غنوة كنان

للمرة الأولى منذ بداية الجائحة، ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، مرتدياً كمامة علناً خلال زيارة لمنشأة طبية عسكرية خارج واشنطن، حيث التقى بجنود مصابين وموظفي الخطوط الأمامية بالقطاع الصحي.

ترامب يرتدي الكمامة خلال زيارته لمستشفى والتر ريد - رويترز


كان الرئيس يتجنب وضع الكمامة باستمرار رغم تفشي فيروس كورونا المستجد في بلاده. كما كان يتجنب دعوة الأمريكيين لارتدائها، معتبراً أنها حرية شخصية، وذلك رغم قوله إنه سيرتديها إذا كان وسط حشد أو تعذر عليه الحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعي.

U.S. President Donald Trump enters the White House upon his return to Washington, U.S., from the Walter Reed National Military Medical Center, July 11, 2020. REUTERS/Yuri Gripas


وأثناء زيارته لمستشفى والتر ريد سار ترامب بالقرب من الصحفيين ولم يتوقف للتحدث إليهم والإجابة عن أسئلتهم في لحظة تنازل بها ترامب عن مقاومته واتبع الممارسات التي أوصى بها الخبراء.

وعند مغادرته البيت الأبيض قال ترامب: «أعتقد أن ارتداء القناع هو أمر رائع، لم أعارض أبداً ارتداء الأقنعة لكنني أعتقد أن لها أماكن خاصة».

ترامب صرح أنه لم يكن ضد ارتداء الكمامة ولكن لها أماكنها المناسبة - رويترز


أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»

وأضاف: «عندما تكون في مستشفى، خاصة في هذا الموقع بالتحديد حيث تتحدث مع كثير من الجنود وأناس في بعض الحالات قد خرجوا للتو من غرف العمليات، أعتقد أنه سيكون شيئاً عظيماً أن ترتدي كمامة».

لماذا ارتدى ترامب الكمامة؟

وفقاً لصحيفة التلغراف البريطانية ذكرت تقارير إخبارية هذا الأسبوع أن مساعدي الرئيس ترامب أقنعوه أن يرتدي كمامة في الأماكن العامة ويسمح بالتقاط الصور له وهو يرتديها، وذلك بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في بعض الولايات الذي أدى إلى تراجع نسب ترامب مقارنة بنظيره المرشح الديمقراطي المحتمل جو بايدن في استطلاعات الرأي قبل انتخابات نوفمبر.

ترامب خلال جولته مرتديا الكمامة - رويترز


ولطالما دافع ترامب بثبات عن تعامل إدارته مع هذا الوباء على الرغم من أن الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضرراً في العالم.

وشهدت البلاد مؤخراً أكثر من 60 ألف حالة جديدة في اليوم لعدة أيام متتالية، فيما توفي ما يقارب من 135 ألف شخص وتركت الولايات لتكتشف بنفسها كيفية إعادة فتحها دون استراتيجية واضحة ومتماسكة من البيت الأبيض.

حرب سياسية

ولموضوع الكمامة، فيما يبدو، جذور سياسية عميقة لدى الرئيس الأمريكي، حيث أشارت قناة «سي إن إن» في وقت سابق إلى أن ترامب يرفض عمداً قناع الوقاية، وذلك من أجل أن يظهر نفسه بصورة الزعيم الأمريكي الذي يرفض نصائح منظمة الصحة العالمية التي توترت علاقته بها بشكل حاد خلال الأشهر الماضية.

وفي الجانب السياسي كذلك، استخف ترامب بمنافسه بايدن في قت سابق وأعاد نشر تغريدة يظهر بها بايدن وهو يرتدي الكمامة أثناء حضوره مناسبه عامة مصحوبة بتعليق «قد يساعد هذا في تفسير السبب في أن ترامب لا يحب وضع كمامة في الأماكن العامة».

التغريدة التي استخف بها ترامب بنظيره بايدن - الرؤية


ولطالما حث مسؤولو الصحة والعديد من المشرعين الجمهوريين ترامب على أن يكون مثالاً في ممارسات السلامة الجيدة عن طريق ارتداء القناع في الأماكن العامة في الأشهر السابقة، إلا أن مفهوم ارتداء الكمامة أصبح جزءاً من المعارك السياسية الحزبية في البلاد.

وبحسب واشنطن بوست قال السيناتور لامار ألكسندر الشهر الماضي خلال جلسة في مجلس الشيوخ: «للأسف أصبحت الممارسة البسيطة المنقذة للحياة جزءاً من النقاش السياسي، إذا كنت من مناصري ترامب فلا ترتدِ كمامة أما إذا كنت ضد ترامب فارتدِها».

وأضاف: «لهذا السبب أقترح أن يرتدي الرئيس قناعاً على الرغم من عدم وجود مناسبات عديدة ضرورية لارتدائها، ولكن الرئيس لديه معجبون يقتدون به ويفعلون مثله».

إلا أن الرئيس ترامب اختار بدلاً من ذلك تقديم مثال مختلف، وعقد عدة تجمعات جماعية في الأسابيع الأخيرة واتبع معظم المشاركين بها سياسة الرئيس ترامب ولم يرتدوا الأقنعة.

وتحدى ترامب القوانين والمبادئ التوجيهية المحلية في ميشيغان وأوكلاهوما وفلوريدا وأريزونا وأماكن أخرى أثناء زيارتها بدون أن يرتدي قناعاً.

وانتقدت حملة بايدن ترامب بعد ظهوره بالقناع لانتظاره طويلاً لارتداء قناع علناً.

وقال أندرو بيتس المتحدث باسم حملة بايدن: «قضى دونالد ترامب أشهراً في تجاهل نصيحة الخبراء الطبيين وتسييس ارتداء الكمامة، وهي من أهم الأشياء التي يمكننا القيام بها لمنع انتشار الفيروس».

وبينما حاول مسؤولو الصحة في إدارة ترامب إقناع الأمريكيين بارتداء الأقنعة لإبطاء انتشار الفيروس، إلا أن ترامب ركز مراراً وتكراراً على جماليات تغطية الوجه والتباعد الاجتماعي مما يزيد من تسيس القضية.

وبحسب واشنطن بوست فإن مستشفى والتر ريد الذي زاره ترامب، يحض الزائرين على اتباع مجموعة من الإرشادات منها تغطية الأنف والفم أثناء الدخول والتنقل في المنشأة وذلك في حال لم يتمكنوا من الحفاظ على مسافة 6 أقدام فيما بينهم كتطبيق لإجراءات التباعد الاجتماعي.

اقرأ أيضاً : مسبار الأمل .. من الألف إلى الياء