تغريد السعيد رائدة أعمال وخبيرة في التكنولوجيا الرقمية ـ الإمارات

الإبداع التكنولوجي.. مجال واسع يجمع بين الحوسبة والتصميم والفن والعلوم الإنسانية، كما يشتمل على الفن، وتصميم المنتجات الرقمية والوسائط الرقمية أو الإعلانات والوسائط المصنوعة، باستخدام محرك قائم على البرامج الرقميَّة، وأيضاً يعتمد على علم البيانات، حيث تقوم أبرز العلامات التجارية بالربط بين تلك البيانات ونقاط الاتصال مع المتعاملين والشرائح المستهدفة برمجياً، عبر رحلة المستهلك دون التدخل البشري.

ومع اقترابنا سريعاً من نهاية الربع الأول من هذا القرن، يحاول البشر تكييف سلوكياتهم للتعامل مع هذا الـ«تسونامي الافتراضي» للبيانات والرسائل التجارية، التي يتم إرسالها إليهم عبر الأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وبالرغم من كل هذه التقنيات الحديثة التي تسهل عملية الوصول إلى الشرائح المستهدفة، يتمثل التحدي الذي يواجه جهات التسويق في كيفية توصيل هذه الأفكار والرسائل إلى الأشخاص بشكل أسرع وأرخص وبمستوى عالٍ من الجودة يتناسب مع احتياجات ورغبة الجمهور.

وفي محاولة للمواكبة، يلجأ المسوِّقُون إلى التكنولوجيا والتعلم الآلي والخوارزميات لصناعة محتوى بشكل أسرع وأكبر وجذاب، للوصول إلى شرائح مختلفة من المستخدمين، وتساعد منصات «التكنولوجيا الإبداعية» الجديدة في إنشاء حملات بشكل أكثر كفاءة وتسمح بتحسين الأداء، ولا شك أن معركة التكنولوجيا مقابل الإبداع مدفوعة جزئياً بتوفير التكاليف.

وتعتبر منصات التكنولوجيا الإبداعية فعَّالة بشكل لا يصدق، وبالتالي فهي تشير إلى موقد قوي على التكاليف المرتبطة بنموذج الإنتاج الإبداعي التقليدي، يحرق بشكل كبير أسس نموذج عمل وكالات الإعلان التقليدية، ومع ذلك، فإن مخرجات هذه المنصات بطبيعتها تركز على الدقة على حساب الإثارة الإبداعية والمشاركة البشرية، مثل العديد من جهات التسويق.

وأعتقد أن البصيرة التي تتمحور حول الإنسان تظل مكوناً مهماً في منتجات إعلانية جذابة ومستدامة حقاً، فنحن بحاجة ماسة إلى الكفاءة التي يمكن أن توفرها التكنولوجيا، ومع ذلك، إذا أردنا الإبداع مع القدرة على تنشيط العلامات التجارية طوال رحلة المستهلك، فنحن بحاجة إلى البصيرة البشرية والبراعة أيضاً.

أخبار ذات صلة

طاقة الألوان وتأثيرها النفسي على حياتي
أعجبني فقلت..


بالطبع، التحدي الذي يواجه المسوقين هو: كيفية الوصول إلى الإبداع البشري مع قدر أقل من الإحباطات وعدم الكفاءة في نموذج الإنتاج الإبداعي التقليدي، وفي رأيي، هذا هو المكان الذي يجب أن تلعب فيه التكنولوجيا دوراً داعماً وليس دوراً مركزيّاً.

لنتخيل أنه بدلاً من الاعتماد على التكنولوجيا لبناء الإبداع، نستخدم التكنولوجيا لتبسيط العملية، وبدلاً من التخلي ببساطة عن مسؤولية التطوير الإبداعي لخوارزمية لأنها أرخص، يمكن للمسوق استخدام صندوق أدوات إبداعي للاتصال والتعاون مع شبكة واسعة من التصميمات بكفاءة أكبر.

في هذا العالم، تتوفر مجموعة لا حصر لها من المصممين المحترفين الذين يعملون خارج حدود المناطق الإعلانية في أبوظبي ودبي والرياض وغيرها من المدن العربية. كما هي الحال مع الصناعات الأخرى، حيث أتاح الإنترنت للاتصالات التي كانت مستحيلة بخلاف ذلك، يمكن للمسوق الآن الاتصال بسهولة والعمل مع المبدعين في أي جزء من العالم، كما يمكنهم الاستفادة من هذا من أجل التفكير الإبداعي الجديد والمتنوع والرؤى الثقافية المحلية والمحتوى، أو من أجل أي سوق في العالم، وكل هذا أسرع، وبكلفة أقل من النموذج التقليدي.

التكنولوجيا الإبداعية تقدم لنا مستقبلاً إعلانيّاً جديداً مشرقاً، ومع ذلك، لا ينجح التفكير الإبداعي الكبير والتطوير إلا إذا تجاوزت تحليلات البيانات والخوارزميات وحدها.

كما تمنحنا التكنولوجيا قدراً أكبر من الكفاءة، لكن البشر هم من سيحافظون على علاماتنا التجارية بشكل ملائم، بحيث تكون وثيقة الصلة بالمستهلك، ولحسن الحظ يمكننا الآن الحصول على الإنسان والتكنولوجيا معاً.