زين العابدين البخاري

قال المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» الدكتور محمد ولد أعمر إن تكاليف الإنفاق على التعليم باتت مرهقة للحكومات وأصبحت الحاجة ملحة للبحث عن موارد جديدة لمحاربة الأمية التي تشير الأرقام إلى تصاعدها بوتيرة كبيرة في الوسط العربي.

وفي حوار مع «الرؤية» توجه ولد أعمر بالشكر إلى دولة الإمارات العربية المتّحدة، على دعمها ومساندتها لبرامج الألكسو ومشروعاتها، مؤكداً في حواره أن جائحة كورونا كان لها تأثير على مسار محاربة الأمية في المنطقة، موضحاً أن بلوغ أهداف العقد العربي لمحو الأمية أصبح أمراً بعيد المنال.

وأشار إلى أهمية إشراك الشباب في معركة مواجهة الأمية، مشدداً على أن أي تأخر في تجاهل آمال الشباب وطموحاتهم قد يؤدي إلى تحول تلك الثروة البشرية إلى تحدّ، يضاف إلى تحديات كبيرة تواجه المنطقة في مسيرتها نحو التنمية الشاملة.

- تشير بيانات صادرة عن الجامعة العربية إلى أن نسبة الأمية في الوطن العربي مرشحة للزيادة نتيجة عدم التحاق قرابة 13 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.. ما أبرز التحديات التي تعقّد مسألة التغلب على تحدي الأمية؟

إن التحديات التي تواجه الدول العربية في مجال محو الأمية جعلت منها مسألة مركبة ومعقّدة والعلة في ذلك تعدد روافد الأمية، فالتسرب المدرسي على سبيل المثال، يمثّل رافداً أساسياً للأمية، وقد تعددت أسبابه بين عوامل نفسية مثل التنمر، واجتماعية (الفقر وجهل الوالدين والتهميش)، وكذا الظروف المرافقة للعملية التربوية ولا سيما عدم التجديد في المناهج وطرق التدريس.

علاوة على ذلك، فإن تكاليف الإنفاق على التعليم باتت مرهقة للحكومات، ليس على مستوى الوطن العربي فحسب بل على مستوى العالم. فأصبحت الحاجة ملحة للبحث عن موارد مالية جديدة، بالمشاركة مع المجتمع المدني، والمنظمات الإقليمية والدولية. يضاف إلى تلك الأسباب رافد جديد صنعته الحروب والنزاعات وموجات النزوح في عديد الدول العربية.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية


كيف تعرّف المنظمات الدولية والإقليمية «الأمية» والشخص الأمي؟

تُعرّف الأمية لغة بأنها عدم معرفة القراءة أو الكتابة. أما اليونسكو فتعرّفها بأنها عدم قدرة الفرد على القراءة والكتابة، وعدم قدرته على اكتساب المهارات اللازمة للمشاركة الكاملة في المجتمع، والممارسة الفعّالة والمنتجة داخله، كما تُعرّف اليونسكو الفرد الأمي بأنه الشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ ويكتب جملة بسيطة عن حياته اليومية. وتُعرّف وثيقة العقد العربي لمحو الأمية (2015-2024)، الأمي بأنه: كل مواطن لا يستطيع استخدام المهارات الحياتية اليومية التي تسهّل له عمليات تواصله مع الآخرين، وتعامله مع متطلب العمل وأدواته ووسائل مختلفة.

أما بالنسبة للأمية الرقمية فتُعرّف بأنها عدم قدرة الفرد على استعمال وسائل التقنية وأدواتها لولوج الشابكة (الإنترنت).

ويشير مرصد الألكسو إلى أنه بالرغم من التطور الملحوظ في نسبة الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت في الدول العربية، حيث تطورت من 38.2%، في عام 2015، إلى حوالي 55% في نهاية 2019. إلا أن عدد السكان الذين لم يبلغوا ذلك الاستخدام يقدر بحوالي 196 مليون نسمة.

المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» الدكتور محمد ولد أعمر. (من المصدر)


- كيف تقيّمون مستوى التحرك العربي في سبيل القضاء على الأمية؟

الدول العربية لم تألُ جهداً منذ النصف الثاني من القرن العشرين، إلا بذلته لفائدة تعميم التعليم للجميع، وأنفقت على التعليم ميزانيات هائلة أثقلت كاهلها، وكان آخر تلك الجهود على المستوى العربي (اعتماد وثيقة العقد العربي لمحو الأمية، 2015-2024). الذي يهدف إلى تحرير جميع الأميين في الوطن العربي بحلول 2024.

وبالرغم من كل تلك الجهود فإن مرصد الألكسو يشير إلى أن عدد الأميين في الوطن العربي اقترب في 2019 من 69.5 مليون أمي وأمية، من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق، ما يعني أن بلوغ أهداف العقد العربي أصبح بعيد المنال، وتبقى فرصة أهداف التنمية المستدامة قائمة ولكن تحتاج إلى جهود كبيرة.

تشير الأرقام إلى تفشي الأمية بشكل أكبر في صفوف النساء العربيات، فما الآليات التي تقترحونها لتجاوز هذا التحدي؟

يشير مرصد الألكسو إلى وجود 42.9 مليون أمية في الوطن العربي، من مجموع الأميين العرب البالغ عددهم 69.5 مليوناً، أي أن نسبة الإناث 61.7%، ما يستدعي جهوداً استثنائية وإبداعية لإنقاذ المرأة العربية من براثن الأمية والجهل.

ويأتي على رأس تلك الجهود والحلول الإبداعية، انخراط المجتمع المدني، والمؤسسات التربوية والإعلامية، في تصميم استراتيجيات وطنية، والعمل على نشر الوعي خاصة في المناطق المهمشة والنائية، وفي أحزمة المدن الكبرى.

مقارنة بالمناطق الأخرى، كيف يبدو أداء العالم العربي في مواجهة الأمية؟

لا شك أن العالم المتقدّم قطع أشواطاً كبيرة في مواجهة الأمية منذ مطلع القرن العشرين. وكانت أبرز التجارب ربما في تلك الفترة هي الصينية والأمريكية والروسية، وتجارب أخرى، واستفاد عدد من الدول العربية على مستوى التنظير والتخطيط من تلك التجارب العالمية، ولكن التفاوت الحاد على المستويات المعرفية والثقافية والتكنولوجية، جعل العمل على مستوى التنفيذ متفاوتاً أيضاً بين الدول العربية.

ومثلت وثيقة العقد العربي لمحو الأمية التي اعتمدت من أعلى مستويات صنع القرار السياسي العربي (القمة العربية). إلا أن المحن والكوارث والحروب، جعلت بلوغ مرامي تلك الوثيقة بعيد المنال في نهاية عام 2024، وهو العام المستهدف للقضاء على الأمية في الوطن العربي، ولكن يبقى الأمل قائماً، طالما أن الإرادة حاضرة على مستوى التفكير والتخطيط.