سلامة الكتبي ـ الشارقة

وصف مواطنون ومقيمون نشر بعض الأشخاص ليومياتهم بشكل مفصّل على حسابات التواصل الاجتماعي ومشاركة الآخرين لها بـ«الشهرة الزائفة» التي يسعون إلى تحقيقها عبر إتاحة المجال للغرباء لمعرفة خصوصياتهم وجعلها مكشوفة أمام الجميع، ما يفقد العلاقات الاجتماعية والمواقف اليومية قيمتها الجوهرية، بينما اعتبر آخرون أنه سلوك محمود كونه يبرز التجارب وقصص النجاح الغنية ذات المضمون الهادف لإفادة الآخرين بها، مع مراعاة الضوابط المجتمعية والأخلاقية.

توثيق يومي

وقال عبدالعليم حريص: «ليس بالضرورة أن يكون نشر الشخص ليومياته على حسابات التواصل الاجتماعي ومشاركة الآخرين بها عدم احترام للخصوصية، فقد يتضمن النشر رسائل بناءة وأهداف توعوية وتثقيفية من واقع تجارب صاحب الحساب، إذ بإمكانهم أن يوصلوا خبرتهم الناجحة لغيرهم، عبر التوثيق اليومي لها، ولا سيما أصحاب المواهب مثل الرياضيين الذين ينشرون يومياتهم أثناء تأدية تمارينهم الرياضية، أو إعداد وجباتهم الغذائية، وكذلك أصحاب المشاريع التجارية المتميزة بالمجتمع الذين يعرضون قصص نجاحهم والتحديات التي واجهتهم في سبيل تحقيق طموحاتهم، بهدف إفادة الآخرين من هذه التجارب».

وأضاف: «ليس بالضرورة أن يكون الهدف من نشر تفاصيل الحياة هو تحقيق الشهرة ففي بعض الأحيان قد يكون نشر اليوميات سبباً في تعزيز ثقة الشخص بنفسه عبر عبارات الإطراء والتشجيع التي يتلقاها من المتابعين».

عبدالعليم حريص.


إلغاء الحواجز

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة


ورأت مريم الرئيسي أن ظهور الشخص المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة متابعيه بعض يومياته لا يعتبر انتهاكاً للخصوصية بل هو إلغاء بعض الحواجز والتعامل بأسلوب عفوي بعيداً عن الرسمية والتحفظ المبالغ فيه، مضيفة: «لكل شخص حرية القرار فيما يريد أن يكشف عن تفاصيل حياته عبر اختيار الصور والفيديوهات بعناية والإجابة عن بعض الأسئلة الشخصية، وكذلك القالب الذي تطرح فيه المواضيع التي يرغب في مناقشتها مع متابعيه».

وأوضحت أن البعض يضطر لنشر مقطع فيديو أو صورة تعبر عن موقف تعرض له في حياته ليوجه من خلاله رسالة توعوية لمتابعيه أو يسدي لهم نصائح تجنبهم الوقع في الأخطاء التي وقع فيها، ويصادف أن يكون نشره لهذا المحتوى سبباً في شهرته على منصات «سوشيال ميديا» ما يدفعه لاستمرار النشر عن يوميات حياته تحقيقا لمبدأ الاستمرار.

مريم محمد الرئيسي.


شهرة هادفة

واعتبرت أميرة العامري أن نشر البعض ليومياتهم على حسابات التواصل الاجتماعي بوابة لتحقيق الشهرة في فضاء العالم الافتراضي وتالياً ضمان دخل مادي عال عبر إعلان المنتجات والسلع، إذ تتهافت عشرات الشركات المنتجة على الأشخاص الذين لديهم عدد كبير من المتابعين لعرض منتجاتها مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة، مؤكدة أن التواجد اليومي على منصات التواصل الاجتماعي ليس انتهاكاً للخصوصية بقدر ما هو حرية شخصية قد تتضمن وجهة نظر صاحبها الهادفة إلى خلق شهرة هادفة.

أميرة العامري.


مصدر إزعاج

من جهته، اعتبر سعود الكتبي نشر الحياة اليومية عبر حسابات التواصل الاجتماعي انتهاكاً للخصوصية، لا سيما فيما يتعلق بالأسرة والحياة العائلية داخل المنزل، لأنها ليست ملكاً لشخص واحد، بل لكل فرد بالأسرة الواحدة خصوصيات لا يعرفها الآخرون، ويجب ألا تكون متاحة للغرباء، أما على مستوى حياة الفرد فله حرية اختيار الصورة الذهنية التي يجب أن ترتسم في أذهان الآخرين عنه في فضاء العالم الافتراضي، فنحن عبر وسائل التواصل الاجتماعي نرسم شخصية معينة عنا نسعى لترسيخها في أذهان الآخرين، لذا نختار المعلومات التي نشاركها المتابع والتي نحجبها عنه، مع مراعاة الحفاظ على الخطوط العريضة للخصوصية.

ولفت إلى أنه ليس بالضرورة أن يحقق نشر صور وفيديوهات الحياة اليومية شهرة لأصحابها، إذ قد تكون مصدر إزعاج وتشهير بخصوصياتهم وإطلاع الآخرين عليها وتالياً تأتي بنتائج غير محمودة.

سعود الكتبي.


حياة مثالية

وأكدت أفكار عبدالله، ضرورة أن يراعي مستخدمو حسابات وسائل التواصل الاجتماعي اعتبارات عدة عند نشر يومياتهم، أبرزها الفصل بين الجانبين الواقعي والافتراضي، لأن عدداً كبيراً من الأشخاص يدعون أنهم يعيشون حياة مثالية من أجل الحصول على شهرة مزيفة على حساب المصداقية، فيما يقدمونه للمتابعين عبر تركيزهم على نشر مقاطع فيديو لعلاقاتهم الطيبة مع أبنائهم أو أسرهم وأصدقائهم، بينما في الواقع هم خلاف ذلك، وقد يخلق هذا التناقض بين حياتهم الواقعية والافتراضية خلافات لا منتهية مع أسرهم والمقربين منهم، لذا من الضروري أن يراعي هؤلاء الاشخاص احترام مبدأ الخصوصية قبل التفكير بمشاركة الآخرين لقصص حياتهم ولحظاتهم الخاصة التي تكمن قيمتها في الاحتفاظ بها.

قيمة جوهرية

وذكرت فرات غانم أن بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يتعمدون نشر جوانب من حياتهم الخاصة عبر هذه المنصات بسبب حالة نفسية أو تجربة فاشلة مروا بها ويعتبرون أن حصولهم على الإطراء والاهتمام من المتابعين يجعلهم يجتازون هذه التجارب بسلام مع أنفسهم، وهم لا يعلمون أنهم يضعون أنفسهم تحت دائرة الأضواء والمراقبة من قبل المعجبين بهم، الأمر الذي يعطل مسيرة تحقيق طموحاتهم وأهدافهم بالحياة.

وقالت إن «البعض يصبح أسيراً للشهرة فيسعى بشكل مستمر إلى التعمق بنشر أمور تمس تفاصيل حياته وبذلك تفقد العلاقات الاجتماعية والمواقف اليومية قيمتها الجوهرية كونها أضحت متاحة للجميع، لذا على أصحاب هذه الحسابات الالتزام بالضوابط الأخلاقية عند نشر أي محتوى يتعلق بحياتهم الخاصة».

فرات غانم.


مبادئ أخلاقية

وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش «إن وسائل التواصل الاجتماعي أوجدت خصوصية منفردة لكل شخص واستقلالية لا أحد يحاسبه عليها، وفي ذات الوقت يجب عليه احترام هذه الخصوصية وتحديد المساحة التي يشارك الآخرين فيها، والحرص على ألا تتنافى مستوى الحرية التي يمنحها لنفسه مع الروابط الأسرية والاجتماعية ومع المبادئ الأخلاقية المتعارف عليها بين الأفراد».

د.أحمد العموش.


واعتبر أن نشر رسائل تعليمية ترفيهية أو نشاط علمي هادف هو أمر محمود، إلا أن عرض مقاطع مصورة للشهرة فقط مهما كلف الأمر فهو مرفوض قطعاً، وقد يقع فاعلوه تحت طائلة المساءلة القانونية التي تؤدي بهم إلى الحبس أو الغرامة المالية.