محمود علي

على ضوء التغيرات العسكرية شمال غرب سوريا، يعيد السوريون النظر بالدور التركي في إدلب، مع عدم تحقيقه أي منفعة استراتيجية لهم خلال السنوات الماضية، حيث ما زالوا غير قادرين على العودة إلى ديارهم نتيجة القصف المتواصل، بما فيه الغارات الجوية الروسية على المنطقة، وعدم استقرار الأوضاع بشكل عام.



وتعمل تركيا على سحب نقاط المراقبة والنقاط العسكرية المحاصرة ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية، والبالغ عددها 8 نقاط، وأخلت بالفعل 3 نقاط فيما تعمل حالياً على إخلاء نقطتين بريف حلب الغربي، ويتم سحب تلك النقاط باتجاه مناطق المعارضة وبالأخص منطقة جبل الزاوية الواقعة جنوب طريق «أم 4» التي كانت محل خلاف بينها وبين روسيا التي طالبت بسحب قوات المعارضة منها.



وقال لـ«الرؤية» محمد إبراهيم (33 عاماً) النازح من ريف إدلب الجنوبي إلى منطقة سرمدا شمال إدلب، إنه لم يلحظ تغيراً في دور القوات التركية بما يتناسب مع تصريحات أنقرة التي دائماً ما تضع مصالح المدنيين وعودتهم إلى ديارهم على رأس كل تصريح بخصوص سوريا، وأضاف «جميعنا واكبنا تصريحات الضباط الأتراك في نقاط المراقبة التي تسحب اليوم، والتي أكدوا فيها أن القوات التركية ستشارك بصد أي هجوم على المنطقة ولن تسمح بتقدم قوات الحكومة، واليوم نرى حقيقة وعودهم».

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

وتتعمق الآن قناعة لدى الكثيرين في المنطقة بعدم وجود أي فائدة للنقاط التركية وبتزايد انعدام الثقة في الدور التركي.



وما زال تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فبراير 2020 في ذاكرة مدرس اللغة العربية جهاد الحسين (42 عاماً) من إدلب، حيث اعتقد حينها أن القوات التركية ستعمل بقوة لإعادة القوات الحكومية إلى حدود اتفاق سوتشي، أي إلى ما بعد النقاط التركية المحاصرة.

وفي حديثه لـ«الرؤية» يجد الحسين بأن الأقوال يجب أن تقترن بأفعال، وأن اللعب على وتر الخطاب الديني والإنساني «تحصد نتائجه اليوم».

ويرى المهندس أحمد عبد الباسط ( 32 عاماً) من منطقة أرمناز غرب إدلب، أن المصالح هي المحرك الأساسي لأي دولة، وتركيا تطبق ذلك عملياً في ملف إدلب، فحين تحصل على أي مكسب يخص أمنها القومي فلا مانع لديها للتنازل عن أي ملف، وما انسحابها من نقاط المراقبة التي أُنشئت بناء على اتفاق مع روسيا إلا أكبر دليل على ذلك، وهي من كانت تصر سابقاً على إبقاء تلك النقاط تحت أي ظرف.

لم يُخفِ النقيب أبوحمزة في الجيش الوطني المعارض لـ«الرؤية» ما مرت به المعارضة من نكبات جراء التفاهمات بين تركيا وروسيا في سوريا، بدأ من خسارة المعارضة لمواقعها في مدينة حلب ومن ثم الانخراط في مسار أستانة ومن ثم سوتشي، وما سببته من خسائر تدريجية لأغلب مناطق سيطرتها في سوريا جراء ارتباط قرارها في السلم والحرب بالتوجيهات التركية، وهذا انطباع عام لدى المدني والعسكري على حد سواء.

وتنتشر في أرياف حلب وإدلب وحماه واللاذقية 12 نقطة مراقبة تركية بناء على الاتفاق مع روسيا وإيران في العاصمة الكازاخستانية أستانة في سبتمبر من عام2017، وفي الآونة الأخيرة سحبت القوات التركية نقطة المراقبة في مدينة مورك شمال حماه، ونقطة شير مغار في جبل شحشبو جنوب إدلب، وتعمل حالياً على سحب نقطتي قبتان الجبل وعندان غرب حلب، وربما تستمر بسحب جميع نقاطها المحاصرة ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية والبالغ عددها 8 نقاط مراقبة.

وإلى جانب نقاط المراقبة تنتشر في عموم مناطق سيطرة المعارضة 60 نقطة عسكرية على الأقل، تم إحداثها أثناء وبعد المعارك الأخيرة والتي انتهت في مارس من العام الحالي والتي أفضت لسيطرة قوات الحكومة السورية على ما يقارب 3000 كم مربع من أرياف إدلب وحلب وحماه، وكما أن بعضها قد حوصر كالنقاط الثلاث في مدينة سراقب شرق إدلب والزربة جنوب حلب.