تُستخدم الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم بشكل واسع لإنجاز المهام التي كان يؤديها البشر. حيث يسلم الروبوت الأدوية إلى طوابق مختلفة من المستشفى لتخفيف العبء عن الطاقم الطبي. ولكن كلما بدأت هذه الآلات في التشبّه مع البشر، نشعر بالريبة أكثر.
تميل الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى إثارة أحاسيس غريبة إلى حد كبير، ويطلق عليها علماء المنطقة «الوادي الخارق». غالباً ما تكون أجهزة أندرويد أو الروبوتات ذات الميزات الشبيهة بالبشر أكثر جاذبية للأشخاص من تلك التي تشبه الآلات، ولكن إلى قدرٍ محدود فقط. يخالج الكثير من الناس شعور مزعج عند مواجهة الروبوتات التي تشبه الحياة تقريباً، وكأنها بطريقة ما ليست «صحيحة». وقد بين بحث علمي جديد أجراه علماء النفس في جامعة إيموري، أن الشعور بالتقارب يمكن أن يغرقنا في حالة من النفور مع زيادة التشابه مع الملامح البشرية.
وشرح قائلاً: «إنها ليست الخطوة الأولى في عزو العقل إلى إنسان آلي، بل الخطوة التالية وهي» نزع إنسانيته «من خلال طرح فكرة امتلاكه لعقل يؤدي إلى السلوك الخارق».
الدراسة الجديدة
لفصل الأدوار المحتملة لإدراك العقل، أجرى الباحثون تجارب ركزت على الديناميات الزمنية للعملية. عُرض على المشاركين 3 أنواع من الصور - وجوه بشرية ووجوه روبوتات ذات مظهر ميكانيكي ووجوه أندرويد تشبه البشر إلى حد كبير - وطُلب منهم تقييم كل منها من حيث «الحياة». وتلاعب القائمون على الدراسة بأوقات التعرض للصور بشكل ممنهج، في غضون ميلي ثانية، حيث صنف المشاركون «حيويتهم» أو قدرتهم الحسية.
أظهرت النتائج، التي نُشرت في عدد سبتمبر من مجلة Perception، أن «الحيوية» أو الحسيّة انخفضت بشكل ملحوظ كدالة لوقت التعرض لوجوه أندرويد ولكن ليس للروبوتات ذات المظهر الميكانيكي أو الوجوه البشرية.
وفي حالة وجوه الأندرويد، تنخفض الحسية المتصورة ما بين 100 و500 ميلي ثانية من وقت المشاهدة. يتوافق هذا التوقيت مع الأبحاث السابقة التي أظهرت أن الناس يبدؤون في التمييز بين الوجوه البشرية والوجوه الاصطناعية بعد حوالي 400 ميلي ثانية من بداية التحفيز.
عالجت مجموعة ثانية من التجارب كلاً من وقت التعرّض ومقدار التفاصيل في الصور، بدءاً من رسم بسيط للميزات إلى صورة غير واضحة تماماً. أظهرت النتائج أن إزالة التفاصيل من صور وجوه أندرويد قللت من الحسية المتصورة إلى جانب الغرابة المتصورة.
يشير وانج إلى أن: «العملية برمتها معقدة ولكنها تحدث في غمضة عين». «تشير نتائجنا إلى أننا للوهلة الأولى نقوم بتجسيد أحد الروبوتات، ولكن في غضون أجزاء من الثانية نكتشف الانحرافات وننزع عنه إنسانيته. ومن المحتمل أن يساهم هذا الانخفاض في الحسية المتصورة في الشعور بالريبة».
وفقاً لوانج، فإن النتائج لها آثار على كل من تصميم الروبوتات وعلى فهم كيفية إدراكنا لبعضنا كبشر. وقد يساعد البحث في كشف الآليات التي ينطوي عليها العمى الذهني، وعدم القدرة على التمييز بين البشر والآلات، كما في حالات التوحد الشديد أو بعض الاضطرابات الذهانية، ويؤكد الباحثون أن إضفاء الصفات البشرية على الأشياء أمر شائع.