ناهد حمود

أكد المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، المؤرخ الإماراتي جمال بن حويرب، أن العالم العربي بحاجة إلى إجراءات سريعة وحاسمة لزيادة الإنفاق المخصص لتعزيز إنتاج ونشر المعرفة، وخصوصاً في مجالات التعليم بمراحله المختلفة، مضيفاً أن التكنولوجيا أحد أهم أدوات التمكين المعرفي في القرن الواحد والعشرين.

وبيّن في حواره مع «الرؤية»، أن التعليم هو أحد أسس المعرفة، والعرب يمتلكون أهمَّ مقومات النجاح للدخول في مجتمع المعرفة، وهو الكادر البشري المتعلِّم والقابل للمواكبة والتطور، موضحاً أن العالم العربي بحاجة إلى إجراءات سريعة وحاسمة لزيادة الإنفاق المخصص لتعزيز إنتاج ونشر المعرفة، وخصوصاً في التعليم بمراحله المختلفة والبحث العلمي بمراكزه وميزانياته، مضيفاً أنه يجب إعطاء المعرفة أولوية قصوى عبر مضاعفة المساعدات المقدَّمة إلى القطاعات التعليمية الأساسية والجامعية في البلدان الفقيرة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية.

وتطرق إلى أن برنامج «الراوي»، تضمَّن 12 موسماً تمثِّل 346 حلقةً توثِّق لأول مرة تاريخ المنطقة، وشارك في حلقاته أكثر من 800 متحدثٍ، وتمَّ التصوير في أكثر من 1000 مكان في 3 قارات.

جمال بن حويرب.


وإلى نص الحوار..

هل أثّرت التكنولوجيا في علاقتكم بالكتاب والقراءة؟

التكنولوجيا لها تأثيرات مواتية في الكتب التقليدية والعلم، حيث أرست مجالاً أوسع من العلم والمعرفة متاحاً أمام الجميع، وبات الأمر يتوقَّف فقط على الشخص نفسه في الحصول على العلم، لذا يمكن وصف التكنولوجيا بأنها إحدى أهم أدوات التمكين المعرفي في القرن الواحد والعشرين.

هل تعتقد أن وهج العلوم والأبحاث التي كانت تملأ الدنيا شرقاً وغرباً انتهى؟ وما السبب؟

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة

تنتهي العلوم بانتهاء البشرية، لذا فإن وهج العلوم والأبحاث لم يبدأ بعد، وما تحقق خلال الـ200 عام الماضية في العلوم والبحث العلمي ما هو إلا تمهيد والقادم أعظم بإذن الله، وذلك بالنظر إلى التطوُّرات المرتقبة في الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية وعلم الأحياء التركيبي، إضافة إلى أبحاث الفضاء والعوالم الأخرى.

يعرض في شهر رمضان المبارك برنامج «الراوي».. ماذا عن البرنامج وأهميته؟

يعد «الراوي» أرشيفاً تاريخياً ووطنياً، حيث يلقي الضوء على تاريخ دولة الإمارات والخليج العربي والدول العربية خلال 100 عام، ويتناول في كل حلقة شخصية عامة أثَّرت بشكل إيجابي في جانب من جوانب الحياة، وأسهمت في تشجيع العلم والتربية والمعرفة، كما يتطرَّق البرنامج إلى العادات والتقاليد والأحداث المهمة التي مرَّت بها المنطقة، حيث يتضمَّن 12 موسماً تمثِّل 346 حلقةً توثِّق لأول مرة تاريخ المنطقة، وشارك في حلقاته أكثر من 800 متحدثٍ من الوزراء والأعيان، وتمَّ التصوير في أكثر من 1000 مكان في 3 قارات.

ماذا عن رؤيتك للمشهد المعرفي الراهن في العالم العربي؟

العالم العربي بحاجة إلى إجراءات سريعة وحاسمة لزيادة الإنفاق المخصص لتعزيز إنتاج ونشر المعرفة، وخصوصاً في مجالات التعليم بمراحله المختلفة والبحث العلمي بمراكزه وميزانياته، فضلاً عن استراتيجيات بناء القدرات البشرية، بما في ذلك إعداد الخبراء والباحثين وتشجيع الابتكار وبراءات الاختراع وحماية المتفوقين.

وعلى الرغم من أنَّ المجتمع العربي لا يزال مستخدماً منتجات التكنولوجيا أكثر منه مُنتِجاً لها، فإنَّ العرب يمتلكون أهمَّ مقومات النجاح للدخول في مجتمع المعرفة، وهو الكادر البشري المتعلِّم والقابل للمواكبة والتطور، كما يمتلكون رأس المال الضروري للنهوض بمؤسَّسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي، ولا ينقصهم سوى الإدارة الكافية لتوفير البيئة التنظيمية والمناخ المجتمعي الذي يشجِّع على البحث والابتكار؛ لأنَّ المواهب الفردية على أهميتها، لا تستطيع العمل والمنافسة في بيئة تنحصر فيها المعارف والتقنيات.

المعرفة سلاح العالم لمواجهة الفقر والجهل .. كيف ترون ذلك؟

يعرف العالم جيداً أنَّ المعرفة هي السلاح الأقوى لمواجهة الفقر والجهل، ولكنَّ هناك تحدّياً صعباً يتمثَّل في استراتيجيات بناء ثقافة المعرفة في المجتمعات؛ نظراً لأنَّ عملية التغيير الثقافي من أصعب المراحل، وتحتاج إلى استخدام نهجٍّ معرفيٍّ دقيق يستهدف الشباب وأجيال المستقبل حتى يكون هناك ترسيخ لتلك الثقافة منذ المرحلة المبكرة، إلى جانب وجود مقاييس منهجية لتقييم التأثيرات المترتبة عليها في الحياة.

لقد تسبَّبت جائحة «كوفيد-19» في تزايد حدة الفقر في مناطق متفرقة من العالم، حيث كانت الفترة الاستثنائية من التباعد الاجتماعي وتدابير الإغلاق في أغلب بلدان العالم صعبة للغاية، ليصبح الجوع والفقر تهديداً حقيقياً للملايين من أفقر سكان العالم، والذي من شأنه أن يهدر عقوداً من التقدُّم البشري، وبالرغم من الدعم الجيد الذي يقدِّمه العالم من مساعدات مالية وتوزيع اللقاحات على البلدان الأقلِّ دخلاً من أجل التكيُّف وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية وسبل العيش، فإنه يجب إعطاء المعرفة أولوية قصوى من خلال مضاعفة المساعدات المقدَّمة إلى القطاعات التعليمية الأساسية والجامعية في البلدان الفقيرة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية؛ لأنَّ التعليم هو أحد أسس المعرفة، وسيصنع الفارق لتلك المجتمعات على النحو الذي يمكِّن الناس من الابتكار والصمود في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية المستقبلية.

هل ترى أنَّ قمة المعرفة أسهمت فعلياً في إنقاذ العقول البشرية والدول في الوقت المناسب؟

منذ العام 2014، تجمع مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، الخبراء والقادة والمسؤولين الحكوميين من كافَّة أنحاء العالم، تحت مظلة «قمة المعرفة»، والهدف هو تفعيل الحراك المعرفي على مستوى العالم، وخَلْق حالةٍ من النقاش البنَّاء حول دور المعرفة في التحديات المتعاقبة، وما عزَّز من التأثير الإيجابي للقمة، دور المؤسَّسة الرائد عالمياً في بناء مجتمعات المعرفة من خلال التعاون الاستراتيجي مع كافَّة المؤسَّسات الدولية، وعلى رأسها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبر مشروع المعرفة العالمي الذي يستند إلى رؤية مشتركة لتعزيز التنمية المستدامة القائمة على المعرفة إقليمياً وعالمياً.

وبالنظر إلى قمَّة المعرفة 2022، فقد جاءت في وقت يشهد فيه العالم ظروفاً استثنائية نتيجة جائحة كوفيد-19 وانعكاساتها غير المسبوقة في كافَّة مناحي الحياة، لذا فإنها تُعدُّ من أهمِّ القمم، وما عزَّز ذلك مخرجات وتوصيات في غاية الأهمية للمساعدة على وضع كثير من الحلول، التي سنعمل جاهدين على مشاركتها مع المؤسَّسات الوطنية الحكومية والخاصة وكذلك مع القادة والخبراء والمسؤولين الحكوميين من كافّة أنحاء العالم، حيث تمثّل إضافة نوعية لما تستند إليه من بيانات حديثة لقياس مستوى المخاطر المستقبلية، ومن أهمها؛ ضرورة تضافر الجهود العالمية لترسيخ المعرفة وإعادة صياغتها في المجتمعات خلال السنوات الثمانية المقبلة من أجل استثمارها بالشكل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة، ومراجعة وتحديث أنظمة التعليم والتعلُّم بشكل متواصل وفق المتغيرات، مع إعطاء مساحة أكبر للتعليم الافتراضي، وتشديد القوانين وفرض قيودٍ أكثرَ صرامة تحدُّ من النفايات واستخدام المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلُّل، وأهمية العمل على نشر مفهوم المواطن العالمي في المجتمعات، بهدف إدراك حجم التحديات التي تتعرَّض لها البشرية، والتفكير معاً في إيجاد الحلول، والتحوُّل نحو المدن المستدامة والذكية، وإعطاء المساحة بشكل أكبر للقطاع الخاص في الدول الفقيرة للاستثمار في البنى التحتية، وضرورة أن تعمل كافَّة البلدان على إعداد قواعد بيانات ضخمة من أجل الأجيال المستقبلية.

صرحت في قمة المعرفة بأن كورونا أفقدت العالم أكثر من 255 مليون وظيفة.. برأيكم كيف يمكن مساعدة المتضررين؟

في الواقع الفقراء هم الأشدُّ تضرراً بالجائحة، فخسروا سبل معيشتهم والقدرة على الحصول على الغذاء والرعاية الصحية، وأصبحت أعدادهم متزايدة، لذا فإنَّ الخطوة الأولى والأهم في هذا الاتجاه أن يكون هناك التزام عالمي لإتاحة التوزيع العادل للقاح على كافَّة بلدان العالم، مع تبنّي الدول برامجَ تحصين وطنية، ونشر المعلومات الصحيحة في المجتمعات والمناطق الفقيرة لمجابهة الشائعات المناهضة للتطعيم؛ حتى يستطيع العالم العودة إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى.

بينما ترتكز الخطوة الثانية على تقديم المساعدات التنموية للبلدان بشكل موسَّع على مستوى القطاعات كافَّة من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي، الذي بدوره يمكِّن من إتاحة المزيد من فرص العمل، وأن يكون هناك خطط استجابة اقتصادية لمرحلة التعافي ما بعد الوباء من خلال توفير الدعم للقطاعات الأكثر تضرراً، والمساعدة على تدشين المشروعات الجديدة، في حين تتمثَّل الخطوة الثالثة في ترسيخ المعارف في المجتمعات والبلدان النامية من خلال إعطاء الأولوية القصوى لتعليم الأجيال والنشء، نظراً لأنَّ هذه الخطوة تعزِّز من قدرات البلدان التحوُّلية القائمة على التعاون والابتكار، وتؤهِّل أجيال قادرة على الاستجابة للمتغيرات المستقبلية وتمتلك المهارات والمعارف المناسبة لمجابهة المخاطر والاضطرابات والتحديات.