هبه عبدالباقي

أثار قرار أوبك بخفض إنتاج النفط بأكبر وتيرة منذ عامين جدلاً في الأسواق العالمية وسط توقعات بارتفاع أسعار النفط العالمية بالربع الأخير من العام.

وتشير توقعات المحللين إلى أن تداعيات القرار تتمثل في 5 محاور رئيسية يتصدرها توقعات ارتفاع أسعار النفط العالمية وبالتالي زيادة معدلات التضخم، بينما تكون الدول الخليجية من أبرز المستفيدين من ارتفاع الأسعار بينما قد تستفيد أمريكا بزيادة تصدير الغاز بأسعار مضاعفة، وكذلك توقع الخبراء أن تتجه الحكومات الغربية إلى إعادة التفكير في سياسات الطاقة في ظل تصريحات روسيا بالاتجاه للخفض.

وقرّر أوبك+ خفض إنتاج النفط بمقدار مليونَي برميل يومياً، عقب اجتماع التحالف لأول مرّة بشكلٍ مباشر منذ مارس 2020، بمقرّ منظمة أوبك بالعاصمة النمساوية فيينا.

ارتفاع أسعار النفط

وقال نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في كامكو إنفست، رائد ديابى لـ«الرؤية» إن هناك مخاوف قائمة متعلقة بالتباطؤ الاقتصادي العالمي وهناك ترجيحات بأن نشهد ركود في الفترة المقبلة نتيجة التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية العالمية ورفع أسعار الفائدة في ظل معدلات تضخم مرتفعة في العواصم العالمية الرئيسية مع استمرار الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا الذي كان له تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي مع المخاوف المستمرة بشأن الإمدادات النفطية وكذلك مشاكل سلاسل التوريد.

أخبار ذات صلة

الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP 28: الإمارات تهدف لاستضافة مؤتمر يركّز على النتائج العملية ويحتوي الجميع ويحقق تحوُّلاً جذرياً في آلية العمل المناخي
انطلاق أعمال منتدى الطاقة العالمي في أبوظبي.. ودعم العمل المناخي يتصدر النقاشات

وأضاف دياب أن قرار أوبك الأخير يأتي في ظل تلك الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، لكن لطالما أكدت منظمة الاوبك على أن أي قرار متخذ من قبلها ليس سياسياً، ولكنه يتعلق بالعرض والطلب وأنها تقيم الأوضاع وتتخذ القرارات بناء على المعطيات المتوفرة لضبط الأسعار.

وأشار دياب إلى أن القرار الأخير من المتوقع له أن يرفع أسعار النفط في الفترة القادمة، وبالطبع سيعود بالفائدة على الدول المصدرة للنفط ومنها الخليجية وسيعزز من الإيرادات النفطية، الأمر الذي سيعود بالفائدة على معظم قطاعات السوق.

ووفقاً لبلومبيرغ، قال رجل الأعمال في مجال النفط الصخري مات غالاغير إنّ قرار تحالف «أوبك+» بخفض سقف إنتاجه من النفط قد يمهد الطريق لارتفاع أسعار من شأنه تمكين شركات استكشاف النفط الأمريكية من زيادة الحفر والتنقيب.

واعتبر غالاغير أن الخطوة التي اتخذتها «أوبك+» تمنح الرؤساء التنفيذيين في قطاع النفط مزيداً من الوضوح بشأن مستويات أسعار النفط التي يعتزم التحالف الدفاع عنها.

ورفعت غولدمان ساكس توقعاتها لأسعار برنت في الربع الرابع من العام إلى 110 دولارات للبرميل بعد قرار «أوبك+»، مشيرة إلى أن قرار خفض الإنتاج قد يدفع وكالة الطاقة الدولية لتنسيق الإفراج عن الاحتياطيات.



إعادة التفكير في سياسات الطاقة

وأشار أرون ليزلي جون كبير محللي السوق لدي سنشري فاينانشال إلى أن خطة أوبك لخفض الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً، في خطوة غير متوقعة بالنظر إلى نهجها التدريجي السابق لإدارة الإمدادات تعود إلى الاتجاه التضخمي بعيد الأمد الذي يجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأمريكي على مستوى العالم على الاستمرار في سياسات نقدية صارمة.

ولفت جون إلى أنه بالرغم من الخوف من الركود، إلا أنه من المرجح أن يستمر الطلب على النفط على المدى القصير نظراً لأن مخزونات النفط في جميع أنحاء العالم أقل من متوسط خمس سنوات، ومخزونات الديزل منخفضة جداً في الشتاء.

وذكر جون أن الخطة تأتي بالتزامن مع دخول العقوبات الأوروبية على صادرات النفط الروسية حيز التنفيذ، إلى جانب نقص الطاقة الفائضة داخل صناعة النفط الصخري الأمريكية لسد الفجوة التي خلفها خفض الإنتاج، ما يعني أنه من المتوقع أن يظل برنت بالقرب من علامة الثلاثة أرقام.

وتابع من المرجح أن يحرض قرار أوبك بلاس بخفض إنتاج الحكومات الغربية، ما سيتطلب منها إعادة التفكير في سياسات الطاقة الخاصة بها بشأن تعزيز مصادرها المحلية ومصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية.



أمريكا تستفيد بتصدير الغاز

وأفاد عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي وضاح الطه أنه يجب أن ندرك أن التخفيض الفعلي للنفط من قبل أوبك أقل من مليونَي برميل الذي تم الإعلان عنه، حيث إن التخفيض يشمل الانخفاض الفعلي في النفط الروسي في ظل الحظر الأوروبي، وكذلك تراجع إنتاج نيجريا وليبيا وإيران وهي انخفاضات لا تتعلق بقرار المنظمة.

وأكد الطه أن منظمة أوبك لعبت دوراً مهماً وأساسياً في توازن العرض والطلب فهي لا تنشغل بالسعر بشكل أساسي بل تهدف لتوازن السوق مشيراً إلى قرارها برفع الإنتاج في يونيو بهدف تقليل ارتفاع الأسعار.

وأشار الطه إلى أن قرار خفض الإنتاج يعتبر في صالح أمريكا التي تقوم بتصدير الغاز بنحو 3 أضعاف سعره في ظل أزمة الغاز في أوروبا مع قدوم الشتاء.

وقال داميان كورفالين، رئيس أبحاث الطاقة في غولدمان ساكس إنه على الرغم من المخاوف فقد أثبت استهلاك النفط مرونته حتى الآن وسيزداد موسمياً حتى فصل الشتاء، حيث دفع نقص الغاز العالمي الطلب نحو النفط، وهو أرخص مصدر للطاقة حالياً.



خفض إنتاج النفط الروسي

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن روسيا قد تفرض خفضاً مؤقتاً في الإنتاج نتيجة الجهود الأمريكية وغيرها للحد من سعر النفط الروسي، مؤكداً أن بلاده لن تبيع النفط للدول التي حدت الأسعار.

ويعكس خفض إنتاج «أوبك+» بمقدار مليونَي برميل مدى قلق التحالف بشأن توقعات الطلب على الطاقة في مواجهة السياسات النقدية المتشددة، وتم تتويج معيار النفط القياسي الأمريكي مؤخراً بأول خسارة ربع سنوية له منذ عامَين، بعد التخلي عن جميع المكاسب التي تحققت في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر فبراير.



مزيد من الضغوط التضخمية

ولفتت بلومبيرغ إلى أن ارتفاع أسواق المال العالمية تشير إلى إعادة النظر في تأثير قرار «أوبك+» حيث قفز مؤشر النفط الأمريكي إلى أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، بينما حذر البيت الأبيض من الآثار السلبية على الاقتصاد العالمي في مواجهة القيود المفروضة على الواردات الروسية، وقال إن الولايات المتحدة ستفرج عن 10 ملايين برميل من الاحتياطيات الاستراتيجية.

وذكرت أنه يمكن أن تؤدي أسعار الطاقة المرتفعة إلى إذكاء التضخم، ما يؤخر احتمالية هدوء رفع الفائدة للبنوك المركزية الرئيسية في العالم ومنها الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، فإنها تحد أيضاً من الطلب، ما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد بما يتماشى مع ما يأمل بنك الاحتياطي الفيدرالي في تحقيقه من خلال سياسة أكثر صرامة.

وقال جيمس آثي، مدير الاستثمار في «أبردين ستاندرد»: «طالما كان ارتفاع أسعار السلع يؤدي إلى تدمير الطلب». «لن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة حتى يحدث شيء ما وهناك الكثير من نقاط الضعف في هذا النظام».