أنس كمال الدين

كانت اتجاهات الثقافة والمجتمع والتكنولوجيا تتحول وتعيد تشكيل العالم، حتى قبل الأحداث الجسيمة التي هزت العالم في عامي 2020 و2021، ولكن الجائحة أسهمت في تسريع وتيرة هذه التغيرات وأدت إلى خلق فوضى في بعض الحالات.

ومع اقترابنا من عام 2022، يبقى التساؤل الأساسي حول المرحلة التي يتجه العالم نحوها. لا شك أن التكنولوجيا والصحة والمال والمواصلات والحياة المنزلية تشهد تغيرات متسارعة، حيث يتوقع موقع «سي نيت» (CNET) في مقالة نشرها حديثاً التغيرات المحتملة في 5 اتجاهات.

الرعاية الصحية



لن تكون «الرعاية الصحية» كما كانت قبل الجائحة، حيث فاجأ كوفيد-19 العالم إلى حدٍّ كبير، فعندما أعلنت منظمة الصحة العالمية انتشار الوباء في 11 مارس 2020، لم يتوقع الكثيرون أنه سيؤدي إلى عامين من الإغلاق والتباعد الاجتماعي والاضطرابات. بدأت الأمور تعود إلى طبيعتها في منتصف عام 2021، ولكن أدى متغيرا «دلتا» و«أوميكرون» لاحقاً إلى عمليات إغلاق أخرى. فهل سيكون عام 2022 العام الذي يصبح فيه كوفيد-19 وباءً مستوطناً؟ مهما سيحدث، لا عودة إلى عام 2019، فمن المتوقع أن يحذو المزيد من العالم حذو آسيا، حيث اعتاد الناس على ارتداء الأقنعة الواقية في الأماكن العامة منذ سنوات.

يُحتمل أن تصبح الخدمات الصحية عن بُعد شائعة الآن بعد أن اختبر الكثير من الأشخاص مكالمات الفيديو بدلاً من الزيارات الصحية، إضافة إلى أن لقاح كوفيد-19 سيغيّر طريقة صنع اللقاحات إلى الأبد، حيث جرى تطوير اللقاحات في غضون 10 أشهر باستخدام علم الوراثة وتكنولوجيا لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، ولعلَّ هذا من أهم الإنجازات الطبية في القرن.

العمل والمدارس

«العمل» والمدرسة أكثر جوانب الحياة اضطراباً أثناء الوباء. بينما عاد دوام المدارس إلى طبيعته نسبياً، كان ذلك أبطأ بكثير في مجال العمل، حيث فضّل العديد من الموظفين التوازن بين العمل والحياة في العمل عن بُعد، كما هاجر الكثيرون ليكونوا أقرب إلى عائلاتهم أو انتقلوا بعيداً عن مراكز المدن للحصول على مساحة أكبر وهواء نقي. وفي الوقت نفسه، أصبح العديد من أصحاب العمل مفتونين بالمكاسب الإنتاجية للعمل عن بُعد والقدرة على تقليص ممتلكاتهم من العقارات التجارية لتوفير التكاليف بشكل كبير. وأما موضوع «الاستقالة الكبرى» (The Great Resignation) فمن أكثر الاتجاهات إثارة للدهشة، ويحتمل أن يستمر في النمو في عام 2022، حيث ذكرت وزارة العمل الأمريكية في ديسمبر أن عدد الأشخاص الذين تركوا وظائفهم لا يزال عند مستويات عالية قياسية.

أخبار ذات صلة

الأسهم العالمية تتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية
لوسيد تتجاوز هدفها وتنتج 7 آلاف سيارة كهربائية 2022


العملات المشفرة



وبالنسبة للعملات المشفرة والتضخم والتمويل الشخصي، فما زالت في خضمّ التحولات التكتونية، حيث سجل التضخم في نوفمبر أعلى مستوى له منذ عام 1982 عند 6.8%، ما يشير إلى مراقبة تضخم العقارات والسيارات عن كثب في عام 2022. ومن المرجح أن يستمر الصعود في سوق الأسهم مع المستويات المنخفضة لأسعار الفائدة، علماً بأن تقلبات السوق تزداد وضوحاً، ولكن يوجد تساؤل كبير حول ما إذا كانت قوة أسهم التكنولوجيا وأسهم النمو الأخرى قد نفدت أو أنها تستعد لجولة أخرى.

وحققت العملات المشفرة ارتفاعات جديدة وجذبت المزيد من الاهتمام، حيث تجاوز تطبيق تبادل العملات المشفرة «كوينبيس» (Coinbase) تطبيق «تيك توك» و«يوتيوب» ليصبح التطبيق الأكثر تنزيلاً في متجر تطبيقات أبل عدة مرات خلال عام 2021. ويرى البعض في عملة «البيتكوين» تحوطاً ضد التضخم، حيث بدأ السياسيون والرياضيون وغيرهم في أخذ رواتبهم بعملة «البيتكوين» في عام 2021، ولكن هل سيتاح هذا الخيار للجميع في عام 2022؟

الفضاء



سباق الفضاء الجديد أكثر التطورات دراماتيكية في عام 2022، حيث تتعاون الصين وروسيا في إنشاء قاعدة قمرية مستقبلية في عام 2030 وهبوط روبوت على كويكب في عام 2024. فيما أعلنت وكالة ناسا عن روادها العشرة القادمين في ديسمبر لمهمة قمرية مستقبلية. كما أرسلت شركات الفضاء الخاصة «سبيس إكس» (SpaceX) و«بلو أوريجين» (Blue Origin) و«فيرجن غالاكتيك» (Virgin Galactic) مدنيين إلى الفضاء في عام 2021، لتزداد طموحاتها في عام 2022 الذي تخطط فيه «سبيس إكس» لوضع صاروخها ومركبتها الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام في رحلة لمهامها الأولى. وفي الوقت نفسه، ستطلق «ستارلينك» (StarLink) التابعة لسبيس إكس، و«بلو أوريجين» و«أمازون» الآلاف من الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض في عام 2022 لتوفير إنترنت سريع وموثوق بسعر معقول للجميع.

السيارات الكهربائية



تستعد السيارات الكهربائية أيضاً لعام ضخم بعد عدد من الإنجازات في عام 2021، بما في ذلك (Tesla Model 3) التي أصبحت في سبتمبر السيارة الأكثر مبيعاً في أوروبا. ستوقف الولايات المتحدة شراء السيارات التي تعمل بالغاز بحلول عام 2035، في حين توقف المملكة المتحدة ذلك بحلول عام 2030، كما حدد تحالف أوسع من الدول عام 2040 موعداً عالمياً لإنهاء مركبات الوقود الأحفوري. كما توقع إيلون ماسك أن سيارة (Tesla Model Y SUV) المدمجة ستصبح السيارة الأكثر مبيعاً في جميع أنحاء العالم من حيث الإيرادات في عام 2022 لتتفوق على سيارتي (Ford F-150) و(Toyota Corolla). لذلك يجب اعتبار أن السيارة التي تعمل بالغاز ستنخفض قيمة إعادة بيعها بشكل كبير في السنوات المقبلة مع انخفاض الطلب، كما أن التغيرات التي تجتاح الكوكب لن تتباطأ في عام 2022 حتى لو أصبح كوفيد-19 وباءً مستوطناً.