودية تشكل صمام أمان الأمة وحاملة راية الدفاع عن مصالحها ضد جميع الأطماع والمشاريع التي تهدف إلى شق وحدة الصف العربي.

وشهدت العلاقات الثنائية نقلة نوعية تمثلت في حرص قيادة البلدين الشقيقين على مأسسة هذه العلاقات عبر تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، وقد عملت هذه اللجنة على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة وذلك في إطار كيان قوي متماسك بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.

وتوجت العلاقات بين البلدين في 16 مايو 2016 بتوقيع اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إذ عقد اجتماعه الأول في السابع من يونيو العام الماضي برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتم خلاله الإعلان عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً من خلال «استراتيجية العزم».

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الاجتماع «لدينا فرصة تاريخية لخلق نموذج تكامل عربي استثنائي، وبتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا، ونقوي اقتصاداتنا، ونبني مستقبلاً أفضل لشعوبنا».

وفي يونيو 2018 رفعت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مستوى العلاقات الثنائية بينهما إلى مراحل غير مسبوقة اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن «استراتيجية العزم» التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية وخلال 12 شهراً.