محمد البحراوي,سلامة الكتبي

أكد متخصصون في التطوير المؤسسي والعلوم الإدارية، أن الهيكلية الجديدة لحكومة الإمارات تتسم باستباقية التفكير، والتركيز على الأولويات، وهو ما يعكس أن الحكومة تستشرف المستقبل بطريقة علمية وهيكلية وتنظيمية، مبينين أن دمج الهيئات وتحولها للنظام الرقمي سيحسن من مستوى الخدمات التي ستنجز بسرعة أكبر مقارنة بالأنظمة التقليدية.

وقال خبير التطوير المؤسسي والمحكِّم الدولي في تسوية المنازعات الدكتور عمادالدين حسين، إن الهيكلة الجديدة لحكومة الإمارات، تتمتع بـ4 ملامح أساسية للعمل الحكومي بعد جائحة كورونا.

وتابع حسين، إن الطابع الأول هو استباقية التفكير، مستدلاً على ذلك بتخصيص حقيبة مستقلة للاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، وهذا يعد مواكبة للواقع الجديد ما بعد جائحة كورونا، لأن الوجود المكاني لم يعد له أهمية بقدر الحضور والقوة الرقمية، للمساهمة في مواكبة للتحديات، أما الطابع الثاني فهو التركيز على الأولويات، وهو ما يعكس أن الحكومة تستشرف المستقبل بطريقة علمية وهيكلية وتنظيمية.

وأضاف أن الخاصية الثالثة تتمثل في أن الهيكلية الجديدة تعد منصة إلهام ومحطة توقف وتأمل عميق لكل من يعيش على أرض الإمارات، إذ إنها دولة ريادية تركز على ما يجعلها تستمر كنموذج يُحتذى به في التنافسية الدولية، التي من شأنها تحقيق مكتسبات ونتائج كثيرة في طريق السير نحو مئوية الإمارات، في حين يرتكز المحور الرابع على أنه لا ريادة بلا تمكين للشباب، ولا تنافسية بدون روح جديدة.

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة

وأوضح أن ترتيب أولويات الحكومة الجديدة يتمثل في 4 أساسيات هي، الأمن الصحي، الأمن الغذائي، والأمن الاقتصادي، والأمن المعرفي، مشيراً إلى أن النموذج التنموي الإماراتي ليس وليد اليوم، ولكن منذ تأسيس الاتحاد يتمتع هذا النموذج بخصائص وسمات قلَّما توجد في أي مكان آخر، من خلال 4 أضلاع تُشكل معمارية هذا النموذج الفريد.

حكومة تبدأ من حيث يفكر أن ينتهي الآخرون

وأشار إلى أن الضلع الأول في هذا النموذج هو المرونة في الدمج والتطوير والعمل والهيكل، حيث إن هذا النموذج ليس قائماً على رؤية جامدة، بل منهجية استشرافية أساسها أن الدولة كلما حققت رؤية تراءت لها رؤية أخرى، والضلع الثاني هو أن التوجهات الحكومية الاستراتيجية لا تأتي من أعلى إلى أسفل، بل على المستويات كافة، حيث تعقد الحكومة اجتماعات سنوية بأجندات مختلفة ليتم الحصول على التغذية الراجعة من المعنِيِّين، فالحكومة تقارن بين جميع النماذج الحكومية الدولية للوصول إلى أفضل الممارسات.

وبحسب حسين، فإن الضلع الثالث يتمثل في تبني التوجهات التي تبدأ من حيث يفكر أن ينتهي الآخرون، أما المحور الرابع هو الرهان على البشر قبل الحجر وعلى الإنسان قبل المكان.

وقال «لن أبالغ إذا قلت إنه لن يكون لهذا الهيكل الجديد تأثيره على المستوى المحلي، فقط، بل على المستوى الإقليمي أيضاً، حيث تم توثيق تجربة حكومة الإمارات في برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، حتى أصبحت المنظومة جزءاً لا يتجزأ في استراتيجية التطوير في بعض الدول العربية».

رفع نسبة الإبداع

بدورها، قالت الأستاذ المساعد في كلية إدارة الأعمال بجامعة ولونغونغ الأسترالية بدبي الدكتورة تغريد يحيى أبوسليم، إن التغيير الوزاري والهيكلي لحكومة الإمارات أصبح حتمياً بعد مرحلة كوفيد-19، مشيرة إلى أن دمج الهيئات وتحولها للنظام الرقمي سيحسن من مستوى الخدمات التي ستنجز بسرعة أكبر، مقارنة بالأنظمة الروتينية، وبما أن المرحلة القادمة تفرض توافر الإبداع في بيئات العمل المختلفة باعتباره أحد العناصر الرئيسية لتحقيق رؤية الحكومة، لذا فإن هذه التغييرات سيكون لها دور في رفع نسبة الإبداع خلال المرحلة القادمة.

د. تغريد أبوسليم.

وقالت «أما على مستوى الأزمات، فإن التعامل معها سيكون أسرع في ظل التغييرات التي شملت الدمج والتعيين واستحداث الوظائف والوزارات، ولا سيَّما أن الإمارات من الدول التي تمتلك بنية تحتية متينة وهيئات متخصصة في إدارة الطوارئ والمخاطر».

معدلات تنافسية

من جانبه، قال أستاذ الدراسات الإماراتية بكليات التقنية العليا بالشارقة الدكتور سالم زايد الطنيجي، إن هذه الخطوة تدعم جهود الدولة في مجال التحول الإلكتروني الشامل وتعزز من فرص النمو في شتى المناحي، ويمكن من الوصول للمعدلات التنافسية العالمية لتصبح الإمارات من أعلى دول العالم في مجال العمل عن بُعد.

د. سالم الطنيجي.

أما فيما يتعلق باستحداث منصب وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بُعد، فأوضح الطنيجي أن هذا يؤكد ما توليه الدولة من اهتمام خاص بهذا الجانب، وصناعة جيل واعد لديه القدرة على استشراف المستقبل وتحقيق الطموحات المنشودة.

قاعدة رقمية متينة

وقال المدرب في العلوم الإدارية سامي عجلان، إن التغييرات الهيكلية تعد استراتيجية فرضتها الظروف الحالية المتمثلة في القرارات الناتجة عن تداعيات أزمة وباء كورونا المستجد، وتسهم هذه التغييرات بشكل كبير في بناء مستقبل أفضل قائم على قاعدة رقمية متينة تخلق تخصصات علمية نوعية في جامعات وكليات الدولة.

وأضاف «سيسهم قرار إلغاء 50% من مراكز الخدمة الحكومية وتحويلها لمنصات رقمية خلال عامين في كونها توفر على المؤسسات والهيئات الاتحادية ميزانيات مالية كبيرة تُخصص لاستحداث وظائف للمواطنين، ما يقلل من عدد الباحثين عن عمل وتالياً يسهم في رفع مستوى الأمن القومي».