أنس كمال الدين

في 24 مايو ودون سابق إنذار غيّر تطبيق تيك توك صوته واستبدل صوت المرأة المعروف عند قراءة نص الفيديو بصوت عالٍ بصوتٍ آخر ذي نبرة ساخرة بعض الشيء. وأطلق العديد من المستخدمين على الصوت الجديد اسم "الصوت المريب Uncanny Valley Girl" للتعبير عن استيائهم، حتى إن المغني ليل ناز إكس نشر مقطعاً على تيك توك حول هذا الموضوع.

تقول مار هيكس المؤرخة في تتبع التكنولوجيا بين الجنسين: «عندما نفكر في النساء في مجال الحوسبة، غالباً ما نفكر في كيفية إسكاتهن بالمعنى الحرفي والمجازي أكثر من الإصغاء إليهن، وكان يُعتقد خطأً، ولفترة طويلة، أن النساء لا دور لهن في عالم الحوسبة، على الرغم من أنهن غالباً من يقمن ببرمجة أجهزة الكمبيوتر».

وتضيف مار أنه لا يزال الأمر كذلك عندما نسمع صوت امرأة يستخدم في منتج تقني، فنحن لا نعرف من هي، وما إذا وافقت على استخدام صوتها بهذه الشكل أم لا. بل ويفترض العديد من مستخدمي تيك توك أن صوت تحويل النص إلى الكلام الذي سمعوه على التطبيق لم يكن لشخص حقيقي. لكنه كذلك فهذا الصوت يعود لممثلة كندية تُدعى بيف ستاندينغ والتي لم تمنح أبداً شركة بايت دانس المالكة لتطبيق تيك توك، الإذن باستخدام صوتها.

بيف ستاندينغ


وذكر مو قع إم أي تي تكنولوي ريفيو أن ستاندينغ رفعت دعوى قضائية ضد الشركة في مايو، مدعيةً أن الطرق التي يستخدم بها صوتها - لا سيما الطريقة التي تمكّن المستخدمين من جعلها تقول أي شيء حتى الألفاظ النابية - تضر بسمعتها وقدرتها على كسب لقمة العيش.

ولاحقاً، عندما ألغى تيك توك صوتها فجأة، اكتشفت ستاندينغ الأمر كما اكتشفناه نحن عن طريق الصدفة دون أن يكلف تيك توك نفسه عناء التعليق للصحافة على هذه المسألة.

أخبار ذات صلة

خطة مبتكرة من ماسك لزيادة إيرادات تويتر
أبل تعتزم تقديم شاشة حاسوب ماك تعمل باللمس


وتضيف هيكس أن الحكاية تتكرر مع سوزان بينيت، المرأة التي قدمت صوت سيري الأصلي، لم تكن تعلم أيضاً أن صوتها كان يستخدم لهذا المنتج حتى خرج إلى العلن ولم تعترف بها شركة أبل أيضاً. وعمدت شركة أبل منذ ذلك الحين إلى كتابة بنود السرية في عقود الممثلين الصوتيين، وزعمت مؤخراً أن صوتها الجديد صمم بالكامل بواسطة البرامج ما يلغي الحاجة إلى منح أي شخص الفضل.

ترى هيكس أن هذه الحوادث تعكس نمطاً مقلقاً وشائعاً في قطاع التكنولوجيا. ولعل أحد أسباب شهرة بيف ستاندينغ وسوزان بينيت الآن على الإنترنت هو أنهما أمثلة جلية حول كيفية تهميش عمل المرأة حتى عندما يكون متاحاً ليراه أو يسمعه الجميع.

وأشارت هيكس مفي مقالها إلى أنه حين تتحدث النساء في التكنولوجيا بصوت عالٍ، غالباً ما يُطلب منهن الصمت - لا سيما النساء ذوات البشرة الملونة. حيث طردت السمراء تينيت جيبرو، الحاصلة على درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر من جامعة ستانفورد، مؤخراً من قيادة فريق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في غوغل بعد أن تحدثت عن مخاوفها بشأن نماذج اللغة الكبيرة التي تتبناها الشركة. كما طردت مارجريت ميتشل من منصبها بعد أن تحدثت عن طرد جيبرو. وفي أماكن أخرى من هذا القطاع، تعرضت المبلغات عن المخالفات مثل صوفي زانج في فيسبوك، وسوزان فاولر في أوبر، والعديد من النساء، للطرد كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لمحاولة القيام بوظائفهن والتخفيف من الأضرار التي شاهدنها في شركات التكنولوجيا التي عملن بها.

وينطبق الأمر على النساء اللاتي أسّسن شركات ناشئة ويتعرضن للتهميش الصريح سيما النساء ذوات البشرة الملونة. حيث تعمدت صحيفة نيويورك تايمز تجاهل رمان شودري، الحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا، والمؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة باريتي التي ترتكز على الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، عندما تجاهلت في مقال نشرته مؤخراً منصب تشودري الرئيس التنفيذي المؤسس ووصفتها بأنها مجرد «باحثة صنعت أداة» في شركة باريتي. وبعد رد فعل شعبي كبير اكتفت التايمز بتحديث القصة بهدوء دون إصدار تصحيح رسمي.

وتضيف هيكس أنه عندما ننظر إلى تأثير أصوات النساء في التكنولوجيا اليوم نلاحظ عدد دعوات المساءلة أيضاً التي رفعت اعتراضاً على التقليل من قيمتهن بالمعنى الحرفي والمجازي.

ومن خلال القيام بعمل التعليق الصوتي الذي يصبح أساساً للأدوات الصوتية التي يستخدمها الملايين، دون أن يتم الدفع لهن أو الاعتراف بفضلهن، غالباً ما تكون النساء حاضرات في مجال التكنولوجيا بقوة ولكن دون الاعتراف بأهمية دورهن.