محمد ريان

أعلنت نيوزيلندا رفع كل التدابير المتعلقة بوباء كورونا (كوفيد-19) ابتداء من غد الثلاثاء، باستثناء قيود إغلاق الحدود بعد القضاء على الفيروس داخل أراضيها، كما اقترح أساتذة بالصحة العامة 5 طرق قد تُمكّن البلاد من «تصفير» عداد حالات كورونا وتفادي تهديدات صحية في المستقبل.

فاليوم الاثنين، وللمرة الأولى منذ 28 فبراير الماضي، لا توجد في البلاد حالات نشطة بالفيروس، ووفقاً لجامعة أوتاجو، فمن المرجح جداً الآن أن تكون نيوزيلندا قد نجحت في القضاء تماماً على الفيروس، بحسب صحيفة «الغارديان».

وسجلت نيوزيلندا 1154 حالة مؤكدة (ويبلغ مجموع الحالات المؤكدة والمحتملة 1504 حالات)، كما توفي 22 شخصاً.

وبحسب الصحيفة البريطانية، تحتاج نيوزيلندا إلى إصلاح عاجل للنظام الصحي، بما في ذلك إنشاء وكالة وطنية جديدة للصحة العامة للوقاية من الأمراض ومكافحتها.

تجنب الرضا عن الذات - وتفشي حالات جديدة

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»

يبدو أن استراتيجية القضاء على الفيروس الحاسمة التي تتبناها نيوزيلندا نجحت، ولكن من السهل الشعور بالرضا عن الذات. وشهدت كثير من البلدان الأخرى التي تتبنى نهجاً لاحتواء الفيروس حالات تفشٍ جديدة، ولا سيما سنغافورة وكوريا الجنوبية وأستراليا.

وقضت نيوزيلندا أشهراً في توسيع قدراتها للقضاء على فيروس كورونا. ولكن الحفاظ على هذا سيُشكّل تحدياً كبيراً.

ولا تزال المطارات والموانئ ومرافق الحجر الصحي مواقع محتملة لنقل العدوى من الخارج، خاصة في ضوء الضغوط التي تمارس لزيادة أعداد الوافدين إلى البلاد.

5 طرق رئيسية لحماية الصحة في نيوزيلندا على المدى الطويل

وكما كانت نيوزيلندا مستعدة لمواجهة الوباء، فإن فترة ما بعد القضاء عليه تتطلب «أكبر قدر من روح المبادرة». وفيما يلي 5 طرق رئيسية لإدارة المخاطر لتحقيق حماية دائمة لنيوزيلندا من كورونا وغيره من تهديدات خطيرة للصحة العامة.

1- ترسيخ استخدام عام لأقنعة الوجه الواقية المصنوعة من القماش في ظروف معينة

تعتمد الحماية الصحية على حواجز متعددة تحول دون الإصابة أو التلوث. وهذا هو حجر الزاوية في حماية مياه الشرب وسلامة الغذاء والحدود من الاجتياحات التي تشنها العوامل البيولوجية.

ومع انتهاء عملية التباعد الجسدي، على الحكومة أن تفكر بجدية في جعل ارتداء القناع إلزامياً في وسائل النقل العام وعلى متن الطائرات وعند مراقبة الحدود وفي مرافق الحجر الصحي.

أما تدابير النظافة الشخصية الأخرى (البقاء في المنزل إذا كنت مريضاً، وغسل اليدين، والسعال في المرفقين) فهي غير كافية عندما يكون انتقال العدوى غالباً من أشخاص يبدون بخير، ويمكن أن ينشروا الفيروس ببساطة عن طريق التنفس والتحدث.

قاعدة الأدلة التي تثبت فعالية حتى أقنعة الوجه المصنوعة من القماش البسيط أصبحت الآن قوية، وذلك طبقاً لدراسة منهجية نُشرت مؤخراً في مجلة «لانسيت».

كما حدّثت منظمة الصحة العالمية إرشاداتها للتوصية بأن يرتدي الجميع أقنعة واقية من القماش في المناطق العامة التي يوجد فيها خطر انتقال العدوى.

ومن خلال ترسيخ ثقافة استخدام أقنعة الوجه في ظروف معينة في نيوزيلندا، سيُسهّل من عملية توسيع نطاق استخدامها إذا لزم الأمر في حالات تفشي الفيروس في المستقبل.

2- تحسين فعالية تتبع مخالطي المرضى باستخدام الأدوات الرقمية المناسبة

ويظل النظام الوطني في نيوزيلندا لتتبع مخالطي المرضى يشكل تدبيراً حاسماً لمنع تفشي الأوبئة في حالة فشل ضوابط الحدود. ولكن هناك إمكانية كبيرة لاستخدام أدوات رقمية جديدة لتعزيز العمليات الحالية.

وتبدو التطبيقات القابلة للتحميل غير كافية وتقوم كل من نيوزيلندا وسنغافورة بالتحقق من الأجهزة التي تدعم استخدام خاصية بلوتوث والتي يبدو أنها تعمل بشكل أفضل ويمكن توزيعها على جميع المقيمين.

3- تطبيق نهج علمي لإدارة الحدود

إن العودة الحذرة إلى مستويات أعلى من السفر داخلياً وخارجياً مهمة لأسباب اقتصادية وإنسانية، ولكن البلاد بحاجة إلى تقييم المخاطر بعناية.

ويشمل هذا الانفتاح عمليتين مختلفتين تماماً. إحداهما توسيع الفئات الحالية من الأشخاص المسموح لهم بدخول نيوزيلندا إلى ما هو أبعد من السكان وأسرهم وعدد قليل من آخرين. وهذا يتطلب عادة استمرار الحجر الصحي المعتاد لمدة 14 يوماً، إلى أن يتم تحسين طرق أفضل.

أما التوسع المحتمل الآخر فهو دخول البلاد من دون الحجر الصحي، والذي سيكون أكثر أماناً من بلدان تحقق أهدافاً مماثلة للقضاء على الفيروس.

4- إنشاء وكالة وطنية متخصصة للصحة العامة

حتى قبل أن يضرب كورونا نيوزيلندا، كان من الواضح أن البنية الأساسية الوطنية للصحة العامة قد فشلت بعد عقود من الإهمال والتجزؤ والتدهور. ومن الأمثلة البارزة على فشل النظام الصحي تفشي داء الكامبيلوباكتر الشمالي في عام 2016 ووباء الحصبة في عام 2019.

لذا يجب إجراء تقييم مؤقت لاستجابة نظام الصحة العامة لكورونا الآن، وليس بعد الوباء، إضافة إلى إنشاء وكالة وطنية متخصصة في مجال الصحة العامة تتولى قيادة مكافحة الأمراض والوقاية منها.

وبوسع مثل هذه الوكالة أن تساعد في تجنب الحاجة إلى عمليات الإغلاق من خلال الكشف المبكر والعمل في مواجهة تهديدات الأمراض المعدية الناشئة، كما حققته تايوان أثناء الوباء الحالي.

5- الالتزام بالتغيير الجذري لتجنب التهديدات العالمية الكبرى

إن لوباء كورونا آثاراً صحية واجتماعية مدمرة على الصعيد العالمي. وحتى إذا تمت السيطرة عليه باستخدام لقاح أو مضادات للفيروسات، فإن تهديدات صحية أخرى كبيرة تظل قائمة، بما في ذلك تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتهديدات الوجودية (على سبيل المثال، الأوبئة الناجمة عن التطورات في البيولوجيا الاصطناعية).

كما أن هذه التهديدات تحتاج إلى اهتمام عاجل، حيث إن التعافي من حالة الإغلاق يوفر فرصة لتحقيق تحول مستدام في اقتصادنا يعالج أهدافاً صحية وبيئية واجتماعية أوسع نطاقاً.