حسين نجاح

في الخريف الماضي، مع اقتراب رحيل القوات الأمريكية من أفغانستان، حث العديد من كبار المسؤولين الأمنيين في كابول الرئيس أشرف غني على اتخاذ بعض الخيارات الصعبة.

وقالت شخصيات من بينها وزير الدفاع آنذاك، أسد الله خالد، للرئيس غني إن الجيش والشرطة الأفغانية بحاجة إلى الانسحاب من البؤر النائية، والمناطق الريفية والتركيز على المناطق المركزية والطرق الرئيسية والمعابر الحدودية، حيث تكيفت القوات مع عدم وجود دعم جوي أمريكي والدعم الفني الآخر الذي كان حاسماً في قتال طالبان.

لكن الرئيس ومستشاره للأمن القومي، حمد الله محب، الحاصلين على عدة شهادات مرموقة، ولكن ليس لديهما خبرة في ساحة المعركة رفض الاقتراح بحجة أنه لا يجب التخلي عن شبر واحد من الأرض، بحسب تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

شرطي أفغاني في نقطة تفتيش خارج كابول.(رويترز)

أخبار ذات صلة

زيادة صادرات الصين من السيارات الكهربائية أكثر من الضعف
الصين تحتاط لفساد أقارب المسؤولين بتوسيع قواعد حكومية

بعد أقل من عام، سقطت مساحات شاسعة من البلاد، بما في ذلك تلك البؤر النائية وغيرها الكثير في يد طالبان، وفر آلاف الجنود من البلاد أو استسلموا للمسلحين، وسلموا معداتهم وأسلحتهم.

حدوث الانهيار

وبدلاً من التخندق، حدث الانهيار، ومزقت وكالات الاستخبارات تقييماتها لقوة الجيش الأفغاني. وتخشى الولايات المتحدة الآن أن تسقط كابول في غضون أشهر.

في محاولة يائسة لوقف الخسائر، طلبت الحكومة من أمراء الحرب والزعماء الإقليميين العمل على حشد المليشيات التي حاربت طالبان وبعضها البعض خلال الحرب الأهلية الشاملة في التسعينيات.

ووسط ضباب الارتباك والخوف واللوم، يتفق الجميع هنالك على شيء واحد وهو أنه لم يتوقع أحد حجم أو سرعة انهيار قوات الأمن الأفغانية.

وقال مسؤول قريب من الرئيس: «هناك اعتراف من جانبنا بأننا لم نتوقع تقدم طالبان بهذا الشكل، ولم نكن مستعدين بشكل شامل».

لطالما عانى الجيش والشرطة في أفغانستان من مشاكل هيكلية واستراتيجية. وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها بطيئين في البدء ببناء قوات الأمن الأفغانية بعد الإطاحة بطالبان.

كما تغاضوا عن مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والفساد الشديد لدرجة أن جنوداً جرحى ماتوا جوعاً في مستشفى عسكري رئيسي، بحسب تقرير الغارديان.

وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى التساؤل عما إذا كانت كابول ستتمكن من إعادة تجميع صفوفها بعد سلسلة الهزائم الأخيرة وصد طالبان؟

يعتقد وزير الدفاع المعين مؤخراً، بسم الله خان محمدي، وهو محارب قديم آخر من حروب أفغانستان الطويلة، أنه يستطيع وقف تقدم طالبان، وفقاً لمصادر مطلعة.

استسلام جماعي

لكنه يتوقع أن يستغرق الأمر أسابيع قبل أن يتحول المد، ويستعد آلاف الجنود الآخرين للانشقاق.

فقد فر أكثر من 1000 جندي عبر الحدود، وسلم مئات آخرون أسلحة ومعدات لطالبان في استسلام جماعي تم تصويره بالفيديو ومشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي.

شرطي أفغاني في نقطة تفتيش خارج كابول.(رويترز)

وتم تصوير الجنود وهم يحتضنون أعدائهم، وأعيدوا إلى بلداتهم ومعهم نقود، وهي أداة ذكية اتبعتها طالبان لتقويض الروح القتالية للآخرين الذين يدافعون عن البؤر البعيدة وجعل الاستسلام في مواجهة تقدم المقاتلين أكثر جاذبية.

وتستهدف طالبان أيضاً القوات الجوية، التي تعمل فوق طاقتها ولكنها حيوية لدعم المناطق المعزولة الخاضعة لسيطرة الحكومة. بعد التطورات الأخيرة، أصبحت العديد من عواصم المقاطعات في الواقع مطوقة وتحت الحصار.

حملة خبيثة

ويقوم المتمردون بإسقاط الطائرات ويقتلون الطيارين في حملة خبيثة، وهو أمر شديد الخطورة حيث إن سنوات من التدريب اللازم للطيران تعني أنه من الصعب جدا استبدال هؤلاء الرجال.

والسؤال الآخر المعلق على الجيش هو ما إذا كان المقاولون الذين يعملون على تشغيل المروحيات والطائرات سيبقون بعد مغادرة القوات الأمريكية؟ فالفنيون الأفغان لا يستطيعون صيانة طائراتهم الخاصة.

البؤر النائية التي تعتمد على طائرات الهليكوبتر لإعادة الإمداد ينفد ما لديها من الذخيرة وحتى الطعام، كما أن الغارات الجوية التي كانت ضرورية لصد حركة طالبان في المعارك الكبرى لم تصل أيضاً.

لقد وعدت الولايات المتحدة بدعم «في الأفق» من الطائرات التي تعمل من حاملات الطائرات والطائرات بدون طيار المتمركزة خارج البلاد، لكن من المرجح أن يكون ذلك بطيئاً في الوصول.