محمد البحراوي ـ دبي

أكد متخصصون أن المجتمع لن يكون بمقدوره العودة إلى الحياة الطبيعية قبل نهاية عام 2021، مرجّحين إنتاج اللقاح بداية العام المقبل، وأن المصانع لن تتمكن من إنتاج كل الجرعات التي تفي باحتياجات السكان في وقت وجيز، بل سيستغرق الأمر عدة أشهر.

وذكروا أنه لا بد من تطعيم ما لا يقل عن 70% من سكان الدولة لتعود الحياة إلى طبيعتها وتتشكل ما تسمى (مناعة القطيع)، وأن فيروس كورونا لن ينتهي عند تطعيم السكان، إنما سيظل موجوداً للأبد مثل كل الفيروسات، لكن معدل إصابته للبشر سيصبح طبيعياً مثل مختلف الفيروسات.

لقاحان في يناير

وقال استشاري طب الأسرة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع وعضو الفريق الوطني للتوعية بكورونا الدكتور عادل سجواني، إن أقرب إنتاج لقاح لكوفيد-19 متوقع في يناير المقبل، وهما اللقاح الإماراتي الصيني ولقاح أكسفورد، مشيراً إلى أنه عند بدء إنتاج اللقاح، ستكون الأولوية لمواطني وسكان الدول التي أنتجت اللقاح، ثم التعاقدات التي أبرمتها الدول الأخرى مع الشركات المنتجة.

وأضاف سجواني أن كوفيد-19 لن ينتهي من العالم بشكل كامل، حتى في ظل وجود اللقاحات المتعددة من شركات مختلفة، بل سيظهر وكأنه فيروس عادي بنسب إصابة طبيعية مثل مختلف الفيروسات (الإنفلونزا الموسمية مثلاً)، لافتاً إلى ضرورة تطعيم من 60 إلى 70% من سكان الدولة لتصبح لديهم ما تُسمى (مناعة القطيع)، ولإزالة الإجراءات الوقائية والتعايش بشكل طبيعي.

وأشار إلى أن الدول التي لديها علاقات تجارية قوية مع نظرائها هي التي ستمتلك اللقاح أولاً، وأن اللقاح أولوية للفئات الأكثر عرضه لمخاطر الإصابة بكوفيد-19 (كبار السن والحوامل والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة وزارعي الأعضاء والمدخنين وأصحاب الأمراض التي تؤدي إلى نقص المناعة، وعناصر خط الدفاع الأول في القطاع الصحي والأمن وغيرها من القطاعات الحيوية).

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة


عادل سجواني.


ورجّح سجواني أن تعود الحياة لطبيعتها في الإمارات بنهاية عام 2021، مؤكداً أن الإمارات من الدول الغنية التي تستطيع شراء اللقاحات لحماية سكانها، مواطنين ومقيمين، كما أن الإمارات تشارك الصين في التجارب السريرية، وبالتالي لديها لقاح متوقع قد حقق عناصر أمان وفاعلية كبيرة في التجارب حتى الآن، وهو ما سيسهل عملية تطعيم أكبر عدد ممكن من السكان.

وأوضح أن إصابة الشخص الذي تم تطعيمه باللقاح بالفيروس مرة أخرى أمر يعتمد على التجربة السريرية ومدى دقتها وقياس نتائجها وتحليلها ومراقبتها في مراحلها المختلفة.

وشدد على ضرورة إتاحة اللقاح بالمجان للجميع، من أجل حماية المجتمع كله، مبيناً أن اللقاح غير ضار بأي شخص بعد انتهاء التجارب السريرية واعتماده بشكل علمي، وهو عبارة عن فيروس ميت يتعرف عليه الجسم مثل الحي تماماً ويبدأ الجهاز المناعي في إفراز الأجسام المضادة التي يتم تخزينها في خلايا الذاكرة بالجسم.

استحالة القضاء على الفيروس نهائياً

وقال أستاذ الكيمياء الدوائية الدكتور محمود شيحة، إنه من المستحيل انتهاء فيروس كورونا من العالم بصورة كاملة، وسيظل موجوداً، مثل شلل الأطفال والإنفلونزا الموسمية، وما سيحدث هو تقليل حدة انتشار الفيروس، فتقليل الإصابات إلى أدنى حد ممكن، وحماية وتحصين أكبر عدد ممكن من السكان، هذا يعد انتهاء للفيروس ليصبح مثل أي فيروس عادي.

وأضاف أن هناك 3 فئات من الممكن أن تصاب بالفيروس بعد إنتاج اللقاح وهم: من لم يتم تطعيمهم لأسباب تشمل رفضهم التطعيم أو عدم شمولهم باللقاح، ومن انخفضت مناعتهم إلى حد كبير لأسباب صحية رغم تعاطيهم اللقاح، ومن أصيبوا بفيروس كورونا إذا تغير تركيبه الجيني.

وتطرق إلى مسألة أن يدرك الناس أن كلمة لقاح ليست حماية بشكل كامل، لأن اللقاح عند صناعته يوجَّه إلى جزء معين في الفيروس مثل الكبسولة أو المستقبلات، ولو تحور التركيب الجيني للفيروس لن يجدي اللقاح نفعاً لأن المستقبلات ستتغير.

تحديث اللقاح

وأبان شيحة أهمية تحديث اللقاح بالتجارب مرة أخرى كل عام فيما لو حدث تحور جيني في كوفيد-19، لأنه في هذه الحالة سيعد بمثابة فيروس جديد كالإنفلونزا الموسمية التي يتم تحديث لقاحها كل عام، لكن لو هذا التحور ضعيف، فلا مانع من إعطاء اللقاح الأول في العام الثاني بشكل طبيعي وسيؤتي بنتائج وفاعلية جيدة.

وشدد شيحة على ضرورة سن تشريعات وإصدار قرارات تنظيمية تلزم الناس بأخذ اللقاح عند إنتاجه لحماية المجتمع كله، لأن هذا الفيروس سريع الانتشار وإصابة شخص واحد يعدي الكثير من الناس، وأنه يجب تزويد الناس بثقافة خطر هذا المرض، وأن التطعيم هو الحل وأن اللقاح غير ضار، لكي تستجيب الناس ولا تهرب من التطعيم.

محمود شيحة.


الكلفة المتوقعة

وحول كلفة إنتاج اللقاح، قال أستاذ الكيمياء الدوائية، إن الكلفة مرتفعة للغاية تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وإن الشركات تنفق كثيراً من الأموال على مراحل التجارب ثم التصنيع، حيث تبدأ العملية بإجراء أبحاث على الفيروس، وتجارب معملية، ثم التجارب على الحيوانات ثم التجارب على عدد محدود من البشر لتحديد نسبتي النجاح والفشل، ثم التجارب الموسعة للمتطوعين لتحديد مدى الفاعلية، ثم اختبارات وتجارب السُمية لتحديد الآثار الجانبية للقاح، ثم مرحلة التحضير في المصانع واختيار الشكل المناسب للقاح، وطريقة إعطائه للناس سواء من خلال الحقن أو بأي وسيلة أخرى، مشيراً إلى أن دعم الحكومات للشركات المصنعة للقاحات في مراحل التجارب يخفف الكلفة على المريض بعد ذلك.

وأشار شيحة إلى أنه لا بد من أن يكون حصيلة من أصيبوا بالفعل بكوفيد-19 ومن حصلوا على اللقاح 100% من السكان لنستطيع القول إن مناعة القطيع قد حدثت، مستبعداً إصابة أشخاص بنفس الفيروس بتركيبته الجينية، إلا في حالة إذا كان اللقاح نفسه فاسداً، أو أصابه العطب لأسباب تتعلق بظروف التخزين.

ولفت شيحة إلى أنه بنهاية 2021 يستطيع معظم سكان العالم العودة إلى حياتهم بشكل طبيعي، لأن معظم الدول وقتها ستكون قد حصلت على اللقاح، مشيراً إلى أن تصنيع دواء يعالج كوفيد-19 أمر يستغرق من 5 إلى 7 سنوات.

سيناريو الفترة المقبلة

وقال استشاري الأمراض الصدرية والرعاية المركزة في دبي الدكتور مازن زويهد، إن السيناريو المتوقع خلال الفترة المقبلة هو زيادة حالات الإصابة بكورونا، لكن الحالات الحرجة لن تزيد بسبب ضعف الفيروس، وأن الهلع الذي كان في الموجة الأولى لن يتكرر لأن الناس أدركت كيفية التعامل مع المرض.

الدكتور زويهد.


وذكر زويهد أن كورونا لن ينتهي من العالم حتى لو ظهرت عشرات اللقاحات لكنه سيصبح مثل الفيروسات العادية بنسب إصابتها بين السكان، مشيراً إلى احتمالية إنتاج اللقاح خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام القادم، وأنه لكي يعيش المجتمع في أمان ويمارس حياته الطبيعية لا بد من تطعيم 80% على الأقل من السكان.