في احتفالها بعيدها الوطني الـ 89 تؤكد المملكة العربية السعودية من جديد شموخ هذا الوطن وعزته، وإصرار قادته وشعبه على المضي قُدُماً في مسيرة التقدم والإنجاز ودفع قطار التنمية والبناء في كل الحياة، والتي بدأها الأسلاف ويواصل دفعها للأمام الأبناء بشعار «همة حتى القمة» ليعبر بعمق عن استمرار العمل الدؤوب لبلوغ هذا الهدف النبيل، ولا شك أن هذه الإنجازات وتلك المكانة التي وصلت لها المملكة هي امتداد لمسيرة عمل وعطاء مستمرة منذ أن صدر المرسوم الملكي (2716) الذي أعلنه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، في 17 جمادى الأولى من عام 1351هـجرياً، معلناً ميلاد دولة أصبحت محط أنظار العالم، بعد أن حول اسمها من «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» إلى المملكة العربية السعودية، في 21 جمادى الأولى 1351 هجرياً، الموافق 23 سبتمبر 1932 ميلادياً، تكليلاً لمسيرة نضال وكفاح لتوحيد بقاع مشتتة ومناطق متناثرة تحت راية واحدة.

استعادة الرياض

في الخامس من شوال عام 1319هـجرياً الموافق 15 يناير 1902ميلادياً، تمكن الملك عبدالعزيز من استعادة الرياض عاصمة أسلافه مؤسسي الدولة السعودية الثانية، والعودة بأسرته إليها. وبعد استرداد الرياض واصل جلالة الملك عبدالعزيز كفاحاً مسلحاً لما يزيد على 30 عاماً من أجل توحيد مملكته، وتمكن من توحيد العديد من المناطق من أهمها: جنوب نجد وسدير والوشم سنة 1320هجرياً / 1902ميلادياً، من ثم القصيم 1322 هـجرياً /1904ميلادياً، ثم الأحساء سنة 1331هجرياً/ 1913ميلادياً، وصولاً إلى عسير التي تمكن من ضمها إلى مملكته سنة 1338هـجرياً / 1919ميلادياً، ثم توجه إلى حائل عام 1340هـجرياً/ 1921ميلادياً. إلى أن تمكّن الملك عبدالعزيز من ضم منطقة الحجاز بين عامي 1343 و1344 هـجرياً الموافقة لعام 1925ميلادياً، وفي عام 1349 هجرياً / 1930ميلادياً، تكللت جهوده بتوحيد منطقة جازان، ليعلن بعدها بعامين في شهر سبتمبر الملك المؤسس توحيد البلاد وتسميتها باسم المملكة العربية السعودية.

منذ ذلك الحين تحتفل المملكة العربية السعودية بهذا اليوم من كلّ عام، وتشهد كافة مناطقها وقطاعاتها المختلفة مظاهر احتفالية متنوعة تذكر بتاريخ المملكة العريق وكيف خاضت الدولة هذا المخاض منذ ما يزيد على قرن من الزمان حتى تبوأت هذه المكانة في المنطقة والعالم.

السعودية الأولى

فمع بدايات القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) كانت منطقة الجزيرة العربية تعيش حالة من الفوضى السياسية، في ظل ضعف الوازع الديني الناجم عن انتشار البدع والخرافات. ووفقاً للبوابة الوطنية التابعة لوزارة الاتصالات السعودية، فقد وصف المؤرخون الحالة السياسية والاجتماعية في شبه الجزيرة العربية في تلك الفترة بالتفكك وانعدام الأمن، وكثرة الإمارات المتناثرة والمتناحرة.

أخبار ذات صلة

الين الياباني يهوي لأدنى مستوى في 24 عاماً أمام الدولار الأمريكي
زيادة صادرات الصين من السيارات الكهربائية أكثر من الضعف


ويعتبر عام 1157هـ/ 1744م هو العام المحوري في تأسيس الدولة السعودية الأولى بعد لقاء تاريخي جمع أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، والذي تبايعا خلاله على البدء في الدعوة الإصلاحية القائمة على كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصبح ذلك هو الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية وعاصمتها الدرعية في قلب شبه الجزيرة العربية.

وتمكن أئمة الدولة السعودية الأولى من توحيد معظم مناطق شبه الجزيرة العربية، ونقلها إلى عهد جديد اتسم بالاستقرار وانتشار الأمن، وتطبيق الشريعة الإسلامية في نواحي الحياة كافة، لكن ذلك الوضع بدأ يقلق الدولة العثمانية التي أرسلت حملات عسكرية حتى قضت على الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ /1818م بتدمير وهدم الدرعية والعديد من المناطق المحيطة بها.

السعودية الثانية

على الرغم من القمع العثماني والخراب الذي خلّفته حملات التدمير على الدرعية واصل قادة شبه الجزيرة العربية جهودهم للتحرر من الاحتلال العثماني آنذاك، وحافظ الأهالي في البادية والحاضرة على ولائهم وتقديرهم لأسرة آل سعود التي أسست الدولة السعودية الأولى، وتشبثوا بمناصرتهم للدعوة السلفية، فلم يمضِ عامان من نهاية الدولة السعودية الأولى حتى عاد قادة آل سعود إلى الظهور مجددا لإعادة تكوين الدولة السعودية. وكانت المحاولة الأولى عام 1235هـ/1820م عندما حاول الأمير مشاري بن سعود إعادة الحكم السعودي في الدرعية، لكنها لم تدم سوى بضعة أشهر، ثم تلتها محاولة ناجحة قادها الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود في عام 1240هـ/1824م أدت إلى تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض. واستمرت الدولة السعودية الثانية على الأسس والركائز نفسها التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى من حيث اعتمادها على الإسلام ونشر الأمن والاستقرار وتطبيق الشريعة الإسلامية. وكانت النظم الإدارية والمالية مشابهة لتلك التي كانت في الدولة السعودية الأولى، كما ازدهرت العلوم والآداب في ظل الدولة السعودية الثانية، حتى انتهت عام 1891هـ/ 1309م عندما غادر الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الرياض، إثر حدوث الخلافات بين أبناء الإمام فيصل بن تركي، وسيطرة محمد بن رشيد حاكم حائل عليها.