الرؤية

الإنفاق العسكري الصيني يتجاوز كامل الاقتصاد الأمريكي خلال العقد القادم

نفوذ بكين يهدد واشنطن أكثر من موسكو في كل نقاط خارطة العالم

«التنين» كسر احتكار النفوذ الأمريكي والبريطاني والفرنسي في أفريقيا

أكدت تقديرات موقف سريَّة أمريكية تنامي نفوذ بكين على حساب واشنطن في سائر النقاط المحورية على خارطة العالم، وهو ما يسحب بساط نفوذ وهيمنة الولايات المتحدة خلال فترة وجيزة لصالح الصين. ولا يكترث معدو التقديرات بـ«ضجيج المخاوف الأمريكية من روسيا»؛ فحتى الاتحاد السوفييتي لم يشكل تهديداً على واشنطن وقتذاك قياساً بتهديدات بكين في الوقت الراهن. وفي حين يقتصر اهتمام موسكو على إحراز مكاسب إقليمية تمكنها من تأمين حدودها مع الـ«ناتو» تتطلع الصين إلى انتزاع الهيمنة الأمريكية التي باتت حكراً عليها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

لا تغفل الولايات المتحدة تلك الحقائق، ورغم انشغالها بالحرب الروسية الأوكرانية، لا تتوقف رحى مناوراتها العسكرية في المحيطين الهندي والهادئ. ويتردد صدى المنافسة الصينية العنيدة للولايات المتحدة بين أعلى مستويات الجيش الأمريكي؛ فخلال محاضرة ألقاها وزير القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال بمعهد «بروكيغز» قال إن «الصين أضحت تشكل تحدياً وتهديداً أكثر خطورة وطولاً في أمده لقدرات الولايات المتحدة الاستراتيجية». وفيما يتعلق بالتهديدات الروسية، قال كيندال: «من بين الاثنين، أنا مهتم بالصين أكثر من روسيا. الصينيون لديهم الموارد والقدرة، ولديهم النية أيضاً». وأشار كيندال إلى أن الصين لديها وقت وموارد كافية لتطوير أسلحة عسكرية بعيدة المدى، وهو ما يدعم قدرتها على تدمير أسلحة أمريكية مناظرة.

برنامج صاروخي

ورغم تفادي كيندال تحديد نوع الأسلحة العسكرية الصينية المقصودة، إلا أن تقارير تقدير الموقف العسكري في «البنتاغون» تضفي مصداقية إلى حد كبير على أحدث التطورات العسكرية والتكنولوجية الصينية، ومنها على سبيل المثال، حسب صحيفة «ذي أورسيان تايمز»، برنامجها الصاروخي فوق الصوتي الذي يتفوق بكثير على نظيره لدى الولايات المتحدة. وأضاف المسؤول العسكري الأمريكي أن الصين لديها طموح القوة العظمى على وجه الأرض، ولتفعيل تلك الخطوة على الأرض «لن يتراجع الصينيون عن إزاحة الولايات المتحدة». ووفقاً لفرانك كيندال، لا تكترث بكين في استراتيجيتها بتوسيع أراضيها، وبدلاً من ذلك تعمل على اكتساب أكبر قدر ممكن من النفوذ عبر التموضع في قواعد الاقتصاد العالمي. ويعد الناتج المحلي الإجمالي في الصين أحد أهم أسباب منافستها العنيفة للولايات المتحدة، إذ يبلغ الإنفاق العسكري الصيني أربعة أضعاف نظيره الروسي، ويمكنه تجاوز كامل الاقتصاد الأمريكي خلال العقد القادم؛ وهو ما يؤشر بانهيار القوة الأمريكية أمام نظيرتها الصينية، حسب الخبير العسكري، مدير تحرير صحيفة «ذي أورسيان تايمز» نيتين جي تيكو، الذي أشار إلى ضلوع الصين في نزاعات إقليمية مع عديد دول جنوب شرق آسيا في بحر الصين الجنوبي، وتعتمد على «تكتيك التخويف» لمحاصرة الدول الأصغر حليفة الولايات المتحدة بما في ذلك الفلبين، وفيتنام، وماليزيا، وبروناي؛ فضلاً عن تشييدها (بكين) جزراً والعمل على تأمينها وعسكرتها؛ وربما لاحت «الخطوات العسكرية الهادئة» خلال أجواء الجدل التي سادت المؤسسات الأمريكية، لا سيما بعد كشف أدميرال أمريكي في مارس الماضي أن الصين عسكرت ثلاث جزر في المنطقة بأنظمة مضادة للسفن والصواريخ.

علاقات مشوشَّة

وفي إطار علاقتها بدول الجوار، ما برحت الصين مشوَّشة في علاقاتها مع الهند، التي تعد شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وتعكف حكومة بكين على تسليح باكستان -العدو اللدود للهند- بمعدات متطورة، يمكن من خلالها تهديد النفوذ الهندي في المنطقة، وخلق تحالف بين سلاح بحر إسلام أباد وجيش التحرير الشعبي، وهو ما يعزز إلى حد كبير وجود الصين في منطقة المحيط الهندي. وحسب تقديرات الموقف الأمريكية، دشَّنت الصين قاعدة عسكرية لها بجزيرة جيبوتي الأفريقية، فضلاً عن توسعها غير المحدود في القارة السوداء عبر مبادرة «الحزام والطريق»، لتكسر بذلك تقاليد احتكار النفوذ الأمريكي والبريطاني والفرنسي في أفريقيا. ورغم أن منافسي بكين في المحيطين الهندي والهادئ بقيادة الولايات المتحد قد توصلوا إلى مبادرة Blue Dot Network، إلا أنهم ما زالوا على بعد سنوات من الوصول إلى حجم الاستثمار والتجارة الذي تتمتع به الصين حالياً. مع ذلك تعزو التقديرات أهم نقاط الاشتعال بين الصين والولايات المتحدة إلى مضيق تايوان، إذ تصر الأولى –بالقوة إذا لزم الأمر- على إعادة توحيد تايوان مع الجانب الصيني. ورغم قبولها بسياسة «وحدة الصين»، تقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري لتايبيه، ولا تزال أكبر عقبة أمام الصين لانتزاع تايوان.
إقرأ أيضاً..الصين تتأهب لتحصين استثماراتها من «العقوبات المحتملة»

اعتراف أمريكي

ويعترف قائد القوات الجوية الأمريكية في المحيط الهادئ كينيث ويلسباخ بامتلاك الصين قدرات متطورة جداً لصد أي هجوم محتمل على أراضيها، مشيراً إلى أنه «إذا نشبت مواجهة مسلحة بين الولايات المتحدة والصين، فستميل كفة ميزان القوى لصالح الأخيرة على حساب الأولى». يضاف إلى ذلك منطقة أخرى يهدد فيها نفوذ الصين المتنامي الولايات المتحدة وحليفتها أستراليا وهي منطقة المحيط الهادئ، لا سيما بعد إبرام الصين اتفاقية أمنية مع جزر سليمان، وهو ما يثير مخاوف حول احتمالية تدشين قاعدة عسكرية صينية على بعد 2000 كيلو متر تقريباً من أستراليا. وتستشهد صحيفة «ذي أورسيان تايمز» على رجاحة التقديرات السريَّة الأمريكية بتقرير للكونغرس الأمريكي، يؤكد امتلاك البحرية الصينية أكبر أسطول بحري على مستوى العالم. وحسب قائد البحرية الأمريكية الأدميرال مايكل غيلداي، تعد «الصين عدواً عسكرياً هائلاً للولايات المتحدة، إذ لا تتوقف عن تطوير وتحقيق أهدافها قبل سنوات من الموعد المحدد، وهو ما يشكل ضغوطات على البحرية الأمريكية». علاوة على ذلك، أدرجت تقديرات الموقف تصريحات رئيس القوات الجوية الأمريكية تشارلز براون، التي جزم فيها بقدرة الصين على تجاوز الهيمنة الجوية الأمريكية بحلول 2035. وأوضح أن «جيش التحرير الشعبي لديه أكبر قوات طيران في المحيط الهادئ رغم أنوفنا». كما تواجه الولايات المتحدة تحدياً خطيراً أمام الصين حتى في الفضاء؛ فبعد خروج محطة الفضاء الدولية الأمريكية عن الخدمة خلال 2030، تصبح الصين الدولة الوحيدة التي تشغل محطة فضائية بمفردها.

أخبار ذات صلة

«تحدٍّ أسرع من الصوت».. فرص المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين
توقعات بخسارة ماكرون للأغلبية البرلمانية.. واليمين الفرنسي يصف الاختراق بـ«تسونامي»