أنور الفرجاني

أثارت احتجاجات نقابات الأمن المستمرة جدلاً كبيراً في تونس، بين من اعتبرها رد فعل على الاعتداءات التي تعرّض لها زملاؤهم بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس ظهر السبت الماضي، وبين من يراها «تمرداً على الدولة».

احتجاجات نقابات الأمن

فقد تواصلت اليوم الثلاثاء الاحتجاجات، في شارع الحبيب بورقيبة، كما علّقت مراكز الأمن بداية من اليوم كل الخدمات الإدارية التي تقدّمها للمواطنين، امتثالاً لقرار نقابة أعوان إقليم الأمن الوطني، كما قرّرت النقابة في بيانها الصادر مساء أمس الاثنين، تعليق تأمين كل الأنشطة الرياضية والثقافية، إلى نهاية الأسبوع، ومنع أي مظاهرة غير مرخص لها، ووصف بيان النقابة المتظاهرين بأنهم «شرذمة من الخارجين عن القانون» ودعت النقابة إلى «إيقاف القائمين بأعمال الشغب».

كما نظم الأمنيون في مدينة صفاقس مظاهرة احتجاجية رفعوا فيها شعارات تندد بالاعتداءات التي تعرّض لها زملاؤهم بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس ظهر السبت الماضي.

وكانت قوات الأمن قد اعتقلت مساء أمس مجموعة من الطلبة من قيادة الاتحاد العام لطلبة تونس (تسيطر عليه فصائل يسارية) من بينهم الأمينة العامة للاتحاد وردة عتيق.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

مظاهرات اليساريين والشباب

ويأتي تحرّك النقابات الأمنية الذي تشهده المحافظات التونسية، على خلفية المظاهرة التي نظمتها فصائل يسارية وشبابية، تم خلالها رفع شعارات ضد الأمنيين، ورشقهم بالحجارة والأصباغ، كما رفعوا سجائر المخدرات المعروفة في تونس بـ«الزلطة» كشعار احتجاجي على سجن شبّان في مدينة الكاف (شمال غرب) بسبب تناول المخدرات والحكم عليهم بالسجن لمدة 30 عاماً.

وأدان حزب التيار الديمقراطي (برلماني) خطاب بعض النقابات الأمنية، واعتبره «تمرداً على الدولة وإخلالاً بواجب احترام المواطنات والمواطنين وبشرف المهنة»، وطالب القضاء بتتبع هذه الأطراف، كما ندد بردود فعل السلطة على الاحتجاجات الاجتماعية.

وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة تونس، الدكتور محمد الجويلي «الاحتجاجات الشبابية يوم السبت الماضي أخذت طابعاً جديداً، فلم تعد من أجل مطالب اجتماعية واقتصادية، بل أصبحت أيضاً مرتبطة بالحريات الخاصة، منها حرية تناول المخدرات، وحرية الجسد، وهذا نتيجة 10 سنوات من الحرية».

وأضاف الجويلي لـ «الرؤية» قائلاً «هناك جيل جديد في تونس، لم يعد يرضى بأي سلطة تحاصر حريته، وما قاموا به تجاه الأمن، يجب فهمه في بعده الرمزي، كفعل رافض للسلطة، والقانون التونسي في مجال تناول المخدرات المعروفة بـ«الزطلة» يحتاج إلى مراجعة»، على حد قوله.

وقال المحامي والمحلل السياسي حازم القصوري لـ«الرؤية»: «القانون يمكّن المكلّف العام بنزاعات الدولة فقط، بالتقاضي في حق وزارة الداخلية، عن الأضرار التي قد تلحق منظوريهم، وعليه فإن أي تتبع خارج هذا الإطار، مثل ما أعلنته النقابات الأمنية عن تتبع قضائي للمتظاهرين، لا يمكن الالتفات إليه، ويعد استهدافاً لحرية التعبير».

جدل متصاعد

وتثير تحركات نقابات الأمن في تونس منذ 2011، جدلاً كبيراً، إذ يعتبرها عدد من الحقوقيين منخرطة في التجاذب السياسي، في الوقت الذي يفترض أن تكون محايدة وفي خدمة المواطن.

وتخوض النقابات الأمنية معركة من أجل قانون لحماية الأمنيين مازال معطّلاً في مجلس نواب الشعب، بسبب تحفظات الجمعيات الحقوقية، التي اعتبرته تشريعاً لجهاز الأمن للاعتداء على المواطن، ومنح الأمنيين حصانة، لكن النقابات في احتجاجها أمس واليوم تطالب بتتبع الشبان الذين اعتدوا على قوات الأمن، بشعارات نابية، ورشقهم بالحجارة، ومواد ملوّنة تستعمل في الرسم، واعتبرت بيانات النقابات أن ما حدث يوم السبت الماضي لا يمكن الصمت تجاهه، في الوقت الذي تتعرض فيه تلك النقابات لاتهامات بالتغول، والسلطة الموازية لوزير الداخلية.

وتعمّق هذه الاحتجاجات الأزمة السياسية والأمنية والاجتماعية التي تعيشها تونس.