الرؤية

سفير تركيا في واشنطن يعلن انتهاء صلاحية «الشراكات الإقليمية التقليدية»

يدعو لترسيخ «التراث والجوار والمستقبل المشترك» بين تركيا وإسرائيل


فوجئت الدوائر الإقليمية والدولية بتحول غير مسبوق في العلاقات التركية – الإسرائيلية، ترجمه سفير أنقرة لدى واشنطن الدكتور حسن مراد مرجان عبر مقال نشره في مجلة «تركسكوب» الشهرية، التابعة لـ«مركز موشي ديَّان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا» بجامعة تل أبيب. وفي المقال الذي لفت انتباه كافة المراقبين، استهل الدبلوماسي التركي حديثه بالإشارة إلى حتمية توفير قنوات من الحوار المستدام بين تركيا وإسرائيل، اعتماداً على القواسم المشتركة بين البلدين، وتنحية خلافات الرأي فيما بينهما جانباً. ووصفت دوائر إسرائيلية الدكتور مرجان بـ«أبرز الكوادر التركية رفيعة المستوى على مستوى العالم»، وجاء ذلك تزامناً مع دعوته في المقال المفاجئ إلى «منح الثقة في عملية تحسين العلاقات، التي يقودها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ ونظيره التركي رجب طيب أردوغان»؛ وألمح إلى دواعي الحاجة إلى تعزيز علاقات التعاون بين إسرائيل وتركيا في هذا التوقيت، حسب رأيه.

المقعد المنخفض

وتوترت العلاقات الإسرائيلية مع تركيا منذ تولي أردوغان السلطة في 2003، وتبنيه سياسة وخطاباً هو الأعنف من نوعه ضد إسرائيل؛ ووصلت العلاقات إلى منحدر من التردي منذ ما يقرب من 10 سنوات في أعقاب سلسلة من الأزمات، منها «واقعة المقعد المنخفض»، التي استدعت خلالها الخارجية الإسرائيلية سفير أنقرة لدى تل أبيب أحمد أوغوز تشيليكول بداية 2010 للتوبيخ على خلفية تصريحات ومواقف تركية مناوئة لإسرائيل؛ وأجلس مسؤولو الخارجية الإسرائيلية السفير التركي على مقعد منخفض، واكتفوا بوضع العلم الإسرائيلي فقط على الطاولة.

ورغم استقرار العلاقات بين البلدين بعد واقعة سفينة المساعدات التركية لقطاع غزة المعروفة بـ«قافلة مرمرة»، لكنها ظلت أكثر بروداً. وتطرق الدكتور في مقاله إلى تلك الفجوات، مشيراً إلى أنه «رغم استحالة تطابق وجهات النظر التركية – الإسرائيلية إزاء كافة الإشكالات، مثل القضية الفلسطينية بعد زيارة واحد فقط»؛ وقال إنه حتى إذا لم تبرح الخلافات مكانها، فإنها لن تختفي بضغطة زر. وأضاف: «المصالح الجيو – استراتيجية بين البلدين تفرض تعاوناً وطيداً متعدد المستويات».

إقرأ أيضاً..الحرب الأوكرانية.. العقوبات لا يمكنها إعادة الدبابات الروسية

النشاط النووي

وفي حين لم يتطرق مرجان في مقاله إلى إيران بشكل مباشر، ألمح في المقابل إلى جهودها الرامية إلى تطوير سلاح نووي، وأكد مدى الخطر الذي تتعرض له بلاده هي الأخرى جراء النشاط النووي الإيراني. ودعا مرجان أيضاً إلى التعاون مع إسرائيل إزاء كل ما يخص التهديدات الأمنية، ومسارات الإمداد بالطاقة؛ فضلاً عن دعوته إلى دفع «التآزر بين الثقافات» قدماً والاستعانة به في مكافحة جرائم الكراهية نتيجة العداء للسامية والإسلاموفوبيا.

وادعى مرجان في مقاله أيضاً إن «الشراكات الإقليمية التقليدية» تنتهي صلاحياتها في توقيت معين، نظراً لأنها كانت تهدف لأغراض محددة؛ لكن إسرائيل وتركيا تستطيعان في المقابل تأسيس شراكة إقليمية قوية خاصة، لاسيما أن البلدين يتقاسمان «تراث، وجوار، ومستقبل مشترك». ودعا سفير تركيا لدى واشنطن إلى تعزيز التعاون الأمني بشكل أكبر بين إسرائيل وتركيا مع «تركيز خاص على مكافحة الإرهاب»، ومواجهة «لاعبين إقليميين أشرار»، وما ينطوي على ذلك من «تجميد لإجراءات زعزعة الاستقرار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

حلف وثيق

واستطرد مرجان في مقاله المنشور بالمجلة الشهرية الإسرائيلية «تركسكوب»، واصفاً كيف يمكن أن يجسد الضلوع التركي – الإسرائيلي المشترك والشفاف في القضايا الإقليمية نموذجاً لـ«تفضيل الحوار والدبلوماسية»؛ مشيراً إلى أن تأثير مثل هذا التعاون يمكنه التمدد أيضاً إلى مناطق ما وراء الشرق الأوسط. وفي ضوء التناحر بين الدول العظمى، ادعى مرجان بأن هناك إمكانية كبيرة لخلق حلف وثيق بين إسرائيل وتركيا، ليصبح مرحلة أولية في إعادة صياغة منظومة دولية جديدة، وأن مثل هذا الحلف قد يصبح أداة لـ«تغيير قواعد اللعبة»، وقد يترتب عليه صياغة تطورات في الشرق الأوسط تنبع من التنافس بين الدول العظمى.

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»


وتطرق الدكتور مرجان في نهاية مقاله إلى إسهام اليهود في التراث التركي، وحُسن تعامل تركيا مع سكانها اليهود، ودعا إلى دعم الجهود الرامية إلى المصالحة بين البلدين؛ وقال: «ينبغي على الشعبين التركي والإسرائيلي دعم رئيسيهما من أجل تطبيق هذه الرؤية، وإدراك فرص تغيير وبناء العلاقات بين البلدين، القائمة على الثقة المتبادلة والاستقلالية».