سامي جولال

يعيش المغرب حالة من الجدل، بعد ارتفاع أصوات مطالِبة بتأجيل الانتخابات التشريعية والجماعية، والجهوية المنتظر تنظيمها في 8 سبتمبر المقبل، بسبب تدهور الوضع الوبائي المرتبط بـ«كوفيد-19»، محذرة من خروج الأمور عن السيطرة، بعد ارتفاع أعداد الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة.

ويختار المغاربة في الانتخابات التشريعية أعضاء مجلس النواب، بينما يختارون في الانتخابات الجماعية، والجهوية ممثليهم في مجالس الجماعات والمقاطعات، ومجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجهات.

وتجاوزت أعداد الإصابات، اليوم الخميس، 12 ألف حالة، لأول مرة منذ ظهور الفيروس بالمغرب، ليرتفع مجموع الحالات المؤكدة إلى 665 ألفاً و325 حالة، وأكثر من 10 آلاف وفاة. بحسب وزارة الصحة المغربية.

ولم يصدر حتى الآن أي قرار رسمي يحسم الجدل الدائر بخصوص تأجيل الانتخابات، باستثناء تصريحات إعلامية لرئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، الثلاثاء الماضي، قال فيها إن «تأجيل الانتخابات، بسبب تزايد عدد الإصابات بكوفيد-19، ممكن من الناحية النظرية، لكن الحكومة لم تناقشه بعد».

دعوات مكثفة

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب دعوات مكثفة، من قِبل مواطنين وشخصيات عامة، مطالبة بتأجيل الانتخابات، بسبب الوضع الوبائي المتدهور، لتجنب الوصول إلى مراحل أكثر سوءاً.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

وفي هذا السياق، قالت المغربية إحسان تقي الدين (20 عاماً)، لـ«الرؤية»، إن «الأطباء والمتخصصين في المجال الطبي المكلفين بتتبع الوضع الوبائي، يفيدون بأن الأشهر المقبلة ستكون حساسة وحاسمة جداً، إذ سيشهد الوباء ذروته، وبالتالي فإن تأجيل الانتخابات هو الحل الأنسب للحفاظ على السلامة الصحية».

إحسان تقي الدين (20 عاماً)، مواطنة مغربية.

وأفاد المغربي محمد أمين بوجيا (34 عاماً)، في تصريحات لـ«الرؤية»، أنه «في ظل الوضعية الوبائية الحالية، التي وصل إليها المغرب، فإنه من الأفضل تأجيل الانتخابات».

محمد أمين بوجيا (34 عاماً)، مواطن مغربي.

إمكانية التأجيل

من جانبه، أفاد المحلل السياسي المغربي، عمر الشرقاوي، بأنه نظرياً يمكن تأجيل الانتخابات، والدستور المغربي يمتلك كل المقتضيات، التي يمكن الاعتماد عليها للتأجيل، مضيفاً أن «التأجيل قرار استراتيجي دستوري ثقيل، يدخل ضمن المجال المحفوظ» لملك البلاد، باعتباره الساهر على احترام الدستور، والمؤتمن على حسن سير المؤسسات الدستورية.

المحلل السياسي المغربي، عمر الشرقاوي.

من جهته، بيَّن أستاذ القانون بجامعة محمد الأول في وجدة (شرق المغرب)، خالد الشيات، أن «تأجيل الانتخابات ممكن من الناحية القانونية في ظل هذه الظروف الطارئة».

خالد الشيات، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول بوجدة (شرق المغرب).

تبعات القرار

وأضاف الشرقاوي، في تصريحات لـ«الرؤية»، أن تأجيل الانتخابات سيجنب المغرب مشاكل صحية، لكنه سيؤدي إلى تمديد عمل المؤسسات الحالية، وتمديد عمر الحكومة «التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والتي سئم منها المغاربة».

وأوضح الشرقاوي أن «تأجيل الانتخابات يمكن ألا يؤدي إلى تمديد عمل المؤسسات الحالية، إذا تم الإعلان عن حالة الاستثناء»، مردفاً أنه «يستبعد هذا الخيار الدستوري».

ويمنح الدستور المغربي الحق للملك في حال تعرض التراب الوطني للبلاد إلى تهديد، أو وقوع أحداث تعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، إعلان حالة الاستثناء، بعد استشارة رئيس الحكومة وعدد من المسؤولين، وتوجيه خطاب إلى الأمة.

ويخول للملك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.

وأبرز الشيات، في حديث لـ«الرؤية»، أن «الرهان في الانتخابات المقبلة مزدوج، إذ يجب الحفاظ على صحة المواطنين، والقائمين على الانتخابات داخل أماكن الاقتراع، والاهتمام بنسبة المشاركة»، موضحاً أن «تنظيم الانتخابات في هذه الظروف، يمكن أن ينتج عنه عدم كثافة المشاركة السياسية».

وفي السياق نفسه، قال الشيات إنه «لا يعتقد أن هناك مشكلة من الناحيتين القانونية أو السياسية في ما يخص تمديد ولاية الحكومة، والبرلمان، والجماعات بكافة أصنافها»، لكنه أكد في المقابل أن «الزمن المغربي يحتاج إلى انتخابات، وإلى دماء جديدة، ورؤية جديدة، وتحول جديد»، مستبعداً اللجوء لحالة الاستثناء؛ لأن المغرب يعيش أزمة صحية وليس أزمة سياسية، تستدعي تدخلاً لإيقاف عمل البرلمان والحكومة.

صعود الوباء

وخلافاً لما عبَّر عنه الشرقاوي والشيات، وما يقوله مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال عضو اللجنة العلمية والتقنية لتدبير جائحة كورونا في المغرب، سعيد متوكل، في حديث مع «الرؤية» إنه يرى شخصياً أن تأجيل الانتخابات من عدمه لن يغير شيئاً، وأن الوباء سيستمر في الانتشار؛ لأن المغرب في عز الموجة حالياً.

سعيد متوكل، طبيب مغربي مختص في التخدير والإنعاش.