فاروق جويدة

خلو صفقة القرن من مطالب الشعب الفلسطيني جردها من أهم مقوماتها

أخيراً عاد غاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط حاملاً تعويذته التي يروج لها منذ فترة بعيدة وهى صفقة القرن.. أو لعنة القرن.. وربما معجزة القرن!.

في جولته الأخيرة السريعة زار كوشنر أكثر من دولة عربية مؤكداً أن صفقة القرن سوف تعلن في شهر سبتمبر القادم كما قال ترامب وأن الصفقة الأمريكية تحتاج دعماً عربياً في إقناع الفلسطينيين بقبولها.

إن هذه الصفقة سوف تواجه ردود فعل مختلفة ما بين القادة العرب وزعماء فلسطين والشعب الفلسطيني نفسه صاحب الأرض وصاحب القرار والقضية.

وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أنّ مصر لن تتنازل عن شبر من سيناء وأنه مع حل الدولتين وما يرتضيه الشعب الفلسطيني، وهذا يعنى من البداية أن بند سيناء أصبح خارج المعادلة، وعلى الجانب الآخر فإن الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، أعلن في القمة الإسلامية الأخيرة أنه لا تنازل عن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا يعنى أن بنداً من أهم البنود في صفقة القرن قد سقط تماماً ولا رأي لأحد فيه، أما قادة فلسطين فقد رفضوا الصفقة من البداية خصوصاً أنها لم تتحدث عن الدولة الفلسطينية، وهي مبدأٌ ثابت في كل ما طرحته الإدارة الأمريكية حول القضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية في ظل أكثر من رئيس أمريكي تولى السلطة.

إن هذا يعنى أن هناك رفضاً مسبقاً للصفقة جاء من أكثر من مسؤول وأكثر من دولة عربية مع إجماع فلسطيني على عدم القبول تحت أي ظرف من الظروف، والسؤال هنا: إذا كانت الإدارة الأمريكية قد تأكدت أن الصفقة مرفوضة عربياً فلماذا ستعلنها في سبتمبر القادم؟.. هل تعتقد أنها قادرة على فرض هذه الصفقة على العالم العربي، وكيف يمكن أن تنفذ وفيها تنازلات عن الأراضي وطلب مليارات الدولارات من الدول العربية لتنفيذ الشق الاقتصادي؟، وهل تدفع هذه الدول دعماً لمشروع لم يجد من يوافق عليه من أصحاب القضية؟

إن القضية الأخطر أن صفقة القرن قد خلت تماماً من أي بعد سياسي، واقتصرت على بعض الجوانب الاقتصادية، وهذا خطأ فادح لأن الشعب الفلسطيني يريد أرضه ووطنه ولا يريد طعاماً.

أخبار ذات صلة

اقتصاد الطبيعة والفرد
الصمت غير مبرر


إن خلو صفقة القرن من مطالب الشعب الفلسطيني قد جردها من أهم مقوماتها حيث لا دولة، ولا وطن ولا قدس ولا سياسة فماذا يبقى للفلسطينيين في صفقة القرن؟

إن العالم العربي سوف يجد نفسه في مواجهة مع القرار الأمريكي، ولا أعتقد أن ترامب يمكن أن يتصور أنه قادر على فرض رؤيته على دول المنطقة.

إن الصراع العربي الإسرائيلي، وإذا كان قد مضى عليه أكثر من 60 عاماً فهناك شعوب لديها استعداد لأن تقدم 60 عاماً أخرى.