محمد زاهد غول

إقامة المنطقة الآمنة شمال سوريا إحدى القضايا التي تشغل الأمن القومي التركي لعدة سنوات، فتركيا تعاني من هجمات حدودية من المنظمات والأحزاب الكردية الطامعة بإقامة كيان كردي شمال سوريا أولاً، والخوف أن تواصل أطماعها بضم أراضٍ تركية إليها أيضاً، وهو ما ترفضه السياسة التركية بكل قوة، ومنذ اندلاع الأزمة السورية وأنقرة تحذر دول العالم وبالأخص روسيا وأمريكا برفضها تقسيم سوريا ورفضها بدرجة أكبر إقامة كيان كردي شمال سوريا، حيث حاولت الدول المحتلة لأجزاء من الأراضي السورية استغلال الوجود الكردي لصالحها بما فيها إيران وروسيا وأمريكا.تمكنت السياسة التركية من التأثير على إيران وروسيا حول الأحزاب الكردية في سوريا، ولكنها لم تتمكن من التفاهم مع أمريكا حولها، فالرؤية الأمريكية وبالأخص للبنتاغون تتعارض مع الرؤية التركية، حيث عمل البنتاغون على تزويد الأحزاب الكردية بالأسلحة الثقيلة وصنع لها اسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وراهنت عليها لإقامة كيان كردي يفصل بين الأراضي التركية والعربية بهدف إقامة قواعد عسكرية أمريكية بحماية قسد، كما أقامت روسيا قواعد لها على الساحل السوري بحماية الجيش الإيراني، ولذلك لم يبق أمام تركيا إلا التعاون مع قوات المعارضة السورية العربية لإقامة منطقة آمنة تحمي الحدود التركية أولاً، وتمنع إقامة كيان أجنبي على أراض عربية، حيث لا يوجد للأكراد أرض يقام عليها كيان كردي إلا بالاعتداء على أراضي العرب، وأخيراً فإن تركيا تسعى لإيجاد حل للاجئين السوريين على أراضيها، وقد تجاوز عددهم الأربعة ملايين، وفاقم من مشكلاتها الداخلية، وأصبحوا قضية مؤثرة على الانتخابات التركية القادمة.واصلت الحكومة التركية مفاوضاتها المتعثرة مع المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا جيمس جيفري، وأخيراً جاء تصريح الرئيس أردوغان قائلاً «إن بلاده ستقوم بعملية شرق نهر الفرات بشمال سوريا، في منطقة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وأن بلاده أبلغت روسيا والولايات المتحدة بخصوص العملية المرتقبة».

هذا يعني أن تركيا على وشك الدخول في عملية عسكرية في سوريا، ولكنها محفوفة بالمخاطر، فإذا لم يتم موافقة القوات الكردية وقوات الأسد على ذلك، فإن المعارك العسكرية لن تكون مشابهة للمعارك السابقة في درع الفرات 2016، وغصن الزيتون 2018، فهل يكون التدخل التركي الثالث استدراجاً دولياً لتركيا في سوريا؟، أم تدخلاً غير محسوب النتائج؟، لأنه ليس من السهولة أن يتراجع البنتاغون عن مخططاته في سوريا، وقد رفض الانصياع لأوامر ترامب بالانسحاب من سوريا!.

أخبار ذات صلة

اقتصاد الطبيعة والفرد
الصمت غير مبرر