سامي جولال

الحرب الروسية - الأوكرانية، لم تقتصر فقط على الجانب العسكري، بل تجري بالموازاة، حرب أخرى بينهما، هي الحرب الإلكترونية، التي دفعت أوكرانيا إلى تشكيل جيش لـ«تكنولوجيا المعلومات»، يضم 300 ألف متطوع، للرد على الهجمات الإلكترونية الروسية، في ظل تسجيل 89% من الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم في 5 مارس الجاري في أوكرانيا وروسيا.

وأبرزت صحيفة «لاكروا» الفرنسية، أن الحرب بين أوكرانيا وروسيا ليست فقط في الجانب العسكري، بل أيضاً بالهجمات الإلكترونية، التي تم تكثيفها منذ بداية الحرب في 24 فبراير، وتستهدف أوكرانيا وروسيا معاً، بقيادة فاعلين حكوميين، أو متطوعين حفزهم الصراع، يهدفون إلى إرباك العدو، من خلال الإضرار ببنيته التحتية، والشبكات الحاسوبية، أو تقويض ثقته من خلال إيقاف تشغيل المواقع الحكومية، والخدمات المصرفية، والإعلامية.

الهجمات في روسيا وأوكرانيا

ونقلت الصحيفة عن شركة «أمبيرفا» (شركة أمريكية لبرامج وخدمات الأمن السيبراني، التي توفر الحماية لبيانات الشركات، وبرامج التطبيقات) أن 89% من الهجمات الإلكترونية المسجلة في جميع أنحاء العالم، في 5 مارس الجاري، تتعلق بأوكرانيا وروسيا، وأن 90% منها هجمات تخص حجب الخدمة، وهي السلاح المفضل للهاكرز في جيش تكنولوجيا المعلومات، الذي يكرس أعضاؤه، أنفسهم للهجمات الإلكترونية بنفس قدر نشر الدعاية على الشبكات الاجتماعية. وقبل بدء الحرب في أوكرانيا، أدت العديد من هجمات حجب الخدمة، إلى جعل مواقع العديد من البنوك، والوزارات الأوكرانية، غير متاحة، وشمل ذلك استخدام برمجيات خبيثة جديدة، كُشفت في اليوم السابق للحرب، مصممة لمحو بيانات المؤسسات الحكومية الأوكرانية، ونقلت الصحيفة عن شركة الأمن السيبراني السلوفاكية «Eset» قولها إن تلك الهجمات جرى التخطيط لها منذ عدة أشهر.

جيش تكنولوجيا المعلومات

وعلى الجانب الأوكراني، أعلنت مجموعة الهاكرز «Anonymous» الحرب الإلكترونية على روسيا، وبعدها يومين، أعلن نائب رئيس الوزراء الأوكراني المسؤول عن التكنولوجيا الرقمية، ميخايلو فيدوروف، عن إنشاء «جيش تكنولوجيا المعلومات»، وهي مجموعة تضم الآن أكثر من 300 ألف متطوع، وتقوم بتنسيق هجمات حجب الخدمة ضد الأهداف الروسية.

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»


أوكرانيا.. مختبر الحرب السيبرانية

ومنذ أحداث عام 2014، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، تعرضت أوكرانيا، لهجمات إلكترونية متطورة من روسيا؛ ففي نهاية عام 2015، نجح هاكرز روس في جعل محطة للطاقة في غرب أوكرانيا خارج الخدمة، وهو ما كرروه في عام 2016 في العاصمة كييف. وفي 2017، قام برنامج ضار يسمى «NotPetya»، بتلويث 30% من أنظمة الكمبيوتر الأوكرانية، وشل مؤقتاً جزءاً كبيراً من اقتصاد البلاد، وهو ما ضرب أوكرانيا أولاً، وانتشر إلى دول أخرى، ما تسبب في أضرار بمليارات الدولارات، ما يجعل أوكرانيا مختبراً للحرب الإلكترونية القادمة، وروسيا تهديداً رئيسياً في هذا المجال.

كما نقلت الصحيفة عن خبير الأمن السيبراني، والمدير السابق للمركز الوطني البريطاني للأمن السيبراني، كياران مارتن قوله «الروس لا يرغبون في توجيه ضربات قاسية جداً للشبكات الأوكرانية، حتى يتمكنوا من الاستمرار في التجسس عليها».

وأضاف قائلاً «هناك الكثير من الضجيج والإثارة، ولكن لا ينبغي الخلط بين الحرب الإلكترونية وحرب المعلومات، والهجمات على البنية التحتية الروسية والأوكرانية لا تزال محدودة للغاية، والهجمات التي شوهدت منذ بداية الحرب هي امتداد للتحرش الإلكتروني، الذي تمارسه روسيا على أوكرانيا منذ سنوات، والأداة الإلكترونية ليست «زراً أحمر سحرياً» يكفي الضغط عليه لإغراق بلد ما في الظلام، بل إن الهجمات الإلكترونية ضد البنية التحتية لها تأثير محدود، وتتطلب إعداداً طويلاً، ومنطق الصراع المفتوح ليس بالضرورة نفس منطق الحرب الهجينة.. فلماذا نقضي عاماً ونصف العام في التحضير لهجوم إلكتروني على محطة للطاقة، في حين أنه من الممكن تفجيرها؟». كما يمكن أن يوفر سقوط مدن أوكرانية مثل خيرسون، وميليتوبول، والاستيلاء على أجهزة معلوماتية حكومية محلية، فرصاً جديدة للقراصنة لاقتحام الأنظمة المعلوماتية الأوكرانية.