مارك لافيرني

يطرح التوتر الناشئ بين الحكومتين الفرنسية والأمريكية على خلفية فرض ضرائب على شركة «أمازون» العملاقة سؤالاً ملحّاً يرتبط بالعلاقة بين الدول، وهؤلاء اللاعبين العالميين الأربعة الجدد، الذين يرمز لهم بالأحرف (غافا) GAFA، والمشتق من الأسماء الأولى لمحركات البحث والمواقع (غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون)، وهي كلها شركات لا تتعامل بالسلع المادية، وتمكنت من تجنب الوقوع في فخ الاقتصادات الوطنية، وهي تستخدم نظاماً للتهرب الضريبي العالمي تأسس بموجب اتفاقيات ثنائية، أو عن طريق منظمة التجارة العالمية.

وحققت الأقطاب الأربعة من النجاح ما جعلها تحتكم لقوة مالية هائلة، ومن ثمّ، فإن التصدع الحالي ليس قائماً بين فرنسا والولايات المتحدة، ولكن بين فرنسا وهذه الشركات الأربع.

ولمناقشة هذه القضية، انطلقت حملة مفاوضات داخلية صعبة على المستوى الأوروبي الداخلي، وذلك لأن آيرلندا وهولندا على سبيل المثال، تقفان إلى جانب مجموعة «غافا» ومنحتاها إعفاء ضريبياً، وكل هذا يتعلق بالجانب المالي الذي لا يُعتبر أكثر من قطرة ماء في بحر من عوائد غافا وأرباحها.

إلا أنّ الأمر الأكثر أهمية، هو أن هذه الشركات الأربع تجاوزت كل سلطات الدول وقوانينها في بعض الأحيان حتى تتمكن من مراقبة النشاطات اليومية، والأفكار التي تتراءى لأذهان المواطنين العاديين الذين يرتبطون بها، وحتى لأولئك الذين يعملون لصالح الدول ذاتها.

ومن خلال تمكنهم من جمع «البيانات العظمى»، بات في وسعهم التأثير على الرأي العام في كل بلدان العالم، ولهذا السبب أصبح قادتها خلال فترة وجيزة من الزمن اللاعبين الأساسيين في النظام العالمي الجديد أو (اللانظام العالمي!)، ويتحدوْن النظام الدولي المبني على أساس إقامة العلاقات بين دولة ودولة.

وبالطبع، فإن هؤلاء اللاعبين الجدد ولدوا فوق التراب الأمريكي، ولا شك أن المسؤولين في الولايات المتحدة رأوا فيهم أداة يمكنها أن تساعد على تكريس التفوق الأمريكي على المستوى العالمي، ولكن، وكما اتضح من خلال نضال شركة هاواوي الصينية، فإن هذه التكنولوجيات الجديدة يمكنها أن تخدم البلدان الأم للشركات التي تعمل بها لولا أنه على الشركات أن تعتمد أيضاً على بعضها البعض من أجل الخروج باستراتيجيات عمل متطورة ومستقلة.

أخبار ذات صلة

اقتصاد الطبيعة والفرد
الصمت غير مبرر


وعند هذه النقطة، ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحلى بالحكمة أثناء سعيه لابتكار أدوات مناسبة لمراقبة وتنظيم نمو وتطور هذه التكنولوجيات الجديدة، من أجل التحكم في قوة تأثيرها على الاستقرار والأمن العالميين.