من منا لا يؤثر فيه كلام الناس؟ الإجابة التي تتبادر إلى ذهني فور سماع هذا السؤال هي لا أحد، وهي إجابة من وجهة نظري يقينية.. لأن التأثير موجود في جميع الحالات، لكن درجته هي التي تختلف من إنسان إلى آخر. فلنترك هذا السؤال التمهيدي جانباً، وننتقل إلى سؤال آخر أكثر وضوحاً: من منا لا يؤثر فيه كلام أهله والمقربين منه؟ اعتقد بأننا سنتفق الآن على إجابة واحدة، هي نفسها إجابتي السابقة.. لا أحد.. حتى ولو حاول البعض التظاهر بالقوة، وإنكار تأثير كلامهم عليه.. فالإنسان مهما بلغ من الصلابة يبقى كتلة من المشاعر والأحاسيس، تؤثر فيه الكلمة كثيراً، وقد تدفعه بقوة إلى الأمام.. وقد تجره بعنف إلى الخلف. قرأت ذات مرة عبارة قصيرة كتبتها فتاة مراهقة أسفل صورة لها في تطبيق انستغرام، تقول فيها «ليس هناك أكثر بؤساً من فتاة طموحة، تعيش وسط مجموعة من الفاشلين» ! العبارة بحد ذاتها عميقة، ويمكن أن يكتب الإنسان صفحات كثيرة في شرحها، لكن تعليقات متابعيها كانت لا تقل عُمقاً عنها.. ومعظمها كان يدور حول معاناة الأبناء الطموحين من تثبيط أهلهم لهم، واستخفافهم المستمر بأحلامهم.. فالطالبة التي تحلم بأن تصبح رائدة فضاء، تصطدم بأم ترغمها على دراسة التربية.. والطالب الذي يحلم بأن يصبح شيفاً عالمياً.. يصطدم بأب يرغمه على دراسة القانون، وهلم جراً. أعلم جيداً أن نظرة الآباء قد تكون أكثر شمولاً من نظرة الأبناء.. لكن فكرة أنهم أقرب إلى الصواب دائماً لا أراها دقيقة.. وأميل أكثر لفكرة أن كل جيل أعلم بتحديات ومتطلبات عصره. روائي وباحث في قضايا المجتمع a.noaimi@alroeya.com

أخبار ذات صلة