مصطفى محمود

تؤكد الأحداث، الواحد تلو الآخر، أن إشكالية أوروبا اليوم حول الهوية والهجرة والإسلام كلها ثقافية بامتياز. ففي زمن العولمة وطغيان الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بدأت المقومات الرئيسة للثقافات المتجذرة القادرة على حماية الشعوب في التذبذب، والانجراف أمام الشعارات الشعبوية الجوفاء.المشهد الذي عاشه الفرنسيون منذ لحظة فوز المنتخب الوطني بكأس العالم وحتى الآن، كاشف لحجم ما تتمتع به الأجيال الشابة من هوائية واندفاع خلف العاطفة، أكثر بكثير من العقلانية ووضوح الرؤية.فبعدما كان المهاجرون نقطةً مثار خلاف، محملين إياهم كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها أوروبا، تحول كل هذا إلى هتاف وترحاب إعلامي لا مثيل له بالعدد الهائل من المهاجرين الذين يضمهم المنتخب، والذين عادوا إلى فرنسا بالنصر والفرحة والتلاحم المجتمعي.ولكن ماذا بعد الاحتفالات والتهليل؟ هل سنشهد قدراً من اليقظة الثقافية تمكن أوروبا من استرداد مبادئها الفكرية التي طالما ميزت حضارتها ومدنيتها وتطورها؟ أم أن حادث عنف لا يمثل إلا نفسه، يمكن أن يقفز من جديد على القيم التي جعلت من بلدان أوروبا منارة للقيم الإنسانية الكبرى؟f.badawi@alroeya.com

أخبار ذات صلة