سامي جولال

«تعرَّضْتُ لمدة 11 سنة لمختلف أشكال التعنيف الجسدي على يد زوجي، كان آخرها عندما كسر قنينة زجاجية فوق رأسي سنة 2016، وغادر بيت الزوجية بشكل نهائي»، هكذا تفتتح فاطمة الزهراء (33 سنة)، قصتها مع الاعتداء المنزلي، متمنية أن تلقى دعوتها لإدراج محاربة العنف ضد النساء في أولويات برامج الأحزاب المتنافسة حالياً في الانتخابات الدائرة في المغرب القبول.

وتضيف السيدة التي فضلت استخدام اسم مستعار هو فاطمة الزهراء، بصوت أنهكته قسوة الحياة ومرارة العيش، أن معاناتها لم تقتصر على العنف، حيث إنها اضطرت للتنازل عن شكوى قدمتها ضد زوجها السابق، خوفاً من تعرضها للإيذاء بعد خروجه من السجن، ليغادر زوجها البيت تاركاً أطفالهما دون أي نفقات حيث تكافح حالياً لإعالة أبنائها على نفقتها الخاصة.

وترى ناشطات في المجتمع المدني المغربي أن قصة فاطمة تعكس واقعاً معيشاً من طرف الكثير من النساء في المغرب، في الوقت الذي تغيب فيه قضية حقوق ضحايا هذا النوع من العنف عن خطاب المترشحين في الانتخابات من مختلف الأحزاب.

خديجة الرَّباح.


وقالت لـ«الرؤية» خديجة الرَّباح الناشطة وإحدى مؤسسات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إن الأحزاب المغربية المتنافسة تصر على إهمال قضية محاربة العنف ضد المرأة.

وأوضحت «الأحزاب لا تمتلك تصوراً للمساواة، هذه القضية، إلى جانب مناهضة التمييز، والقضاء على العنف بجميع أشكاله، ليست مسألة جوهرية وأولوية بالنسبة لها».

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

ونبهت إلى أن هناك أحزاباً قليلة مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، وحزب الاستقلال، ضمنت برامجها تصورات حول حقوق المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، موضحة أن الأمر ما زال دون التطلعات.

وقالت «كنا ننتظر من تلك الأحزاب أن تخصص أجزاء مهمة من برامجها في انتخابات 8 سبتمبر التشريعية، والمحلية، والجهوية، لعملية تحقيق المساواة، ومناهضة التمييز والعنف ضد النساء».

وحسب بيانات رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط في المغرب مارس المنصرم، فإن أكثر من 7.6 مليون امرأة، أي 57.1% من النساء في المغرب، عانين على الأقل من شكل واحد من أشكال العنف خلال سنة 2019.

وكشفت المندوبية أن الكلفة الإجمالية لأشكال العنف ضد النساء في المغرب تقدر بنحو 2.85 مليار درهم مغربي.

خديجة الركَاني.


بدورها، أعربت المحامية المغربية خديجة الرُّكَانِي عن استيائها من عدم تطرق 4 من الأحزاب السياسية المغربية الكبرى لقضية محاربة العنف ضد المرأة في برامجها الانتخابية، وهي التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، وتناول القضية بشكل باهت من قِبل أحزاب العدالة والتنمية، والتقدم والاشتراكية، والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي بدرجة أكثر اهتماماً وتفصيلاً.

واعتبرت، في حديث مع «الرؤية»، أن ذلك «يعكس غياب قناعة راسخة لدى الأحزاب السياسية المغربية، لمحاربة العنف ضد النساء»، موضحة أن «تلك الأحزاب أكدت ذلك بنفسها في محطات تاريخية ذات علاقة بمحاربة العنف ضد النساء مرَّ منها المغرب».

وألقت الرُّوكَاني بالمسؤولية الأكبر على النساء المناضلات في تلك الأحزاب، متسائلة: «ما دورهن إذا لم يَكُنَّ يدافعن عن القضية النسائية بصفة عامة، ومن ضمنها المناصفة، والمساواة في جميع الحقوق والواجبات، وحماية النساء من العنف؟».

ويعتبر الإطار الزوجي، بحسب المندوبية السامية للتخطيط، المجال الأول للعنف ضد المرأة، يليه الفضاء التعليمي، إذ تعرضت 22.4% من الطالبات لأشكال معينة من العنف، أما في الوسط المهني فقد بلغت نسبة النساء ضحايا العنف أثناء مزاولة عملهن 15.1%.

وفيما يتعلق بالفضاء العام، فقد تعرضت حوالي 12.6% من النساء لأشكال عنف. ويظل العنف النفسي، وفق المندوبية السامية للتخطيط، هو الشكل الأكثر شيوعاً، بنسبة انتشار تقدر بـ46.1%، أي ما يمثل 5.3 مليون امرأة.

رشيد لزرق.


من جهته، يرى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة ابن طفيل في المغرب رشيد لزرق، أن بعض الأحزاب المغربية تحدثت عن الموضوع من باب الشعارات الانتخابية، فيما سكتت أخرى عنه، نظراً لرفضها فكرة المساواة، موضحاً أن غالبية الأحزاب المغربية لا تمتلك كفاءات قادرة على تحويل الشعارات المتعلقة بمحاربة العنف ضد المرأة، إلى مشاريع علمية وعملية قابلة للتحقيق.

ووفق بيانات رسمية، فإنه - ومن بين جميع النساء ضحايا العنف الجسدي أو الجنسي - كان على 22.8% منهن أن يتحملن بمفردهن، أو بمساعدة عائلاتهن، عبء التكاليف المباشرة، أو غير المباشرة، للعنف.