محمد سيف

لا جدال على أن تطور التكنولوجيا المتسارع في السنوات الأخيرة أفاد البشر كثيراً في العديد من نواحي الحياة، لكنه وللأسف لم يخلُ من الأضرار والوجوه المظلمة، وأحد تلك الوجوه إن لم يكن أشهدها ظلاماً هو «التلفيق العميق».

والتلفيق العميق (Deepfake) هو مصطلح يطلق على ظاهرة استخدام التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي لإنتاج صور ومقاطع فيديو ملفقة، لإلحاق الضرر بالبعض وتهديدهم وابتزازهم في كثير من الأحيان.

ووفقاً لتقرير حديث نشرته شركة «ديبتريس» الهولندية للأمن السيبراني، فإن 96% من مقاطع الفيديو الملفقة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي هي مقاطع جنسية، وقد تجاوز عدد مشاهديها 134 مليون شخص، وجميع تلك المقاطع تستهدف الإضرار بنساء، حيث تلفق لهن مشاهد أو صوراً جنسية ليس لها أي أساس من الصحة.

سلاح ضد المرأة

وعن ذلك، تؤكد دانيللي سيترون، أستاذة القانون بجامعة بوسطن ومؤلفة كتاب «جرائم الكراهية في الفضاء السيبراني»، أن التلفيق العميق يستخدم بشكل أساسي كسلاح ضد المرأة، من أجل ابتزازها وإخضاعها، أو الانتقام منها في حالات العلاقات العاطفية الفاشلة.

وقالت سيترون: «تقنية التلفيق العميق تستخدم كسلاح ضد النساء وذلك عن طريق إضافة وجوههن داخل مقاطع فيديو ملفقة. إنه شيء مخيف ومحرج ومحقّر».

أخبار ذات صلة

من بينها تطبيق إسلامي.. أبل تحذف 17 تطبيقاً ضاراً من متجرها
"تويتر": زعماء العالم ليسوا فوق قواعدنا


وأضافت: «التلفيق العميق يقول للنساء إن أجسادهن ليست ملكهن، وأنه من الصعب عليهن أن يبقين على الإنترنت في أمان».

ويذكر التقرير أنه منذ ديسمبر عام 2018، فإن الشركة وجدت ما يقرب من 15 ألف مقطع فيديو ملفق، بزيادة قدرها 100% عن الفترة السابقة، حيث كانت نسبة المقاطع الجنسية الملفقة ذاتها 96%.

حظر ولكن

وفي العام الماضي، حظر موقع ريديت (reddit) قسماً يختص بمقاطع التلفيق العميق وصناعها. كما اكتشفت الشركة الهولندية أكثر من 20 تجمعاً لصناع مقاطع التلفيق العميق تضم أكثر من 100 ألف عضو.

وزاد من سوء الوضع التطور الكبير الذي لحق بلوغاريتمات تغيير الوجوه وتطبيقات تعليم الآلات (machine learning) في العام الأخير، كان من نتائجه إصدار تطبيق للهواتف ينتج صوراً عارية من أي صورة محتشمة، قبل أن يتم إغلاقه من قبل مطوريه بعد الضرر الشديد الذي سببه.

وحالياً، تعج شبكة الإنترنت بالتطبيقات والخدمات التي يمكنها إنتاج مثل هذه المقاطع في دقائق معدودة ودون أن تكون لديه حتى أي خبرة تقنية.

ورغم أن نسبة المقاطع الجنسية تبلغ 96% من التلفيق العميق، فإن هناك العديد من الحالات التي أثارت العديد من المشاكل مثل فيديو للرئيسي الغابوني علي بونغو، وآخر لرجلين سياسيين ماليزيين، وثالث لمارك زوكربرغ مؤسس موقع فيسبوك.

ومع المزيد من التطور التكنولوجي، سيكون من العسير حقاً التأكد من مصداقية مقاطع الفيديو المصورة في المستقبل القريب، فهل يمكن تخيل كيف سينعكس ذلك على المجتمع؟