جهاد عصام

فقط

مقابل كل ما تحثنا الحياة على أن نتعلّمه؛ يظل هناك جزء خاص من أفضل ما فيها لا يمكن تعلّمه. سمات أصيلةٌ تولد مع أصحابها، وتُثير اهتمام وإعجاب المحيطين بتلك الفئة من بني البشر. ولأنها تأتي بتركيز عالٍ تتجاوز الجانب المادي من الجسد البشري وتحيط به وتشع من حوله لعدة أمتار. لذلك تبوء كل محاولات إخفائها أو التظاهر بعكسها بالفشل. بالتالي نتكون ـ كبشرٍ ـ من نوعين من السمات: أصيل ومكتسب. وتختلف نسب كل منهما بناء على طبيعة الفرد وعلو همته في اكتساب كل ما يتدلى من على أغصان الحياة الشاهقة. بما أن الاكتساب يتطلب طاقة للانتقال من مستوى حالي للمستوى الذي يليه من التطور الطبيعي للبشر. وعدم التكافؤ بين كفتي ميزان السمات في الفرد يعتبر حافزاً مضاعفاً لاكتساب السمات الثانوية المتفرعة من السمات الأصيلة. طالما أن الهدف السامي المشترك لكل منا هو التحلي بأنبل السمات التي يبقى عبقها عقوداً عدة بعد مضي أصحابها عن هذه الحياة. ولا تتعارض تلك السمات الأصيلة والمركزة مع المهارات المستقاة من حكم الحياة التي تعيد تكرارها على مسامعنا كلما تسللت من ذاكرة المجتمع. على اعتبار أن تلك السمات ممتلكات ثمينة بحاجة للمحافظة عليها، عبر صقلها والحرص على عدم تعرضها لما من شأنه أنْ يُبهتَ بريقها. وبحكم أن الطبع يغلب التطبع، تحمل كل من تلك السمات قوة خاصة بها، لتعيد الأمور إلى نصابها في حال كانت الرؤية في بعض المشاهد ضبابيةً وكان ينقص «البشري» الذي يتعين عليه أداء ذلك المشهد كاملاً علامات إرشادية على جانبي الطريق. على سبيل المثال أن تكون مرونة من اعتاد على تقبيل جبين الرياح - كلما قررت الزيارة - كبيرة جداً. فتسمح لصاحبها بالانثناء مع الرياح دون أن ينكسرَ عوده. وحينما تعود تلك الرياح مجدداً للزيارة يعود هو ليطبع على جبينها القُبلة المعتادة. يقول مارسيل بروست: «إن الرحلة الحقيقية للاكتشاف لا تتمثل في البحث عن مناظر طبيعية جديدة، بل في معرفة طريقة جديدة لإبصار ما يدور من حولنا». r.algebreen@alroeya.com

أخبار ذات صلة