زين العابدين البخاري

خلال 4 عقود.. حصدت العمليات الإرهابية المنفذة من قبل جماعات دينية متطرفة أرواح أكثر من 167 ألف شخص حول العالم، مشكلة بذلك خريطة رُسمت بالدماء وامتدت لتشمل عشرات الدول من مختلف أنحاء العالم.

لكن العالم الإسلامي كان الأكثر تضرراً، باستحواذه على نحو 90% من العمليات الإرهابية المسجلة في العقود الأربعة الماضية، وأكثر من 91% من الضحايا، وفقاً لدراسة صدرت عن مؤسسة «L'innovation politique» الفرنسية.

ورصدت الدراسة مسار تطور الإرهاب في العالم في الفترة بين 27 ديسمبر 1979 و31 أغسطس 2019، وأفادت بأن عدد عمليات الجماعات المتطرفة في تلك الفترة بلغ 33 ألفاً و769 عملية.

واعتمد مؤلفو الدراسة في تعريفهم لمفهوم الإرهاب على أنه تعبير عن أي عنف أو تهديد بالعنف بشكل غير مشروع من قبل طرف فاعل غير الدولة، وذلك من أجل الوصول إلى أهداف سياسية، اقتصادية، دينية، أو اجتماعية.

بداية الظهور

أشار باحثو «L'innovation politique»، التي أسسها المستشار السابق للرئيس الفرنسي جاك شيراك، جيروم مونود، إلى أنهم اختاروا تاريخ 1979 كمنطلق لرصد مسار تطور الجماعات الإرهابية في العالم الإسلامي، إذ شهد بداية صعود الخطاب الديني المتطرف مع تعثر التيار القومي في العالم العربي، إضافة إلى ارتباط ذلك العام بأحداث غيرت مسار التاريخ مثل التدخل السوفيتي في أفغانستان وتوقيع اتفاق كامب ديفيد، والأهم من ذلك الثورة الخمينية في إيران.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية


وقال الخبير في شؤون التنظيمات المتطرفة أحمد بان، في حديث مع «الرؤية»، إن هذه الحقبة شهدت أكبر حشد لإعداد معسكرات العنف بحجة نصرة المظلومين في أفغانستان، وهو ما انتهى مع اشتعال المعارك بين أمراء الحرب الأفغان بتوجيه هذه المعسكرات نحو النكاية في الأعداء وتجذير فلسفة العنف ضد المخالفين.

وأشار بان إلى دور ثورة الخميني في إيران في تحفيز الحركات الإسلامية للاستيلاء على السلطة واستخدام العنف من أجل قلب نظام الحكم، لافتاً إلى العلاقة الوطيدة التي ربطت قادة تنظيم الإخوان الإرهابي بإيران في تلك الفترة.



الدول الأكثر تضرراً

تصدرت أفغانستان قائمة الدول الأكثر تعرضاً لعمليات الجماعات الدينية الإرهابية خلال العقود الأربعة الماضية.

وبلغ عدد العمليات التي ضربت أفغانستان في هذه الفترة 8460 عملية، حصدت أرواح أكثر من 36 ألف شخص، بمتوسط 4.3 قتيل للعملية الواحدة.

وعلى الرغم من أن العراق حل ثانياً في هذه القائمة برصيد 6265 عملية إرهابية، إلا أن عدد القتلى كان أكثر من أفغانستان، إذ تجاوز 41 ألف قتيل، بمتوسط 6.6 قتيل في كل عملية.

وجاءت الصومال في المركز الثالث بـ3134 عملية حصدت أرواح 9334 شخصاً، تلتها نيجيريا برصيد 2260 عملية قتلت 18500 شخص.

وسجلت الولايات المتحدة المعدل الأكبر في نسبة سقوط الضحايا بسبب العمليات الإرهابية، بنسبة 64 قتيلاً في المتوسط في العملية الواحدة، فيما شهدت 48 عملية أدت إلى مقتل 3114 قتيلاً.

ضحايا الإرهاب العرب

إضافة إلى العراق والصومال، سجلت الدراسة من الدول العربية وقوع 1390 عملية في الجزائر، قتلت 4800 شخص و1340 عملية في سوريا، حصدت أرواح أكثر من 14 ألف شخص، مقابل 1185 عملية في اليمن أسفرت عن سقوط 4702 قتيل.

وفي مصر، رصد التقرير 977 عملية، خلفت 2972 ضحية، فيما بلغ عدد العمليات في ليبيا 699 عملية، قتلت 1472 شخصاً.

وحصدت 506 عمليات في لبنان أرواح 1103 أشخاص، كما قتلت 67 عملية 266 شخصاً في تونس، وقضت 19 عملية في الأردن على أرواح 101 شخص خلال فترة الدراسة.

ووقعت عمليتان في الإمارات خلال تلك الفترة لكن دون سقوط ضحايا، بحسب الدراسة.

السباق الدموي

أظهرت الدراسة أن تنظيم «داعش» كان الجماعة الأكثر دموية في تاريخ الإرهاب منذ 1979، حيث حصدت عملياته أرواح 52619 شخصاً.

وذلك مقابل 39733 لجماعة طالبان في أفغانستان، و22287 لجماعة «بوكو حرام» في غرب أفريقيا و14680 لتنظيم «القاعدة».

وتعد هذه التنظيمات الأربع مسؤولة، وفق الدراسة، عن 77.4% من عمليات إرهاب الجماعات المتطرفة منذ 1979.

وبصورة عامة، شكلت دول العالم الإسلامي مسرحاً لنسبة 89.1% من عمليات التنظيمات الإرهابية بواقع 30105 عمليات من إجمالي الهجمات المسجلة في فترة الرصد.



تصاعد في عدد القتلى

ووفقاً لقاعدة البيانات التي أعدها مؤلفو الدراسة التي صدرت في 80 صفحة، فإن العمليات الإرهابية تقتل في المتوسط 4.9 شخص، فيما سجلت نسبة الضحايا تزايداً مطرداً عبر مختلف حقب الدراسة.

وفي الفترة بين 1979 و2000 كانت نسبة القتلى مقارنة مع عدد العمليات 3.1 قتيل، فيما زادت في الفترة بين 2001 - 2012 إلى 4.6 قتيل، وارتفعت خلال 2013 ـ 2019 إلى 5.2 قتيل في العملية الواحدة.

وأكد أحمد بان خبير الجماعات المتطرفة أن رفض الجماعات الإرهابية لفكرة الدولة المدنية الحديثة، يقف وراء الزيادة المطردة في العمليات الإرهابية في العالم الإسلامي خلال العقود الماضية، حيث تسعى هذه الجماعات لفرض نموذج متوهم من الدولة يناسب أفكار منتسبيها المتطرفين.