دانية الشمعة

تبحث ابتكارات ومشاريع طلابية ضمن التخصصات العلمية في الجامعات عن حاضنات تسلط الضوء على أهمية تلك الأفكار واستثمارها باعتبارها نواة لأعمال اقتصادية ذات جدوى.

ووفقاً لخريجين جامعيين، فإن تلك المشاريع بشكل عام تستنزف من الطلبة وقتاً كبيراً لتنفيذها، والبعض منها يستحق أن يتحول لمشاريع وابتكارات خارج حدود الجامعات، مقترحين تأسيس جهة مهمتها دراسة مشاريع تخرج الطلبة وانتقاء ما يمكن استثماره وتطويره والعمل عليه.

وأوضح طلبة جامعيون أن الضغوط الكبيرة التي يعايشها الطالب في السنة الأخيرة تجعله مشتتاً وغير قادر على التفكير طويل الأمد، إذ يكون هدفه التخرج وحماسه ينصب على إيجاد فرصة عمل مناسبة بعد ذلك، معترفين بأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية فيما يخص تطوير مشاريعهم، مطالبين في الوقت نفسه بتنظيم معارض مفتوحة لتلك الابتكارات والمشاريع بهدف نفض الغبار عنها.

من جانبهم أكد مسؤولو جامعات محلية أن المسؤولية مشتركة بين الطالب والمؤسسة التعليمية لتطوير المشاريع الطلابية، موضحين أن الفرص متاحة أمام المجتهدين والمميزين، إلا أن حماس الطالب واندفاعه نحو التطور هو العامل المؤثر في مستقبل مشروعه.

بدورها، أعربت جهات حكومية عن استعدادها لاستقبال كل الأفكار المبدعة والمشاريع المبتكرة من الشباب، مؤكدين أن الأبواب مفتوحة دائماً أمام أي فكرة شبابية تساعد على تطوير العمل المؤسسي.

إرشاد الخريجين

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة


وذكرت عالية الزعابي أن الفرصة إن أتيحت للطلاب فلن يتقاعس أحد عن تطوير ومتابعة المشاريع بعد التخرج، مؤكدة أن الاهتمام والتوجيه من قبل الجامعة ضروري ويوازي متابعة الطالب لاستكمال جهوده.

عالية الزعابي


وأيدتها ميرة القمزي في أهمية دعم المؤسسة التعليمية للطلبة وتوفير التوجيه اللازم بعد التخرج، موضحة أن كثيراً من الابتكارات تحتاج لدعم ومثابرة حتى تنال ما تستحق.

ميرة القمزي


واقترحت ميثة الغفلي تأسيس جهة معنية بدعم مشاريع الطلبة بعد التخرج، إذ بينت أنه لا يوجد دعم حقيقي وفعلي لأفكار الطلبة، كما يواجهون أحياناً ضعف الإرشاد للاستمرار، ووجود مكتب معني للتوجيه يحمس الطالب ليبدع ويرى إمكانية لتطبيق أفكاره في الواقع.

ميثة الغفلي


وأضافت أن إجراءات الحصول على براءة اختراع أو التقدم بالمشروع لينال حقه من التعريف عنه، تكون طويلة ومجهدة وتحتاج لتفرغ وتوجيه من المختصين وهو أمر من الصعب على الطالب أو المتخرج أن يقوم به بنفسه.

مسؤولية الطالب

وألقت وضحى المهري من كلية الابتكار التقني المسؤولية على الطلبة أنفسهم فيما يخص متابعة تطوير مشروعاتهم، مشيرة إلى أنهم يتعرضون لضغط كبير في السنة الدراسية الأخيرة، ما يجعلهم يحاولون الانتهاء من المشروع والانتقال للمرحلة التالية والاستقرار بوظيفة.

وأوضحت ميثاء عبدالغفار أن جهود الطلاب في السنة الأخيرة تكون مضنية وتتراكم عليهم المشاريع والاختبارات، الأمر الذي يستنفذ الطالب ويجعل هدفه إنهاء الدراسة من دون خطط لتطوير أي مشروع، مؤكدة أن المشرفين لهم التأثير الأكبر في الدعم قدماً أو إحباطهم.

ولفت ماجد الحمادي إلى أن حاجة الطالب للعمل بعد الجامعة وقلة الحوافز التي تقدمها المراكز البحثية هما أكبر العوامل المؤثرة في بقاء مشاريع التخرج حبيسة الأدراج، إذ يتطلب استكمالها وتطويرها الوقت والجهد والمساحة التي تكلف الطالب وحده من دون أن يرى مستقبلاً واضحاً لما يفعل.

ماجد الحمادي


وأشارت الجامعية جواهر محمود إلى أن سبب عدم اجتهاد الطلبة بعد التخرج للعمل على مشروعاتهم يعود إما للضغط النفسي والذهني الذي يتعرض له الطالب بسبب ضيق الوقت وكثرة المطلوب في الفصل الأخير، أو اعتقاده أن مشروعه غير مجدٍ من دون أن يلمس حماس الآخرين لتطويره، مناشدة الجامعات ضرورة فتح المجال أمام الطلبة لاستعراض مشاريعهم في معارض مفتوحة للزوار، ما يمنحهم فرصة أكبر لتبني مشروعاتهم من قبل مطورين.

جواهر محمود


مراكز بحثية

وبيّن نائب العميد لشؤون الطلبة في كلية الابتكار التقني بجامعة زايد الدكتور عمر الفندي أن الطالب هو المسؤول الأول عن مشروعه، وعليه مسؤولية تطويره ومتابعته، مؤكداً أن الجامعة تخطط لإنجاز مشروع في 2022، يتيح الاستفادة من مشاريع تخرج الطلبة القدامى من قبل المستجدين، كما يمكّن الجامعة من تطبيق بعض المشاريع أو تطويرها واستكمالها.

وبسؤاله عن سبب تراكم بعض مشاريع التخرج واقتصار وجودها في أدراج الجامعات، أوضح الفندي أن كثيراً من المشاريع يتم نشرها في مجلات علمية، كما تسهل الجامعة تبني المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، لافتاً إلى أن على الطلبة التحلي بالصبر والثقة بالنفس والإصرار، ومنهم من ينجز مشروع التخرج ويطمح بعدها للوظيفة فقط.

وقال إن على الجامعات تحمل مسؤولية تقييم المشاريع بشكل دقيق وانتقاء الأفضل منها وتوجيه الطلبة وتشجيعهم للاستمرار في البحث وتطوير ما وصلوا إليه، ناصحاً الطلبة بإبقاء خطوط التواصل مع جامعاتهم مفتوحة أو مع أي مركز بحث علمي، حتى يفسح المجال لابتكاره بالاستمرارية والتبلور.

وكشف الفندي أن جامعة زايد في طور إنشاء 6 مراكز بحثية سيبدأ العمل عليها في 2020، وستأخذ الجامعة في عين الاعتبار المشاريع السابقة لترشيح المناسب منها ليكون ضمن البحوث وفي النهاية يعود الأمر للطالب، قائلاً: «يد واحدة لا تصفق».

مسؤولية مشتركة

من جانبه، أوضح عميد كلية الابتكار التكنولوجي بجامعة زايد الدكتور هاني القاضي أن مسؤولية متابعة المشاريع بعد التخرج تقع على عاتق الطالب والجامعة معاً، مؤكداً أن حاجة الطالب لوظيفة تحتم عليه اختيار العمل على حساب العلم، مشيراً إلى أن الحل يكمن في إيجاد طرق جديدة لتبني المشاريع والاهتمام بالتغطية الإعلامية لمشاريع التخرج الطلابية بشكل عام.

وأفاد نائب الرئيس الأول للخدمات الأكاديمية والطلابية في جامعة خليفة الدكتور أحمد الشعيبي بأن الطلبة يتوجب عليهم التمسك بمشاريعهم ومتابعتها بعد التخرج، وبعد اختيار الجامعة للمشروعات المتميزة تظل البقية كمشاريع بحثية ضمن أرشيف الجامعة.

وأكد أن كل طالب تقع عليه مسؤولية متابعة مشروعه، مشيراً إلى أن جامعة خليفة لا تخرّج مهندسين بل قادة، وإن لم يكن حب الطالب لمشروعه وعمله حافزاً له فلن يحصل على الدعم المطلوب، خاصة إن لم يملك الشغف والقناعة الشخصية للتطبيق والاستمرار، مؤكداً أن الرهان على الشباب اليوم أن يتابع كلٌ عمله ليقنع الناس بفكره وعلمه ويفيد مجتمعه وبلاده.

ولفت الشعيبي إلى أن الجامعة استطاعت مد الجسور وردم الفجوة بين العلم والتطبيق العملي من خلال مركز خليفة للابتكار، إذ منحت الطلبة فرصة حل المشاكل الحقيقية على أرض الواقع وليست مشاكل افتراضية.

وتابع: «يمكن لكافة الطلبة التقدم بمشاريعهم، وإدارة الجامعة تعمل على تقييم أداء الطالب وسيرته الذاتية لاختيار الأفضل في الأداء العلمي»، ولفت الشعيبي إلى حصول الطلبة على مخصصات ومكافآت وكامل الدعم لما بعد مرحلة البحث العلمي، كأن ينشر المشروع في المجلات العلمية، والحصول على براءات اختراع، إلى جانب دخول معظم المشاريع في مسابقات للتنافس محلياً وعالمياً.

ما بعد التخرج

وذكر مدير مركز «أبتيك»، المتخصص في الابتكار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالوكالة الأستاذ المساعد في جامعة خليفة الدكتور نواف الموسى أن العمل جارٍ لتحويل بعض المشاريع الطلابية إلى شركات ناشئة بعد الحصول على براءة الاختراع للأفكار، مبيناً أن المركز حقق حتى الآن ما يزيد على 60 براءة اختراع.

وقال الموسى: «اختيار مشاريع الطلبة في أبتيك لا يعتمد على الجانب البحثي فقط بل يجب أن تكون موجهة لتطبيقها عملياً وتحقق عوائد استثمارية»، وعن دعم الطلبة بعد التخرج، أجاب بأن الخيار للطلبة حسب طموحهم وميولهم إلا أن المركز يعمل على دعمهم وتوجيههم قائلاً: «نحن نأخذ المهارات ونطورها وندعم من يملك الحس التجاري وننمي مهارات الحس البحثي».

معوقات التطوير

من جهته، رأى الباحث والمخترع الدكتور سعيد حسن الخزرجي من المعهد البترولي بأبوظبي، أن هناك بوادر جيدة من قبل الطلبة للتميز في مجال الابتكار العلمي، إلا أن المعوقات التي تواجه استمرارهم تتمثل في الملل أو الحاجة للراحة بعد عام دراسي حافل، وعدم تحصيل الدعم الكافي للمشروع، أو أن المنتج بفي حد ذاته لا ينافس.

وأضاف: «الطلبة يملكون الدافع للابتكار إلا أنهم بحاجة للاطلاع على عدد أكبر من الأمثلة الناجحة.. كما أن الطموح يتفاوت من طالب لآخر.. فهناك من يملك الفكر والطاقة ومن يريد الحياة الاعتيادية.. إلى جانب أن 95% من الأساتذة يعملون على نشر الورقة العلمية وبراءة الاختراع بعد المشروع ويتوقفون».

ووجه الطلبة إلى الإيمان بإنجازاتهم والمضي قدماً حتى الوصول بمشروعهم إلى الهدف المنشود، مبيناً أن الطالب عليه أن يبادر ويجتهد وألا يتوقف عند نقطة معينة حتى حين التخرج، وأن الفشل جزء أساسي من النجاح والتميز.

تعزيز الابتكار

من جانبها أكدت المديرة التنفيذية لقطاع الجودة البيئية في هيئة البيئة - أبوظبي المهندسة شيخة الحوسني أن الهيئة أبرمت عدة مذكرات تفاهم مع جامعات داخل الدولة لتعزيز البحث والابتكار في مجالات الطاقة المتجددة والبيئة.

ولفتت إلى أن مجال البحث العلمي لا يستقطب الطلبة بشكل كافٍ لعدة أسباب، إلا أن الهيئة تتوجه للطلاب في ورش عمل للبحث عن حلول في عدد من المجالات، مؤكدة أن أبواب الهيئة مفتوحة لكل الأفكار الخلاقة من المشاريع الطلابية.

من جهة أخرى، ذكر رئيس قسم الدراسات والمعايير لقطاع البنية التحتية وأصول البلدية في أبوظبي المهندس حمد محسن عبدالله أن دائرة البلديات والنقل تدعم المشاريع الطلابية ومستعدة لاستقبال الابتكارات المنبثقة عن مشاريع التخرج وتبني تلك التي تدعم خدماتها وأهدافها على المدى الطويل.

وأكد أن البلدية نظمت ورشة عمل متخصصة تحمل شعار الإبداع والابتكار، لتوليد الأفكار المبتكرة التي تخدم مشاريع البلديات ضمن استخدامات الذكاء الاصطناعي وتوظيفه ومشاركة الشباب تطلعاتهم والاستماع إلى رؤيتهم، وذلك ضمن قمة أبوظبي للمدينة الذكية.

دعوة مفتوحة

بسؤاله عن آلية استغلال مشاريع تخرج الطلبة في مجال البيئة، قال وزير التغير المناخي والبيئة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي لـ«الرؤية» إن الوزارة تنفذ مجموعة من المبادرات لدعم ابتكارات الشباب، لافتاً إلى إطلاق مبادرة «كليكس» منذ عامين، وهي منصة تجمع ابتكارات الشباب مع جهات التمويل والاستثمار المهتمة بهذا المجال بهدف تحويلها إلى واقع فعلي.

وأكد أن الدعوة مفتوحة وعامة لكافة المبدعين من طلبة الجامعات بتقديم مشاريعهم المبتكرة إلى الوزارة، مشجعاً إياهم على المبادرة والمشاركة في مسابقة الهاكاثون.