جوليا تشاترلي

على قدر عظمة وقوة وجمال اليوم الذي شهدنا فيه ترسانة الإعلام السعودي والإماراتي بجميع وسائله وقنواته الرسمية وشبه الرسمية ما بين من استلّوا أقلامهم وأصواتهم ونزلوا ميدان الحرب الناعمة وخاضوها بكل قوة واقتدار وتواؤمٍ مع قوة السياسة السعودية وأجهزتها كافة في إدارة ملف أزمة قطر. في المقابل لم يُفاجئنا موقف أولئك الذين وجدوا أنفسهم في مواقف أكثر تعرياً وسقطت آخر أوراق التوت لواقع انتمائهم من خلال هجومهم ومحاولات تخوين إعلام وطنهم وعمالته، ولا أدري كيف يمكن لإعلام وطن يذود عن وطنه أن يكون عميلاً؟ لمن؟ معركتنا الإعلامية التي نخوضها جميعاً تفتح باب أزمة الهوية الوطنية من جديد، لا سيما من أولئك الذين يعملون على شيطنة مؤسسات إعلامنا الحكومية وشبه الرسمية تعيد لنا السيناريو المتبع نفسه من قبل بشيطنة المؤسسات الأمنية ورجال الأمن ودخول تنظيمات إرهابية كالقاعدة بالأمس وداعش اليوم على خط تقاطع المصالح بتبرير عمليات استهدافهم، والواقع فيما بعد شهد كماً من الأحداث الإرهابية خصوصاً في ظل التحالفات مع تنظيمات إرهابية أو مسلحة عدوة. يرفض أرباب جماعات الإسلام السياسي الاعتراف بالحدود الجغرافية كموطن للدين مما يتوجّب تجاوزها، ولكن الذي لا يدركه هؤلاء أن الوطن لم يكن يوماً عائقاً، خصوصاً للدين الإسلامي الذي ينتشر في كل الأرض، بسبب قيمه الأخلاقية التي تترفّع أن تنزل إلى الأرض لتنطلق من مساحة جغرافية. الدين والوطن تشكيل واحد لا يمكن أن ينفصلا في الإنسان الطبيعي، فلا إنسان يستطيع العيش من دون وطن، ولا إنسان يستطيع العيش من دون عقيدة مهما كان نوعها، الأزمة في كيفية فهم هذا التقارب والقدرة على تفسيره لمصلحة الفرد وليس لمصلحة إسلام سياسي أو سياسة أيدولوجية. إن ضرورة البحث في موضوع الهوية الوطنية تدني شعور الانتماء وتدني روح الرابطة المعنوية مع الوطن يسهل على البعض الانسياق وراء تيارات تمتلك القدرة على تعبئتهم فكرياً ونفسياً لمصلحة مشاريعها التي تستهدف وتمس أمن الوطن واستقراره ورخاء شعبه. b.melhem@alroeya.com مستشارة في الأمن الفكري

أخبار ذات صلة