صديق يحياوي

تحاول الحكومة الجزائرية في حملة الترويج للاستفتاء المرتقب على الدستور الجديد الالتفاف على ضعف ثقة الشارع في أحزاب السلطة من خلال استخدام البلديات وجمعيات المجتمع المدني، ما أثار انتقادات من المعارضة قبيل التصويت الذي تعول الحكومة على حجم المشاركة فيه لترميم شرعيتها، بحسب مراقبين.

وأعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن الحملة الانتخابية للاستفتاء الدستوري تنطلق في 7 أكتوبر المقبل وتنتهي في 28 من نفس الشهر قبل 3 أيام من الموعد المقرر للاستفتاء في أول نوفمبر.

وقالت السلطة، التي يترأسها وزير العدل الأسبق محمد شرفي، إن الجهات المسموح لها بالقيام بالحملة هي الأحزاب التي تمتلك كتلاً برلمانية أو لها 10 مقاعد على الأقل في غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، أو لها تمثيل في المجالس المحلية في 25 ولاية، والجمعيات التي لها تمثيل في العدد نفسه من الولايات، والشخصيات الوطنية.

واعتبر مراقبون أن إدارة الرئيس عبد المجيد تبون تعول على المجتمع المدني للترويج لإنجاح الاستفتاء على الدستور، بالإضافة إلى اصطفاف أحزاب السلطة التقليديين، لتعويض فقدانها لقاعدة سياسية بفعل الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير 2019.

وسبق للناطق باسم حكومة جراد وزير الاتصال عمار بلحيمر أن أشار إلى إمكانية الاستعانة بالمجتمع المدني في الترويج لمشروع الدستور.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

وتحصل جمعيات المجتمع المدني، التي تنشط أصلاً في الأعمال الخيرية، على دعم مالي حكومي من طرف الولايات التي تنشط بها، ويمكن للسلطات التضييق عليها من خلال إجراءات إدارية.

وعين الرئيس تبون في يوليو الماضي الإعلامي نزيه برمضان النائب السابق بالبرلمان مستشاراً له مكلفا بالمجتمع المدني.

ويرى برمضان، الذي باشر بعقد لقاءات مع ممثلي الجمعيات الناشطة في العديد من الولايات، أن جمعيات المجتمع المدني حليف استراتيجي تعول عليه الدولة.

وفسر مراقبون هذا التعويل على المجتمع المدني بمحاولة تعويض الأحزاب التي فقد الشارع الجزائري الثقة فيها لإنجاح موعد الاستفتاء على الدستور.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر نور الدين بكيس إن كل السياقات منذ انطلاق الحراك أكدت أن المشهد السياسي الحالي المحسوب على السلطة «مرفوض ومنبوذ اجتماعياً وبالتالي لا يمكن المراهنة عليه».

وأضاف أن الجزء الثاني من المعادلة هو «الاعتماد على المجتمع المدني، لأن السلطة في الجزائر لا تملك قاعدة سياسية حقيقية، تستطيع بالارتكاز عليها أن تذهب لاستحقاقات حقيقية».

ويرى بكيس أن عدم وجود قاعدة سياسية للسلطة وحتى الاستعانة بالمجتمع المدني في «ظرف قياسي» لا يمكنه أن يسمح ببناء منظومة سياسية حقيقية، ويدفع السلطة لعدم الذهاب لرهانات حقيقية، لأنها لا تملك أدوات القدرة على التخندق في ظل انفتاح سياسي حقيقي.

وإلى جانب جمعيات المجتمع المدني ذات الانتشار الجيد في أنحاء البلاد والتي تحظى باتصال مباشر مع الجمهور، تحرك حزب «جهاز السلطة» كما يطلق على جبهة التحرير الوطني (الأفلان) لحث كوادره الممثلة في المجالس البلدية على المساهمة في حشد الناخبين.

وطالب الأمين العام للحزب أبوالفضل بعجي من المنتخبين التابعين لحزبه بتعبئة مختلف شرائح المجتمع للمساهمة بكل قوة في توعية المواطنين وتعبئتهم للمشاركة في استحقاق نوفمبر.

وأكد بعجي في لقاء مع رؤساء البلديات التابعين لحزبه دعم «الأفلان» ومساندته لهذا المشروع الذي قال إنه هام ويرى أنه «نقلة نوعية في إعادة بناء النظام التأسيسي ما سيسمح بميلاد جمهورية جديدة».

ويسير حزب جبهة التحرير الوطني 603 بلديات من أصل 1541 بلدية منتشرة على كامل التراب الجزائري، بينما يسير الحزب الثاني، التجمع الوطني الديموقراطي، الموالي للسلطة 451 بلدية حسب نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت في 23 نوفمبر 2017.

وتشدد تصريحات مسؤولي الحكومة على «ضرورة المشاركة» في التصويت.

وقال الناطق باسم السلطة المستقلة للانتخابات علي ذراع، إن «السلطة أمامها تحدي ضمان أكبر نسبة مشاركة في الاستفتاء».

وفسر أستاذ الاجتماع السياسي نور الدين بكيس جهود السلطة بأنها «تبحث عن توسيع دائرة القبول بمشروعها» خاصة أنها «بصدد الخروج من أزمة سياسية خانقة، كان عنوانها تغيير النظام ورفضه كلية».

واستنكرت أحزاب المعارضة استخدام الحكومة لجمعيات المجتمع المدني في الترويج للاستفتاء. ويخشى سياسيون من أن يفتح دخول الجمعيات على خط السياسة الباب أمام خوض قيادات تلك الجمعيات الانتخابات البرلمانية بقوائم غير حزبية بما يهدد فرص الأحزاب في البرلمان.

وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إن أساليب الحكومة «تفسد عمل المجتمع المدني وتكسر عمل الأحزاب».