فراس العلي

قيادات روحية: مؤتمر الأخوة يرسم خـــــــــــــــــــــــريطة السلام من أرض الخير والتسامح

أكد مشاركون في «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية» بأبوظبي أمس، أن الإمارات جمعت على أرضها أبناء البيت الإبراهيمي من مسلمين ومسيحيين ويهود، لرسم خريطة السلام من أرض الخير والتسامح، وبعث رسالة صارمة لكل المتطرفين ودعاة الإرهاب بأنه لا تنازل عن الحوار والانفتاح وقبول الآخر ليعيش البشر في أمان ومحبة.

وقال رجال دين مسلمون ومسيحيون ويهود إنه لا يوجد دين سماوي يحرض على العنف أو القتل، إلا أن حاقدين ودعاة فتنة نشروا التطرف والكراهية، والآن يأتي هذا المؤتمر ليجمع شعوب العالم تحت مظلة واحدة تعلي وترسخ قيم التسامح الذي يحتاج إليها العالم في ظل الأوضاع الراهنة.

وأكدوا ـ وخصوصاً المشاركين من اليهود ـ أنهم يتخذون مواقف صارمة ضد الصهيونية على اعتبارها حركة تطرفية، وأن أبواب الحوار والنقاش بين الديانات ما زالت مفتوحة، مشددين على حق الفلسطينيين والروهينغا في الاستمرار بالمناداة لنيل حقوقهم المشروعة.

وأضافوا أنهم عانوا كثيراً من ويلات الفتن والحروب باسم الأديان في مجتعاتنا ومنطقتنا، إلا أن الإمارات عودتنا على مبادرات كثيرة كلها بعنوان الحوار والانفتاح وقبول الآخر من أجل مجتمعات مسالمة تحقق الرخاء والسعادة للإنسان، مشيرين إلى أن أي حوار غير مجدٍ إذا لم يكن هناك انفتاح على الآخر، وعلى الرغم من أن الاختلاف من سنن الطبيعة، إلا أن الاختلاف يصبح مثمراً إذا تحاور المختلفون وأوجدوا نقاطاً مشتركة، يكون السلام وعدم التعدي على الآخر عنواناً لها للحوار بينهم.قال عضو مجلس حكماء المسلمين الدكتور حمدي زقزوق إن الساحة الدولية اليوم وما تواجهه من صراعات وأفكار وفتن بحاجة إلى تكاتف رجال الأديان السماوية التي تحمل في جوهرها رسالة سامية بالسلام والأمان لجميع البشر.

وأضاف أنه لا يوجد دين سماوي يحرض على العنف أو القتل، فالرسالة التي يود جميع علماء الأديان إيصالها للمجتمعات هي نبذ الكراهية والعنف والتطرف واستغلال المواقف.

وبيّن زقزوق أنه من أجل تنمية قدرات الشباب العالمي في كل المجتمعات على التواصل البناء، فإن الحوار أضحى ضرورة وليس رفاهية، مشيراً إلى أن كل دين يتضمن مجموعة من القيم والأخلاق السامية، لذا فإن القضية ليست مجرد تنظيم شعائر الأديان وتناسي تلك القيم.

أخبار ذات صلة

بحث مسودة منهاج الذكاء الاصطناعي في المدارس
3 سنوات والإبعاد لعصابة تسرق الفلل الخالية


وتابع: «العنصر المهم الذي يتناساه الكثير هو تطبيق روح العبادات التي دعت إليها الأديان للتغلب على كل التطرف القائم في كثير من المجتمعات».

من جهته، أكد رئيس جامعة معدن الثقافية الإسلامية والأمين العام لجماعة مسلمي كيرلا في الهند الشيخ إبراهيم الخليل البخاري، أن ما تفتقده الكثير من المجتمعات سواء كانت ديانتها يهودية أو مسيحية أو مسلمة هو الفهم الجيد للأديان، مشيراً إلى أنه من الإمارات وطن السلام والتسامح نتوقع أن يكون اللقاء وسيلة ورسالة لنبذ العنف والكراهية والقتل في شتى بقاع العالم.

وأوضح أن عقلاء الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية يحاربون العنف والتطرف بهدف جمع الصف ومواجهة الكراهية.

بدوره، ذكر الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار في لبنان حارس شهاب أن المنطقة عانت من ويلات الفتن والحروب باسم الأديان، لكن الإمارات وكعادتها عودتنا على مبادرات تحمل عنوان الحوار والانفتاح وقبول الآخر من أجل مجتمعات مسالمة تحقق الرخاء والسعادة للإنسان.

وأضاف: «رأينا نتائج العنف والتحريض باسم الأديان في كثير من مناطق العالم، خصوصاً في عالمنا العربي، ونتمنى أن يخرج اللقاء المشترك بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر بأسس جديدة لحياة أكثر سلاماً من تلك التي تحياها بعض الشعوب».

من جانبه، شدد رئيس مجلس علماء باكستان حافظ محمد طاهر أشرفي على أهمية الحوار اليوم بين أقطاب الأديان السماوية، التي تدعو جميعها إلى التسامح والتعايش السلمي، في ظل الفرصة التي تتيحها الإمارات والجهود المبذولة لإيجاد ميثاق عام للتسامح والتعايش السلمي.

وتابع: «الإمارات نجحت في تصدير تجربتها بمواجهة الفكر بالفكر فأضحت أرض المحبة والسلام والتعايش، لا سيما ونحن في مرحلة أشد ما تكون الأمة في حاجة إلى مناقشة هذه القضايا والأمور المتعلقة بالفكر وحرية التعبير والرأي لكون الأمة الإسلامية تتعرض خلال السنوات الأخيرة لحرب وهجوم كبير على دينها وعقيدتها من الإعلام الغربي والجماعات الإرهابية المتشددة».

إلى ذلك، أشار مفتي البوسنة السابق مصطفى إبراهيم سيريك إلى أن زيارة البابا فرنسيس لمنطقة الخليج العربي إشادة بجهود الإمارات في دعم التعايش بين أتباع الديانات، موضحاً أن زيارة البابا تقول للإمارات إننا ندعم هذا المسار الذي تنتهجونه المتمثل في إبراز قيم التعايش.

وأكد أن زيارة البابا للإمارات مهمة وتاريخية ووقتية، أكثر مما نستطيع أن نتصوره الآن، وتفتح الأبواب وتعزز التواصل بين الشرق والغرب، والمسيحية والإسلام بصفة خاصة، وهو طريق إلى الأمن والسلم العالمي.

من جانبه، لفت الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي محمد الحسيني إلى أن الإمارات تتصدر الدول الراعية للسلام والوئام بين الشعوب، وهذه الزيارة تأكيد لما تقوم به الإمارات من جهود نحو تعزيز السلم العالمي.

وشدد على أن كل الأديان تدعو إلى المحبة والسلام واحترام الآخر، وعدم هضم حقوقه، وحمايته من أي اعتداء، وجميع العلماء ورجال الدين يدعون إلى السلم والتعاون بين بني الإنسان، ومن يفعل غير ذلك لا يعلم عن أمور دينه شيئاً أياً كان معتقده، فكل الأنبياء والرسل أرسلوا بدعوة السلام والمحبة.

وهنأ المشارك بصحبة الرئاسة المركزية للجمعية المحمدية في إندونيسيا الدكتور يونهار الياس الإمارات حكومة وشعباً على عقد لقاء يحرص على إرساء مبادئ الأخوة والتسامح، وقال: «مشكلتنا اليوم في تحقيق السلام تكمن في وجود الجماعات المتطرفة التي تميل لنشر العنف والكراهية، إلا أن تنظيم الإمارات لهذا اللقاء الأخوي يرسل رسالة للعالم أن الإنسانية لا تعرف حدوداً وطنية وإقليمية، إذ إنها نجحت في جمع كل الأديان والجنسيات والأقليات على أرض المحبة والسلام».

بدوره، ذكر الشيخ أبو بكر أحمد من جمعية علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند أنه لا بد من إرساء مبادئ الأخوة الإنسانية التي تختلف عن الأخوة الإسلامية التي نعيشها بوصفنا مسلمين بين بعضنا البعض، والتي يجب إرساؤها أيضاً مع غير المسلمين، ولا خلاف إن كان مسيحياً أو هندوسياً أو يهودياً، فالرابط بينهم هو الأخوة».مسلمون: نوحد الصف

تصدياً لأهل العنف والكراهيةأكد البطريرك في الكنيسة المارونية بلبنان الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي أنه لو بحثنا في جوهر الأديان فلن نجد ديناً يدعو إلى القتل أو الإرهاب، إلا أن هناك من يشوهون الأديان ويستغلونها لخلق الكراهية بين الشعوب.

وأوضح: «علينا أن نعيش جوهر الأديان ونعلمه لأبنائنا ونوجد حواراً جاداً بين الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية لكي تصل الرسالة إلى الشعوب بالتعايش السلمي».

من جهته، ذكر عميد كلية العلوم الإنسانية واللاهوتية في مصر، القس بيشوي رسمي، أن المسيحية كما الإسلام تدعو إلى نبذ العنف والكراهية وإرساء قيم السلام والمحبة، ومن دون الحوار بين الأديان فإننا سنجد من ينصبون أنفسهم للحديث باسم الأديان داعين إلى العنف والكراهية.

وتابع: «اللقاء سيكون فرصة مهمة للغاية، إذ يتيح الحوار بين العالمين المسيحي والإسلامي في وقت نشهد فيه العديد من الصراعات في العالم».

بدوره، شدد النائب الرسولي لشمال شبه الجزيرة العربية في البحرين المطران كاميلو بالين على أن العلاقة بين الديانتين المسيحية والإسلامية في منطقة الخليج هي علاقة أخوة منذ قديم الأزل، لافتاً إلى منح ملك البحرين قطعة أرض أخيراً لبناء كنيسة.

وأضاف أن «هذه المناسبة مهمة جداً لكونها فرصة تفتح الآفاق وتربط بين المسيحيين والمسلمين، وهذا أمر مهم جداً في هذا العصر».

ولفت القس ماركوس دروج من الكنيسة البروتسنانتية في ألمانيا إلى أن المؤتمر فرصة مهمة للغاية تتيح الحوار بين المسيحيين والمسلمين بوقت يشهد فيه العالم العديد من الصراعات.

وأشار إلى أهمية البدء بتعليم الأطفال أديانهم بشكل صحيح، علاوة على تعريفهم بالأديان الأخرى، وقال: «بدأنا في برلين هذا الأمر، إذ لدينا حضانة تجمع الأطفال من اليهود والمسلمين والمسيحيين من مختلف المناطق وندربهم من سن خمسة أعوام على الحوار، وهذا ما أعتقد أنه يسهم في تعليم الأطفال بالشكل السليم، وكل مجموعة منهم لديهم حجرات الدراسة الخاصة بهم وتوجد قاعة للحوار التي تجمعهم للنقاش، وأتمنى أن نشهد مثل هذه التجربة في العالم».

من جهته، قال راعي الكنيسة الدولية بجامعة ييل الأمريكية القس يوسف كامينغ: «تشرفت بالمشاركة في هذا المؤتمر التاريخي، وأتوجه بالشكر للشعب والقيادة الإماراتية على استضافته، إذ شعرنا بالحب والتآخي والانفتاح والدعوة للقيم المشتركة الداعية إلى التفاهم والتسامح».

أما الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي الاتحاد السويسري، القس دكتور أولاف فيكس تافيت، فأكد على أهمية أن نكون واقعيين بخصوص تطبيق مبادئ السلام والتسامح التي جئنا من أجلها، ليس فقط من خلال الحديث عن بعضنا البعض كبشر، بل بوجود الحب وقبول الآخر الذي نحمله في قلوبنا لنتعايش معاً بحب ووئام.

وشدد على ضرورة تحمّل مسؤولية تحقيق العدالة ومشاعر الإخاء بين الشعوب، قائلاً: «علينا جميعاً تحمل مسؤولية توجيه الناس في تحقيق التماسك الاجتماعي ومفهوم المواطنة على أسس التعددية للإسهام بمواجهة التمييز والعنصرية»، مشيراً إلى الفلسطينيين الذين ما زالوا يحاربون من أجل وطنهم.

من جانبه، ذكر المتخصص في العلاقات الإسلامية بالكنيسة الروسية موسكو، الأب غريغوري ماتروسوف: «سعيد وفخور بوجودي هنا على أرض الإمارات، لا سيما أنها تحتضن مثل هذا الحدث الذي يتناول مبادئ التسامح والأخوة في العالم، ولاحظت ذلك التعامل الحسن بين السكان المسلمين والمسيحيين بشأن حرية العبادة والمعتقدات، وأنها لتجربة مميزة للقاء ديانات العالم على أرض واحدة».

بدوره، أعرب الأمين العام لمؤتمر الأساقفة الكاثوليك بأثيوبيا، الأب هاغوس هايش، عن إعجابه وسعادته بالوجود في هذا الحدث، مشيراً إلى أن هذا النوع من الممارسات واللقاءات الدينية يتيح أمام جميع الديانات مد جسور التواصل والتعاون لتحقيق السلام الذي يتعطش الجميع لإرسائه.

من جهته، أكد رئيس تحالف العالم المعمداني من جنوب أفريقيا، نغويدلا ميسيزا، أن الكلمة الترحيبية للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح كانت مؤثرة جداً، وأرست أسس التسامح والسلام والحب الذي يتعايش به الناس، وما نحتاج إليه بعيداً عن الكراهية، وكوني أزور هذا الجزء من العالم لأول مرة في حياتي، فأنا منبهر بحجم هذا المؤتمر، وكيفية تعايش الناس بين بعضهم بحب ووئام، الذي يؤكد أننا جميعاً أبناء آدم وحواء».مسيحيون: علينا أن نعيش جوهر الأديان ونعلمه للأبناءيهود: الإمارات تحتضن ديانات العالم على أرض واحدةقال الحاخام بروس لوستيج، من جماعة واشنطن العبرية: «اعتقد أن الإمارات والمؤتمر الذي نظمته نجحت في جمع ديانات العالم من اليهودية والمسيحية والمسلمة والهندوسية وغيرها الكثير معاً على أرض واحدة، الأمر الذي أعده حفلاً عالمياً لإرساء مبادئ الأخوة والتسامح، وفتح أبواب الحوار والنقاش بين الديانات لمعرفة حقوقهم الإنسانية». وتابع «كوني يهودياً، أؤكد أنه يجب على الفلسطينيين والروهينغا الاستمرار بالمناداة بحقوقهم وعدم التنازل عنها».

وشدد على ضرورة المؤتمر، قائلاً: «لا أعتبره فرصة للنظر بالتاريخ وما مضى، بل فرصة لاستشراف المستقبل بحثاً عن السلام بعيداً عن العنف والكراهية، نحن من ننتمي لأبينا آدم جميعاً».

من جانبه، قال الحاخام أبراهام سكوركا، البروفيسور بجامعة سينتجوزيفس في فيلادلفيا، والقادم من المدرسة الحاخامية الأمريكية اللاتينية، حول ممارسة اليهود لديانتهم ومعتقداتهم في الإمارات «الإمارات نجحت بتحقيق التسامح الديني على أرضها، ولعل هذا اللقاء يرسخ لغة التواصل بين الشعوب، وهي لغة السلام، اللغة التي نادى بها كل من محمد وعيسى وموسى عليهم السلام، خلال كل فترة زمنية قدموا بها للبشرية، أي اللغة التي نادت بها الأديان السماوية الثلاثة كذلك، ولعل هذا المؤتمر يرسي السلام بين الدول والشعوب بكل أنحاء العالم».

وتابع أن «التفاعل والحوار الديني الذي يأتي بالتزامن مع زيارة البابا فرنسيس للإمارات حدث استثنائي، وأدعو الله أن يبارك هذا الحدث الذي يتيح الفرصة لتكرار مثل هذا المؤتمر الداعم للحوار بين القادة الدينيين من مختلف الطوائف عبر التقارب واللقاء».

وأشار سكوركا إلى أن هناك علامة فارقة في حياة هذا الجيل تتجسد في تنظيم مؤتمر الأخوة في دولة الإمارات خلال زيارة البابا فرنسيس، لتكون بمثابة دعوة لهم نحو الحوار والتسامح والاحترام للوصول إلى السلام الحقيقي الذي يقود للتقدم في مختلف المجالات.

أما الحاخام مايكل شودريش، القادم من بولندا، فقال: «لقد مرت هولندا بفترة عصيبة خلال الحرب العالمية الثانية، والتي أسفرت عن ثلاثة ملايين ضحية من المسيحيين وكذلك ثلاثة ملايين يهودي، راحوا ضحية لتلك الحرب، فأنا أتحمل مسؤولية كبيرة من أجل تحقيق السلام، ووجودنا اليوم في الإمارات يجعل أقدامنا تخطو خطوة من أجل تحقيق السلام، عبر اجتماع البابا فرنسيس وشيخ الأزهر وحاخامات اليهود، التي تدفعنا للعمل بجد واجتهاد نحو تحقيق الإخاء والتسامح والسلام».

وأردف: «في هذا المؤتمر، الحوار هو الغاية السامية لنا كبشر حتى نعيش بمحبة وسلام والإمارات تقدم عملاً عظيماً بهدف تعزيز هذه الثقافة».