سمر نبيه

تحركت القوات التركية إلى مناطق التماس على الحدود الجنوبية مع سوريا، وقالت مصادر تركية مطلعة، إن أنقرة عازمة على شن عملية عسكرية بشكل جاد، وأن كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي ألقاها أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، كانت واضحة المعالم في هذا الصدد، بضرورة محاربة التهديدات الإرهابية الموجودة على الحدود في جنوب تركيا على الحدود السورية، وأن العملية العسكرية أصبحت أمراً حتمياً وضرورة قصوى. وأكدت المصادر أنه بعد تصريحات أردوغان، فإن تركيا لن تنتظر ضوءاً أخضر أمريكياً، خاصة وأن الأمر يتعلق بأمنها القومي، لافتاً إلى أن تركيا ترى أن القوى العالمية والإقليمية، وتحديداً أمريكا وروسيا، لم يلتزما بما تم التوافق عليه بعد عملية نبع السلام في أكتوبر 2019، فبعد مرور أكثر من عامين ونصف ما تزال هناك مجموعات إرهابية، بحسب وصف تركيا، تهدد أمنها القومي وحدودها، وأنه لم يتم الوفاء بالوعود التي قطعت، حيث ما تزال مناطق منبج وتل رفعت، وعين عيسى وعين العرب، تعد بؤراً تضم مجمعات ومنظمات تعتبرها تركيا إرهابية.

أهداف العملية

وحول توقيت العملية العسكرية، أوضحت المصادر أن موعدها لم يتحدد بعد، وهو متروك للقيادة العسكرية التركية، إلا أنه من المتوقع أن تكون خلال أيام قليلة وليست أسابيع، وستتم بشكل مفاجئ كما أعلن أردوغان. وأضافت أنه تم استكمال جميع الاستعدادات الاستخباراتية والعسكرية، واللوجستية، ويتبقى فقط إعطاء الأمر بالبدء، وأن العملية بحسب المصادر قادمة لا محالة. وعن تبعات ونتائج هذه العملية العسكرية، فإنها ستحقق لتركيا رغبتها في إنشاء منطقة أمنة، وفق المصادر، التي أصبحت ضرورة قصوى لتركيا، أولاً لضمان أمنها القومي، وإبعاد المنظمات الإرهابية، وثانياً لتأمين عودة المهاجرين السوريين، ومنع التغيير الديموغرافي، وثالثاً منع إنشاء كيان إرهابي انفصالي على أساس عرقي تركي يسمى «قصد»، في الشمال السوري، مدعوماً من قوى إقليمية وعالمية، فتركيا جادة فيما تقول، وتخطط وتنفذ وتفعل، بدليل عملياتها السابقة؛ درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام، ودرع الربيع. وكشفت المصادر عن تحرك قوات من الجيش التركي إلى داخل المناطق الموجودة تحت السيطرة التركية، ما يؤكد أن الأمر أصبح حتمياً ونهائياً وليس قابلاً للتفاوض.

تطهير الحدود

ويوضح المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن العملية العسكرية الخامسة التي تعتزم تركيا تنفيذها، تستهدف استكمال خطواتها السابقة، وتطهير كافة الحدود المشتركة (911 كيلومتراً) بينها وبين سوريا، من أي تهديد إرهابي. وأوضح أن تركيا لن تنتظر قرارات أو ضوءاً أخضر من روسيا أو أمريكا، خاصة أن القانون الدولي واضح، والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة واضحة، والذي ينص على أنه يجب أن يكون هناك منطقة عازلة 30 كيلومتراً من أي تهديد إرهابي، وهذه المادة تتيح لتركيا التحرك في هذه المناطق، لضمان أمنها في ظل انعدام سيادة الدولة المجاورة، وفي ظل تقاعس المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته التي وقعها مع تركيا قبل عامين ونصف.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن الرئيس التركي أردوغان لن يصمت أمام المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين، موضحاً أنه في إطار ذلك سيصل إلى مناطق تل رفعت ومنبج، وستكون هناك عمليات تمشيط كبيرة على طول 30 كيلومتراً على الحدود الجنوبية لتركيا، وتأتي هذه العملية لمواجهة وحدات حماية الشعب الكردي السورية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبرها أنقرة جماعة إرهابية. وفي تصريحات خاصة، لفت فهمي إلى أن هذه هي الخطوة الأولى، لإنشاء منطقة آمنة مع الحدود السورية، فأردوغان كان قد اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إنشاء منطقة مطهرة من الإرهاب على طول 30 كيلومتراً على الحدود التركية السورية.

إقرأ أيضاً..لافروف يحسم الجدل حول مشاركة دول الخليج بالعقوبات الغربية

استهداف وحدات حماية الشعب

وأضاف فهمي أن تركيا تصنف وحدات حماية الشعب على أنها تابعة لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية، وبالتالي هي تريد فصل تركيا عن الأراضي الخاضعة لسلطة قوات حماية الشعب الكردية التي تحالفت مع أمريكا في حملتها ضد داعش بموجب الاتفاق الشهير 2019 بين أنقرة وموسكو، حين التزمت روسيا بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردي ليكون على بعد 30 كم على الحدود بالتنسيق مع الجيش السوري، وسيروا دوريات مشتركة مع الجيش التركي. وحول ما إذا كان أردوغان قد حصل على ضوء أخضر من نظيره الروسي بوتين، لإطلاق عملية عسكرية في شمال سوريا، أشار فهمي، إلى أنهم بحثوا ضرورة إنشاء المنطقة الآمنة على طول الحدود التركية - السورية قبل أيام، موضحاً أن الموقف الروسي ملتبس، وتتجنب موسكو إعلان أي موقف رسمي، لكنها تتفهم المصالح الأمنية التركية، مشيراً إلى أن مساحة الخلاف بين موسكو وأنقرة أصغر بكثير مما تشير تقديرات بعض الأوساط، فموسكو قد لا تعارض العملية العسكرية، وهي تسعى إلى أن يتسع الخلاف بين أنقرة وواشنطن، وتستطيع ممارسة مزيد من الضغوط على المكون الكردي الداخلي.