سامي جولال

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتهامات بالقيام بحملته للانتخابات الرئاسية الفرنسية المرتقبة، في أبريل المقبل، بوسائل الدولة بواسطة أموال دافعي الضرائب، واختلاس الأموال العامة، في وقت تواجه فيه مجموعة من المرشحين للانتخابات الرئاسية مشاكل لتوفير التمويل اللازم لحملاتهم الانتخابية، بسبب الشروط الصارمة، التي تضعها الدولة الفرنسية، لتعويض المرشحين جزئياً عن النفقات المالية، التي أنفقوها خلال حملاتهم الانتخابية.

وتعد أموال تمويل الحملات الانتخابية ملفاً حساساً في فرنسا، فقد تعرض الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي لفضيحة، بعد اتهامه بتلقي أموال من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لتمويل حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2007، وأيضاً تمويله لحملته الانتخابية الرئاسية لعام 2012 بشكل غير قانوني، والحكم عليه بالسجن لمدة عام.

اتهامات باستغلال وسائل الدولة

ويتهم خصوم ماكرون، بحسب تحقيق نشرته مجلة «لوبس» الإخبارية الفرنسية، بالقيام بالحملة باستخدام «وسائل الدولة»، بواسطة أموال دافعي الضرائب، كما ذهب رئيس حزب الجمهوريين، ممثل اليمين التقليدي في فرنسا، كريستيان جاكوب، إلى حد الحديث عن «اختلاس الأموال العامة».

امتياز المنتهية ولايته

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»

ويتمتع ماكرون، الذي سيترشح قريباً لإعادة انتخابه، بامتياز «المنتهية ولايته»، إذ يُشتبه في كل ظهور رسمي له أنه يقوم بحملة، في تحد لقواعد تمويل الحياة العامة، التي تشرف عليها اللجنة الوطنية لحسابات الحملة والتمويلات السياسية، وهي سلطة ليس لماكرون، أي التزام تجاهها في الوقت الحالي، إذ لا يوجد شيء غير قانوني، ولكن بمجرد أن يصبح مرشحاً بشكل رسمي، سيتعين عليه الإعلان عن نفقات رحلاته الانتخابية، التي تمت منذ الأول من يوليو 2021، وستقوم اللجنة بعد ذلك بالتحقيق لمدة 6 أشهر قبل التأشير أو عدم التأشير على حساباته.

الاستفادة من تمويل الدولة

ولتمويل حملته الانتخابية، يتمتع فريق ماكرون 2022 بميزة تتمثل في استفادة حزبه «الجمهورية إلى الأمام»، بشكل كامل من تمويل الحياة العامة، الذي يتم حسابه على أساس عدد الأصوات، التي تم الحصول عليها خلال الانتخابات التشريعية في عام 2017، أما في عام 2022، سيجمع حزب ماكرون، ما يقرب من 21 مليون يورو من الإعانات، من أصل 66 مليوناً تم دفعها لجميع الأحزاب السياسية.

ويأتي حزب الجمهوريين، الذي تُمثِّله في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة المرشحة فاليري بيكريس، في مرتبة متأخرة بـ13 مليون يورو، يليه الحزب الاشتراكي بـ6 ملايين، وحزب التجمع الوطني بما يزيد قليلاً على 5 ملايين، ما يجعل فريق ماكرون، في وضع معاكس لما حدث في عام 2017، حيث لم يكن بإمكانهم الاعتماد على أية مساعدة من الدولة.

وفي عام 2017، راهن حزب ماكرون على جمع التبرعات من المتبرعين الكبار، وتمكن حينها من جلب عدة ملايين من اليورو للحزب، لكن هذا العام قال أمين مال الحزب، لوران سانت مارتن، إن «لجوء الحزب إلى التبرعات سيكون أقل، إذ يخطط لجمع 5 ملايين فقط، مقارنة مع نحو 14 مليوناً في عام 2017».

عائق 5% من الأصوات

وفي سياق متصل، يثقل تمويل الانتخابات كاهل صغار المرشحين، إذ تشترط الدولة الفرنسية حصول المرشحين على الأقل على 5% من أصوات الناخبين، لكي تعيد إليهم 47,5% من مجموع نفقاتهم خلال الحملة الانتخابية، بحد أقصى قدره 16.85 مليون يورو بالنسبة للمرشحين في الجولة الأولى، و22.51 مليون يورو للمرشحين في الجولة الثانية.

ويضطر المرشحون إلى الاكتفاء بتعويض لا يتجاوز 4.75% من المبلغ المالي الذي أنفقوه، إذا لم يتمكنوا من بلوغ عتبة الـ5% من الأصوات.

وينظم الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 10 أبريل المقبل، والدور الثاني في 24 من الشهر نفسه.

شروط للقروض المالية

ونقلت المجلة عن زعيم حزب سياسي فرنسي قوله إن المصرفِيِّين لا يقرضون المرشحين، الذين تُظهر استطلاعات الآراء أنهم سيحصلون على أقل من 5% من الأصوات في الانتخابات، ويتأكدون من أن المقترض يبلغ 7 أو 8% في استطلاعات الرأي، لمراعاة هامش الخطأ.

ويمثل السباق نحو الحصول على 5% من الأصوات تحدياً في حد ذاته، فقبل قبل شهرين من الانتخابات، تشكل استطلاعات الرأي بالفعل تهديدا بالخسارة المميتة، وحتى الإفلاس، على كل أولئك الذين يعيشون تحت هذه النسبة، من بينهم عمدة العاصمة باريس، مرشحة الحزب الاشتراكي، آن هيدالغو، والمرشحة اليسارية كريستيان توبيرا، ونيكولا ديبون-إينيان عن حزب «انهضي فرنسا»، ويانيك جادوت عن حزب البيئة والخضر".