جورج إبراهيم

التصعيد التركي مع أمريكا يكشف الكثير من الخفايا الدقيقية وتحديداً في السياسة التركية التي لم تتلق الرسائل الصحيحة من الجانب الأمريكي منذ بدايات الأزمة السورية تحديداً، حيث خلطت تركيا الأوراق السياسية وحاولت أن تفرض مفهومها الوحيد عن السياسة في المنطقة، والمعالجة التي نسمعها اليوم من الرئيس أوردغان توحي بتصرفات غير مناسبة فلن تعني تلك الإجراءات التي تتخذها تركيا ضد أمريكا الشيء الكثير، فهذا المسار من التهديدات لا يحل المشكلة بل يزيد من تعقيداتها.«أمريكا قوية» هذا هو المفهوم الذي اتخذه ترامب في حملته الانتخابية وهو الرئيس الذي وفى بجميع العهود التي قطعها على نفسه في حملاته الانتخابية، ويمكن أن تدفع تركيا ثمن هذا الشعار وقد تلعب بها النار وليس العكس، فمن يلعب بالنار يمكنه أن يكف عن ذلك إذا أحس بالخطر ولكن من تلعب به النار هو في وسطها وسوف تلتهمه بكل تأكيد.الأزمة التركية ـ الأمريكية قد تكون درسا أمريكياً من دروس الرئيس ترامب في حال استمر هذا التصعيد خصوصاً أن النفس الأيديولوجي في الخطاب التركي يستدعي مبررات المواجهة مع أمريكا، فالسياسة التركية ليست نداً طبيعياً للسياسة الأمريكية وكذلك الاقتصاد التركي ليس نداً للاقتصاد الأمريكي وليس أمام تركيا سوى مسرح الإعلام الذي يحاول فيه الرئيس أوردغان كسب المعركة خصوصاً أنه سوف يعتمد على تيارات الإسلام السياسي لدعم موقفه وحصوله على التأييد من هذه الفئات.تركيا ليست في حالة طبيعية فهي تواجه أكبر دول في العالم ليس من أجل سجين سياسي فقط، بل من أجل مصالح دولية ومشتركات عالمية لا بد أن تدركها تركيا، فالأزمة أكبر مما يظهر لنا على السطح، لذلك تتلقى تركيا هذا العقاب القاسي من أمريكا، وهي بلا شك تستحقه فهي مع المنطقة تلعب بالنار وتوقدها عبر مسارات سياسية وأيديولوجية، ولكنها مع الغرب سوف تحاصرها النار السياسية، وهذا ما تظهر مؤشراته اليوم بوضوح حيث لن تستطيع تركيا تجنب محاصرتها سياسياً واقتصادياً خلال فهم للواقعية السياسية التي تحكم المنطقة اليوم، فالشرق الأوسط يتغير مهما كانت الأصوات التي ترفض هذه الفكرة، حيث تتغير التحالفات والسياسات والمصالح، والعالم كله يخضع لنظام دولي جديد تظهر مؤشراته في منطقتنا حيث الشرق الأوسط.a.hamad@alroeya.com

أخبار ذات صلة