زين العابدين البخاري

قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش إن الإمارات تتميز بالثقة الشعبية العالية في القيادة الرشيدة، مؤكداً أن معاهدة السلام مع إسرائيل لا تغير من الطريقة التي ترى بها الدولة المسألة الفلسطينية، موضحاً «ندعم دائماً حل الدولتين بوجود دولة فلسطينية مستقلة، لكننا نرى أن سياسة المقعد الشاغر ليست بناءة».

وأوضح قرقاش في مقابلة عبر الاتصال المرئي مع مجلة «لوبوان» وصحف «لوفيغارو» و«لوزيكو» الفرنسية إضافة إلى «إذاعة فرنسا»، أن قرار معاهدة السلام مع إسرائيل يرتبط بوقف الائتلاف الحاكم في تل أبيب لمخطط ضم أراضٍ فلسطينية، حيث رأت الإمارات في تنفيذ هذا المخطط تهديداً جدياً لحل الدولتين، مضيفاً أن الإمارات دخلت خلال الثلاثة أشهر الماضية في محادثات، عن طريق الولايات المتحدة بشكل أساسي، من أجل وقف خطة الضم وإقامة العلاقات مع إسرائيل.

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية صرحت بعدم مضيها في خطة الضم، مؤكداً أن الخطة لم تعد مطروحة على الطاولة في المستقبل المنظور.

وأشار إلى أنه في الوقت الحالي بات هناك متسع ومساحة لمفاوضات من شأنها أن تفضي إلى الوصول إلى حل الدولتين، مشدداً في الوقت ذاته على إعراب الكثير من العواصم الأوروبية عن رضاها عن الخطوة الإماراتية.

وحول سؤال «إلى أي مدى تعتبر معاهدة السلام اتفاقاً استراتيجيا؟»، أجاب قرقاش بأنه بالنظر إلى أن جميع ما قامت به الدول العربية خلال السنوات الأخيرة مع تل أبيب لم يسفر سوى عن مزيد من التوسع الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وبما أن سياسة المقعد الشاغر لم تجدِ نفعاً، «يجب التوجه نحو تغييرات استراتيجية من أجل تقدم المنطقة، إذا كانت الإمارات تسعى لأن تصبح لاعباً مهماً على الساحة الدولية فيجب أن تسهم في تغيير الأمور».

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

ورأى قرقاش أن مسألة إقامة العلاقات كانت ستأتي عاجلاً أم آجلا، موضحاً «لكننا لم نتوقع أن يحدث الأمر بهذه السرعة، تغير الوضع مع مسألة وقف ضم الأراضي الفلسطينية وبدأنا نناقش ربط الجانبين، وعندما يسقط الحاجز النفسي، تدرك فجأة أن الجزء العويص قد تم تجاوزه».

وأشار قرقاش إلى أن المفاوضات تمت عبر الولايات المتحدة على مدار 3 أشهر.



وحول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة، لفت قرقاش إلى أن الإمارات تعد القوة الاقتصادية الثانية عربياً فيما تعتبر إسرائيل فاعلاً اقتصادياً مهماً، مشيراً إلى أن التعاون يمكن أن يثمر عن نتائج متبادلة في قطاعات مثل السياحة، الزراعة، التكنولوجيات، والصحة.

وقال قرقاش إن الإمارات ترى في الاتفاق استمراراً لسابقيه بين الدول العربية وإسرائيل (مصر 1979، الأردن 1994، أوسلو 1993)، مضيفاً أن الإمارات تنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها «سلاماً دافئاً بين البلدين»، وأنها منفتحة على التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، وأن على الأخيرة أن تضع قوانين في مجالات معينة مثل الاستثمار والضرائب لتعزيز جاذبيتها الاستثمارية.

ولفت إلى أنه ومنذ إعلان المعاهدة، «تغمرنا مكالمات من المستثمرين والشركات والدبلوماسيين المتحمسين، لذا من المهم تحويل الأمر إلى واقع حقيقي، تحتاج إسرائيل إلى المضي قدماً في هذه العلاقة الثنائية والنظر إلى أبعادها الاستراتيجية وليس باعتبارها مجرد خطوة تكتيكية».

وأكد أنه لا يرى آفاقاً لتعاون عسكري بين الجانبين أو الانخراط في تحالف، موضحاً نحن منفتحون على التعاون في قطاعات التكنولوجيا والزراعة والصحة.

ورداً على سؤال حول موقف القيادة الفلسطينية، قال قرقاش إنهم أبدوا الكثير من الغضب وكانت هناك العديد من البيانات دون تقديم أي بدائل، معرباً في المقابل عن اعتقاده أن الإمارات سيكون لها تأثير أكبر في المستقبل في مسألة السلام في الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بإيران، أشار قرقاش إلى أن الخطوة لا تركز على طهران، موضحاً أنه عند النظر إلى التصريحات العدائية ضد دول مجلس التعاون يمكننا الإقرار بأن الوضع خلق بيئة سهلت ما يحدث اليوم، مشدداً في الوقت ذاته على أن الأمر لا علاقة له بإيران والتي «لدينا خلافات معها اخترنا حلها عبر خفض التصعيد والدبلوماسية، ليس لدينا مصلحة في أن نرى منطقة الخليج وهي تتحول إلى ساحة مواجهة».

وفيما يخص الموقف التركي من الاتفاق، أوضح قرقاش أن الأمر يظهر خطاب «النفاق» التركي، حيث يتمتع البلد بعلاقات اقتصادية واسعة مع إسرائيل، ويستقبل سنوياً 600 ألف سائح إسرائيلي، مؤكداً أن قضية فلسطين تم استغلالها لحد الإسراف في العقود الأخيرة.