مصعب قسم الله

انحنت جماهير أليانز أرينا معقل يوفنتوس أمس السبت للصربي سينيسا ميهايلوفيتش مدرب خصمها بولونيا ضمن الجولة الثامنة من دوري الدرجة الأولى الإيطالي، والتي كسبها اليوفي بهدفين مقابل هدف، ليواصل التحليق في صدارة الكالشيو برصيد 22 نقطة، وبفارق 4 نقاط عن أقرب مطارديه إنتر ميلان.

التصفيقات الحارة قصدت بها جماهير السيدة العجوز دعم المدرب البالغ من العمر 50 عاماً، والذي يصارع مرض سرطان الدم (اللوكيميا) منذ أشهر، مواصلاً تحديه ورغبته الكبيرة في التغلب عليه.

منذ الساعات الأولى لإعلان إصابة ميهايلوفيتش بالمرض العضال، لم تنهال عليه فقط رسائل التعاطف والدعم، مثلما يحدث في الحالات المماثلة، وإنما حملت تلك الرسائل طابع الرهان على تمكن الصربي من قهر المرض، إذ ظل على الدوام يتحلى بالقوة اللازمة لهزيمة مثل هذه التحديات.

الأقرباء من ميهايلوفيتش بنوا رهانهم على حوادث متفرقة واجهت الصربي في صغره وقهرها بسلاحي الإصرار والعزيمة، أما من زاملوه أو المنتمون بشكل عام إلى حقل الساحرة المستديرة، فاستعادوا ذكريات ميهايلوفيتش اللاعب الذي طالما قاتل في الملاعب وحقق طموحاته الكروية، متغلباً على الكثير من المعضلات التي كانت كفيلة بعرقلة مسيرة أي لاعب.

معاناة الصغر

في تقرير لصحيفة لاغزيتا ديلو سبورت أخيراً، وبعد أن كالت عبارات الثناء للمدرب على قراراته الأخير باستمراره في التدريب، خلصت إلى أن ميهايلوفيتش البارع في تخطي الأزمات، يواجه المعركة الأخيرة والأكثر صلابة، ورأت أنه بدأ في التعامل معها بالشكل المطلوب بعد أن فضّل المواجهة على التواري والاختفاء.

أخبار ذات صلة

رايان اير: مشاكل قطاع الطيران سوف تستمر خلال فصل الصيف
جيرونا يقتنص بطاقة العودة للدوري الإسباني من عقر دار تينيريفي


وبعودة سريعة إلى سيرة المدرب الصربي، تتكشف بعض من الحقائق مفادها أن دخوله إلى عالم الكرة نفسه والنبوغ فيه كان بمنزلة معركة، فالطفل الصغير لم يجد طريقاً مفروشاً بالورود لممارسة شغفه، وذلك نسبة لشظف العيش الذي كانت تعانيه أسرته في مدينة بورفو ناسليجي الكرواتية.

وهناك كان يعمل والده بوغدان سائق شاحنة، في حين كانت والدته فيكتورجيا صانعة أحذية يدوية.

ومنح ذلك الوضع ميهايلوفيتش الكثير من العزيمة لتغييره، وهو ما عبر عنه سينسيا لازيك زميله في مرحلة الصبا تلك في تصريحات لموقع بليزاد الصربي، قائلاً «ميهايلوفيتش كان مقاتلاً في جميع الجبهات، خصوصاً في مسيرته كطالب».

وأضاف «كان من الطلاب المميزين، مستواه أهله لدخول المدرسة التقنية، لكن نظراً لتوقيتها المسائي، الذي سيحرمه من مواصلة تدريباته في عالم الكرة، تركها، لينضم إلى مدرسة غريبة، كانت تؤهل منتسبيها للعمل في إنتاج الأحذية». وأردف «كل من انتسب لتلك المدرسة، كان عليه عدم الحلم باللعب، الجميع قادم من أسر ميسورة، وآباؤهم يريدون منهم التركيز لكي يتخرجوا ويعملوا، لكن ميهايلوفيتش غيّر ذلك الوضع».

شجاعة

أستاذ ميهايلوفيتش في المرحلة التالية لتلك المدرسة، حكى قصة أخرى، ربما تصب في اتجاه صلابة وقوة المدرب الصربي الحالي، وأيضاً تفضيله مواجهة أي أمر مهما عظم، وهنا يستذكر نيبوجيسا سيربيك «ميهايلوفيتش كان صدامياً، في إحدى المرات كان يلعب ضمن فريقنا، كان هنالك لاعب ضخم، ربما يصل طوله إلى مترين، لا أحد كان يجرؤ على الاقتراب منه، في إحدى المرات واجهه ميهايلوفيتش ووقف قريباً ووجه له إهانات، لكي يوقفه عن تسلطه».

مسيرة

بدأ ميهايلوفيتش مسيرته الكروية في نادي أتش أن كي بوروفو الكرواتي، قبل أن ينتقل إلى النجم الأحمر الصربي، ومنه إلى روما الإيطالي الذي أمضى معه موسمين فاشلين، وصفهما ميهايلوفيتش نفسه فيما بعد بأنهما الأسوأ في مسيرته.

وكانت فترته الذهبية مع لاتسيو الذي حقق معه لقب الكالشيو، وأيضاً أكثر فريق لعب في صفوفه بواقع ستة مواسم.

وكان في لاتسيو نجم الجماهير، وذلك بعد أن أصبح متخصصاً في تسديد الضربات الثابتة، التي طالما دكت شباك خصومهم.

وفي لاتسيو أيضاً كان على موعد مع محنة، إذ جرى إيقافه لـ8 مباريات بعد تعمده البصق على وجه مهاجم تشيلسي أدريان موتو، لكنه رغم ذلك عاد قوياً وواصل مسيرته مع لاتسيو، كما أنه نال الكثير من حب الجماهير نظير استماتته في دفاع الفريق، قبل أن ينتقل إلى التدريب ويقود 9 أندية أبرزها بولونيا وسامبدوريا وإنتر ميلان وروما.

تحدٍّ

منذ إصابته بالمرض هذا الصيف، توقع الجميع أن يودع ميهايلوفيتش المنطقة الفنية لبولونيا، لكن المدرب الصربي رفض ذلك، وقال إنه كالعادة سيواجهه مثلما يواجه خصومه في الكالشيو، وهو أمر نقله إلى لاعبيه.

ولا ينفك الأطباء يحذرونه من أن الأمر ليس بالسهولة، مفضلين بقاءه في المنزل على الذهاب إلى الملعب، لكن ميهايلوفيتش تمسك بقراره، قبل أن يدير آخر حصتين تدريبيتين لفريقه قبل السفر إلى تورينو أمس الأول، وهو الذي تصادف مع جلسة علاج كيميائي للمدرب في بولونيا.