أنور الفرجاني

بعث نجاح رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، في الحصول على موافقة مجلس نواب الشعب على تعديل وزاري، برسالة قوية إلى الرئيس قيس سعيد، تؤكد على قدرة رئيس حركة النهضة راشد الغنَوشي، وحليفه المشيشي، على جمع دعم برلماني كبير، يمكن أن يقر إنشاء المحكمة الدستورية التي تمتلك الحق في عزل الرئيس، لكنه لن يفلح في تهدئة الحراك الشعبي والاحتجاجات التى تملأ الشوارع بحسب محللين تحدثوا لـ«الرؤية».

ووافق مجلس النواب يوم الثلاثاء، على تعديل وزاري طال 11 حقيبة من إجمالي 26 وزيراً، بعد تصويت 141 عضواً لصالح التعديل من إجمالي 217 صوتاً.

واعتبر المحلل السياسي والمختص في شؤون الجماعات الإسلامية منذر بالضيافي، أن التصويت الذي تم داخل مجلس نواب الشعب بموافقة 144 عضواً عملية استعراضية، هدفت بالمقام الأول إلى «توصيل رسالة مفتوحة لقيس سعيد مفادها أننا نستطيع سحب الثقة منك وعزلك».

وأضاف بالضيافي لـ«الرؤية» أنه كان بالإمكان الاكتفاء بـ109 أصوت فقط، لكن التحالف الحكومي المساند للمشيشي أراد توجيه رسالة واضحة لقيس سعيد بأن «التحالف الحكومي قادر على تشكيل المحكمة الدستورية التي يمكنها عزل سعيد بتزكية ثلثي أعضائها، وحتى دون محكمة دستورية بإمكان التحالف الحكومي عزل سعيد سياسياً وسحب الثقة منه قانونياً».

واعتبر الباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي، أن ما حدث الثلاثاء في مجلس نواب الشعب رسالة قوية جداً لقيس سعيد، الذي سيضطر لقراءة حساباته من جديد.

ضغط الشارع

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية


لكن التعديل الوزاري، الذي حصل على الموافقة في برلمان يحاصره المحتجون الغاضبون، أثار أيضا حفيظة الكثيرين من الخبراء والسياسيين، حيث أكد الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ«الرؤية» أن نجاح المشيشي في الحصول على تزكية وزرائه الجدد، لن يعفي حكومته من غضب الشارع وتداعيات فيروس كورونا، وستضاف لهما شروط البنك الدولي الذي تسعى تونس للاقتراض منه مجدداً بفائدة تصل إلى 10%؛ بسبب عدم إيفائها بشروط البنك الدولي في السنوات الخمس الماضية.

وأضاف الجودي أن شروط البنك الدولي التي تتطلب تخفيض كتلة الأجور في الوظيفة العمومية، والشفافية في المعاملات الإدارية باعتماد الرقمنة، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، تواجه رفضاً من الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض الأحزاب اليسارية المعروفة بقدرتها على تأجيج الاحتجاجات في الشارع، منها حزب العمال الذي يطالب بإلغاء كل ديون تونس الخارجية.

وتواجه حكومة المشيشي تحديات اقتصادية كبرى في ظل نسبة انكماش متوقعة للاقتصاد عند مستوى 7% في عام 2020 في حين تبلغ نسبة البطالة 16.2% لكنها في عدد من الولايات الداخلية تفوق الضعف، إذ إن ثلث العاطلين من حاملي الشهادات العليا.

إجراءات موجعة

وتوقع المحلل السياسي الصياح الوريمي، تواصل غضب الشارع رغم الحكومة الجديدة. وأضاف لـ«الرؤية» أن «الحكومة مطالبة بإجراءات اقتصادية موجعة، وهو ما سيزيد من حدة المواجهة مع الشارع، يضاف إلى ذلك تداعيات «كوفيد-19».

وفي السياق ذاته قال المحلل السياسي وأستاذ الحضارة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة سالم بوخداجة، إن الحكومة استقوت بنسبة التصويت داخل مجلس نواب الشعب، وهو ما يطمئن المشيشي داخل المجلس، لكن الحراك الشعبي في الشارع قوي، والاحتجاجات ستزداد حدة، خاصة إذا واصل المشيشي اعتماده على مبدأ القمع في مواجهة الشبان الغاضبين.

واندلعت مظاهرات في عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011. ويطالب المتظاهرون بتحقيق التنمية والعدالة، وسط ارتفاع حالة الاحتقان ومشاعر الغضب من استمرار المتاعب الاقتصادية والاجتماعية، وتزايد معدلات البطالة وتردي الخدمات العامّة.

وقال بوخداجة لـ«الرؤية» إن شروط صندوق النقد الدولي يصعب تطبيقها في هذا الوضع المحتقن ومصير الحكومة سيقرره الشارع.