أمل نبيل ولمياء كنعان

وكنتُ أفكر بزيارة قريتيلكنّ هذا العام قد رحل خالي منّانفي قريتي التي مات فيها الكثير مثلهخالي الذي كان يقدّ من قميصه المناديلعندما يتعرى الحزن في ليل القريةيقول: ما أجمل الفقراءالفقراء الحلوين بثيابهم المهلهلة وأحذيتهم الموحلةتفرّجوا عليهم يا عالمالفقراء سكّر العالمخالي الذي كان يزورنا بعد ساعة من الآنهذا موعده وأنا أحب مواعيدهكان يمسك بيدي ويقول لينحن والحيتان خبزنا الأسماكوالقرية التي أصبحت كبيرة جدا كحوتأكلت كل أسماكهاخالي ..ما زالت راحة يده على يديوأنا الآن أكتب بيده لا بيديخالي منّان الذي يحبني ويحبّ المنّانيصبح قاسياً كاللوزإن تأخرنا عليه في مواسم الربيعيسأل زوجته كل صباح متى يعود الجمعةكي نجتمع ويزورنا الأولاديسألني لماذا الشمس ابتعدت عنّاوأنهارنا كل يوم تفيض على حبل غسيل ثيابناأحدّثه عن صديقي الأفريقي والشمس في بلادهصديقي الذي يسألني عن الثلج في قريتي كل يومفأحكي له عن انتحاره مراراً على حقلناوكلما ينتحر نصنع له تمثالاً أبيضولا يموت مرّتين إلا حين تمرّ عليه شمس غريبةخالي الذي لا يخبئ حزنه كعيون الأطفالمات البارحةوالقرية أصبحت تقصر المسافات أكثر وأكثر نحو الألموالقهر يُولد في مساء القرىالقهر عقرب انطوائي لا يعيش إلا في السكونوأنا كل يوم أتجرع لقاحات ضد السموممع ذلكالبارحة لدغني عقرب كان يريبه خالي منّان

أخبار ذات صلة