عزة سند

لا تغفل دار الزين القطاع التجاري، فالمدينة الخضراء التي تشتهر بحدائقها الغناء، ونخيلها الباسق، تعنى بهذا القطاع، سواء بالنسبة لأبنائها ومقيميها، أو روادها، وقاصديها لأسباب مختلفة، لكن النشاط التجاري في العين أيضاً، إلى جانب مرافقه الحديثة، جاء لينسجم، مع طابع المدينة التراثي، المفعم بالأصالة.

وهنا يبرز سوق القطارة الشعبي، ليس باعتباره الأقدم في العين فحسب، بل لخصوصية طرازه المعماري المفعم بعبق الماضي، فضلاً عما يزخر به من منتجات يدوية صنعتها أيادي حرفيين مهرة، تناقلوا مهنهم جيلاً تلو الآخر، فضلاً عن العديد من المنتجات الشعبية المحلية.

ويضم سوق القطارة القديم، الذي ارتبط بقلب واحة القطارة، منذ نحو 70 عاماً، محال تجارية عدة لا تزال تحتفظ بأسلوبها القديم في تصميمات البناء وخاماته، فيما تقوم دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، على نحو ممنهج، بترميم وتجديد هذا السوق وإضافة عناصر تراثية تعزز من تواجده في المشهد التراثي لدار الزين.

* تاريخ عريق

وحسب أثري المباني والمواقع التاريخية بدائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، محمد خليفة فإن الدائرة تتبع في عملية الترميم استراتيجية واضحة، يتم عبرها استخدام المواد الأصلية وتهيئة المحيط العمراني ضمن مشهد منسجم مع أجوائه التراثية.

ويشير خليفة إلى أن السوق كان يتكون في الماضي من 16 دكاناً، وكان يستقبل رواده لساعات محدودة بدءاً من فترة الظهيرة وحتى وقت غروب الشمس، ولكن بعد مرور السنوات العشر الأولى على إنشائه أصبح يستقبل زبائنه من الصباح وحتى المساء.

أخبار ذات صلة

تدريس إدارة الأموال لتلاميذ الابتدائية في بريطانيا
النحت بقش الأرز.. مهرجان سنوي للفنون من مخلفات الزراعة باليابان


ويضيف: «كان الناس يقصدون السوق للتجمع وشراء ما يلزمهم من السلع المتنوعة التي كان يتم جلبها من الساحل «أبوظبي ودبي» وقد ازدادت عدد الدكاكين بالسوق فيما بعد عندما ازداد نشاط السوق وتنوعت بضائعه وخدماته لتبلغ فيما بعد 20 دكاناً.

* ذكريات

وحول ذكرياته في العين وسوقها القديم يقول الوالد عبد الله الدرمكي «كان السوق يمثل أحد التجمعات التجارية الكبرى، لذا كان يقصده عدد كبير من المتسوقين يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع»، مشيراً إلى أن العملة المستخدمة في التعامل التجاري وقت تأسيس السوق كانت «الروبية الهندية».

ويتابع «كان الجميع يقصد هذه السوق من كل البقاع المحيطة بالعين، حيث يتوجه الجميع صوب السوق هناك، وكان هناك دلال معروف يسمى (لويع بن راشد الجابري) وكان قديماً هو المسؤول عن السوق في البريمي حيث التجمع الأكبر للمتسوقين، ولا يرد أو يخرج شيء من السوق إلا بعلمه».

* ارتباط وجداني

ويؤكد الوالد عامر الكعبي أن «للسوق مكانة خاصة للقاطنين بالمنطقة نظراً لأنه يحيل إلى شكل الحياة في الماضي بكل ما يرتبط بها من موروث تراثه وتاريخ أجداده، حيث بات أحد الرموز التي تربطنا بالماضي ونسعد بمجرد المرور فيه كجزء هام من أجزاء واحة القطارة».

ويقول الوالد محمد بخيت إن السوق يذكره بتفاصيل حياتية كثيرة اندثرت حالياً، ويضيف: «أقصد المكان من حين إلى آخر لأجتمع بأصدقائي في جلسات نتحدث فيها ونتذكر «سوالف» الماضي».

* بساطة البناء

أشار مدير المباني التاريخية بمنطقة الظفرة بدائرة السياحة والثقافة، محمد الظاهري، أن سوق القطارة يعد واحداً من أهم المواقع التراثية رغم بساطة تشييده.

وأضاف «يحده من الجهة الشرقية بيت بن عاتي الدرمكي ومن الجهتين الغربية والجنوبية يحده الشارع العام ومن الجهة الشمالية مزرعة بن بدوة الدرمكي، وله مدخلان بلا أبواب، المدخل الأول من جهة الغرب والآخر من جهة الشرق، بالإضافة إلى صفين من الدكاكين المتقابلة من جهة اليسار واليمين بينهما ممر مسقوف بجذوع النخيل».

وتابع «لكل دكان باب خشبي، يتم إغلاقه عن طريق وضع ألواح مستطيلة طولية بجانب بعضها البعض».