محمود علي

أحداث كثيرة جرت على الأراضي السورية خلال 2020، أدت لتغيرات عديدة على الصعيد العسكري والإنساني الناجم بعد 9 سنوات من الحرب، وفيما يوشك العام على الانتهاء لا تلوح في الأفق بوادر لتغيير الوضع في المدى القريب.

وما بين صراع القوى المتحاربة للسيطرة على مساحات جديدة على الأرض، ووضع سياسي مضطرب عبر تدخلات دولية، تبرز معاناة المواطن السوري اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً كأبرز حدث قديم جديد خلال عام 2020.

الأوضاع الميدانية..

مع مطلع 2020 استمرت العمليات العسكرية للجيش السوري مدعوماً بشكل كبير من روسيا على مناطق سيطرة الفصائل المسلحة شمال غرب سوريا، وخلال العمليات العسكرية سيطر الجيش السوري على عدة مدن، كانت تعتبر من أهم معاقل المعارضة، ففي 28 يناير تمت السيطرة على مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، وفي 7 فبراير تمت السيطرة على مدينة سراقب ما شكل سيطرة كاملة على ريف إدلب الشرقي، وكذلك السيطرة على مدينة كفرنبل في 25 فبراير ما ثبت السيطرة على القسم الأكبر من ريف إدلب الجنوبي. ونتج عن العمليات استعادة السيطرة على كامل ريف حماه الشمالي، والمنطقة الواقعة شرق الطريق الدولي (m5) وتضم ريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي. وتبع ذلك معارك عنيفة شهدت تدخلاً مباشراً من الجيش التركي الذي خسر خلال عام 2020 ما يقارب 53 جندياً في إدلب، وما تبع ذلك من إسقاط 4 طائرات حربية للجيش السوري، إلا أنها لم تغير واقع السيطرة قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي عقد في 5 مارس بين الرئيسين الروسي والتركي.

تفاهمات تركية وروسية لتسيير دوريات مشتركة شمال سوريا. (أ ف ب)


لباحث السوري عباس شريفة قال لـ«الرؤية»: «انحسار سيطرة المعارضة على الأرض أضعف من أوراقها السياسية، وتم اختزال العملية السياسية بعمل لجنة صياغة الدستور التي دخلت في مسار التعطيل، وأصبح لدى اللاعبين الإقليميين أولويات مختلفة عن أولويات الشعب السوري، ولا شك أن التدخل الروسي المباشر ساهم إلى حد كبير في تعزيز السيطرة على الكثير من المناطق، لصالح الحكومة السورية على حساب المعارضة».

الغارات الإسرائيلية..

نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 20 طلعة جوية باتجاه الأراضي السورية، استهدف من خلالها العديد من المواقع التابعة للميليشيات الإيرانية، وبالأخص في محيط مطار دمشق الدولي، ومحيط مطار المزة العسكري، ومطار«التيفور» العسكري شرق مدينة حمص، ومواقع أخرى في منطقة مصياف غرب مدينة حماه. كما امتدت الغارات إلى منطقة السفيرة شرق مدينة حلب، ومعسكرات لميليشيات «لواء فاطميون» الأفغاني التابع للحرس الثوري الإيراني شرق مدينة تدمر، وكانت المحافظات الجنوبية من سوريا على موعد متكرر من القصف بالطيران المروحي وكذلك الصواريخ التي استهدفت مواقع للميليشيات الإيرانية وتحركات لعناصر من حزب الله بالقرب من الشريط الحدودي في القنيطرة والسويداء.

دبابات إسرائيلية في الجولان. (أ ف ب)

تأثير الخلاف مع مخلوف..

أصدرت الحكومة السورية في 19 مايو قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، رجل الأعمال رامي مخلوف، وزوجته وأولاده، ما أثر على النواة الصلبة للاقتصاد السوري التي كان مخلوف المساهم الأكبر في تماسكها عن طريق شركاته في مختلف النواحي بسوريا، فوصل سعر الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي نحو 3500 ليرة، فيما كانت منذ بداية العام ما بين 2100 - 2500 ليرة، وقبل الحرب في سوريا كان سعرها بين 45-50 ليرة.

المحلل الاقتصادي السوري يونس الكريم قال لـ«الرؤية»: «أدى الحجز على أموال وشركات مخلوف ونقل إدارتها إلى المؤسسات الحكومية، إلى الحجز أيضاً على أهم شركات الصرافة في البلاد، ما أدى إلى العجز عن تأمين النقد الأجنبي، خاصة في ظل توقف إرسال التحويلات إلى سوريا، وأدى إلى تهريب أموال كثيرة خارجها، وتجميد أموال أخرى ما قاد إلى فقد كتلة مالية ضخمة كانت متداولة في السوق».

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

وأضاف الكريم «كما أدى ذلك إلى الاستغناء عن كوادر شركات مخلوف المدربة، ونقل المهمة إلى موظفين حكوميين لا يملكون الخبرة اللازمة، كما هبطت الحركة التجارية في مجال العقارات، وتحولت الأموال فيها إلى كتلة مجمدة، وبالتالي فإن تردي الوضع الاقتصادي في سوريا خلال عام 2020 يعود بنسبة 60% تقريباً للحجز على أموال مخلوف، ودليل ذلك أنه منذ 2011 حتى 2018 لم يتعرض الاقتصاد السوري للمعاناة كما حدث منذ بدء التضييق وملاحقة مخلوف».

دور الميليشيات..

يعد هذا الجانب من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة السورية، حيث قامت تركيا باستغلال المقاتلين السوريين لتحقيق أهدافها في موضعين، فقد نقلت أول دفعة من المقاتلين السوريين الموالين لها مطلع عام 2020 من مناطق ريف حلب للقتال في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، مقابل مبالغ مالية شهرية تصل إلى 1500 دولار أمريكي في الشهر، بناء على عقود لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد.

أما الاستغلال التركي الثاني للمقاتلين السوريين فقد حدث في شهر سبتمبر 2020، عندما أرسلت تركيا أول دفعة من المقاتلين السوريين لدعم أذربيجان في صراعها مع جارتها أرمينيا في إقليم ناغورنو قره باغ، وعاد الكثير من هؤلاء المقاتلين سواء من ليبيا أم من أذربيجان، جثثاً هامدة إلى سوريا، والبعض الآخر لم يعد.