سلمان إسماعيل

تخيم أجواء الإحباط على حياة اللبنانيين الذين خرجوا في أكتوبر من العام الماضي مطالبين بالتغيير ومحاسبة الفاسدين وتحسين الأوضاع الاقتصادية وتفادي الانهيار الذي بات واقعاً مؤلماً بعد 8 أشهر من بدء الحراك الشعبي، بحسب نشطاء ومحللين لبنانيين تحدثوا لـ«الرؤية».

وهزت أنباء انتحار شابين بسبب الظروف المعيشية، أمس الجمعة، الشارع اللبناني الذي لم يتصور أبداً أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة مع تلاشي أحلام التغيير والعيش الكريم.

المحامي والناشط الحقوقي اللبناني، فاروق المغربي، يرى أن حلم التغيير تحول إلى كابوس، وأن المخاوف التي دفعت اللبنانيين إلى التظاهر قبل 8 أشهر باتت واقعاً، فنسب الفقر ترتفع، والقوة الشرائية للعملة الوطنية تنهار، والأوضاع مأساوية.

وقال المغربي لـ«الرؤية»، إن هناك عدة عوامل أدت لفشل الحراك المطالب بالتغيير، وأحدها أن الحكومة والأحزاب الحاكمة ظلت متماسكة ولعبت على أن نفس المواطن قصير، وأن الاحتجاجات ستتوقف، كما أن جائحة كورونا زادت الأمر تعقيداً، لافتاً إلى أن النتيجة التي وصل لها لبنان خاصة على الصعيد الاقتصادي دفعت الناس إلى الاحتجاج بإنهاء حياتهم.

ويحوم شبح الجوع والفقر في كثير من بيوت اللبنانيين، وزادت أرقام البطالة في كل المناطق اللبنانية، وتشير إحصاءات إلى أن أكثر من 130 ألف شخص فقدوا وظائفهم منذ بداية العام الحالي نتيجة الأزمة الاقتصادية.

وأضاف المغربي، أن الناس أصبحوا لا يرون المستقبل، فالواقع مؤلم، وهناك أسر لا تجد ما تطعم به أولادها، وأن المشهد الذي رآه العالم في أكتوبر الماضي تحول كلياً، وبدلاً من تحسن الأوضاع، ازدادت حدة الازمة، مطالباً الحكومة بالاستقالة، لأنها حسب قوله، فقدت مصداقيتها مع المواطن اللبناني وحتى مع المجتمع الدولي.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية


ومن جانبه، يري عضو هيئة حقوق الإنسان في لبنان، علي يوسف، أن الانتحار ليس الطريقة المثلى لمواجهة التحديات الاقتصادية، محذراً من أن هذا الحل قد يؤدي إلى مأساة إنسانية كل يوم.

وقال يوسف لـ«الرؤية»، إن إلقاء اللوم على المسؤولين الذين أوصلوا البلد إلى هذه الأزمة الاقتصادية فيه شيء من الحقيقة، لكن يجب علينا انتظار نتائج التحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية لإقدام هذين الشابين على الانتحار.

وأضاف أن كثير من الناس لا يجدون ما يسدون به جوع أطفالهم، والبعض يتسولون الطعام، وآخرين لايرسلون أبناءهم إلى المدارس، وهو واقع مؤلم يتطلب من

وسائل الإعلام توعية الناس بأهمية حياتهم، وتشجيعهم على مواجهة الأزمات بدلاً من الإقدام على الانتحار.

وأشار إلى أن الرسالة التي يجب على الجميع سماعها والتأمل فيها والعمل بها هي النضال من أجل تغيير الواقع وليس الهروب إلى الموت.

وبحسب إحصاءات البنك الدولي، فإن 50% من اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر، و30% منهم تحت خط الفقر المدقع. وتشير التوقعات إلى أن أي تحديث للأرقام سيكشف مزيداً من الفقر والعوز في البلاد.

وقالت الناشطة الحقوقية اللبنانية، خلود الخطيب، في تدوينة عبر فيسبوك، إن الشعور بالعجز العميق عن إمكانية تغيير هذا الجحيم الذي نواجهه وشبح الجوع الذي يرسم سيناريو الموت البطيء، يزداد يومياً.

وقالت إن كثيراً من الناس لا يعرفون مصيرهم ولا مصير أولادهم ولا أهلهم، وإن طوابير الخبز والطحين، وفقدان الأشغال والأدوية والكهرباء، وقريباً الإنترنت وبرادات الجوع، بكل زاوية.