بدأ العد التنازلي لاختفاء العملات الورقية من العالم رغم عدم جاهزية المستهلكين لهذه الخطوة، ورغم أن جائحة كورونا سرعت من وتيرة انقراض العملات الورقية فإن انسحاب العملات الورقية من مشهد المعاملات المالية بدأ قبل ذلك بسنوات.
عندما أعلن ستيف جوبز عن أول «آيفون» عام 2007، أزال أول عمود من أساسات الأوراق النقدية، تماماً كما يتوقع كثيرون أن يفعل «الميتافيرس» بالعديد من الأشياء التي اعتدنا عليها.
حولت الجائحة 5 تريليونات دولار من مبيعات التجزئة إلى مبيعات عبر الإنترنت، حيث غيرت من أسلوب تعامل الناس مع العملات الورقية خوفاً من الجراثيم. كما قدمت حكومات كالحكومة الصينية قسائم مساعدة دفعت ملايين المستخدمين وآلاف التجار إلى استخدام أساليب الدفع الإلكتروني، ومن المرجح أن يستمر أغلبهم باستخدام هذه الأساليب. توفر هذه التغيرات فرصة لقياس الأهمية النسبية للصدمات المؤقتة والتغيرات التكنولوجية المستمرة، حسبما ذكر موقع «بلومبيرغ» (Bloomberg) في مقالة نشرها مؤخراً.
كما انخفض الاستخدام النقدي في الهند منذ 5 سنوات بعد أن ألغى رئيس الوزراء ناريندرا مودي 86% من النقد القانوني كجزء من تجربة اقتصادية فاشلة، حيث تزدهر أساليب الدفع الرقمي حالياً، علماً بأن النقد يشكل 14% من الأموال المتداولة في الاقتصاد، أي كما كانت الحال قبل سحبها من التداول. وأما في الصين، فأسهمت أساليب الدفع مثل (Alipay) و(WeChat Pay) في تهميش العملة الملموسة، حيث تمثل سندات ديون البنك المركزي للعامة 4% فقط من الأموال.
ورغم زيادة انتشار المحافظ الرقمية، فإن محتواها يتبدل بفعل ثورة «البلوك تشين» التقنية، حيث تعاونت شركة التكنولوجيا المالية «سيركل» (Circle) مع شركة «فيزا» (Visa) لتمكين عملاء الشركات من تداول عملة الدولار الأمريكي المعدنية، والتي تعدّ من عملات منصة الإيثيريوم وترتبط قيمتها بالدولار، مع 70 مليون تاجر.
بينما نترقب إمكانية أن تُجري الأجهزة المعتمدة على إنترنت الأشياء جميع مهام التسوق والدفع نيابة عنا، يمكن أن يصل تدفق الاستهلاك في واقع «الميتافيرس» الموازي إلى نحو 390 مليار دولار بحلول عام 2025. والجدير بالذكر أن تطبيقات الهواتف الذكية المرتبطة بالخدمات العامة في الهند عملت على تصفية ما يعادل 100 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 15 مليون دولار قبل خمس سنوات، علماً بأن «غوغل» وحدها تعاملت مع 38 مليار دولار من هذه التحويلات وأطلقت هاتفاً بأقل من 100 دولار لإتاحة الإنترنت على الهاتف المحمول للجميع.
استخدم نحو 35% من النقد في منطقة اليورو في المعاملات المحلية في عام 2003، ولكن انخفض ذلك إلى نحو 20% في عام 2019، حيث انتهى الأمر بنحو 30 إلى 50% من العملات الورقية في الخارج، ولكن بعض المستثمرين يعتبرون الالتزام السيادي الآمن الذي لا يدفع أفضل من السندات الحكومية ذات العائد السلبي. ولكن إذا جرى تخصيص تداول الأموال لتسيطر عليه التجارة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، فلن تتمكن السلطات من حماية المستهلكين دون وجود عملات رقمية خاصة بالبنوك المركزية.